Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2017

هل «يندم» نتنياهو على.. «فِعلته»؟ - محمد خروب
 
الراي - ليس المقصود بذلك، تداعيات الغارة التي شنّتها طائرات العدو الاسرائيلي على تدمر وتصدي الدفاعات الجوية السورية لهذه الطائرات, وما اعقبها من توتر سياسي ودبلوماسي وتغيير في قواعد اللعبة التي سادت طوال السنوات الست, هي عمر الازمة السورية التي وجدت فيها اسرائيل فرصة لتحقيق المزيد من الاهداف الاستراتيجية, عبر إضعاف الجيش العربي السوري، الذي اخذ الارهابيون على عاتقهم ووفق اوامر مُشغّليهم, تسريع هذه المهمة تحت ترهات تصِفهم بالثوار, وغيرها من الشعارات المضللة التي انطلت على جزء لا بأس به من الجمهورين السوري والعربي, وعندما تكشّفت الحقائق, كانت الامور توشك على الخروج على نطاق السيطرة، لكن الفشل الذي حصدوه جعل معظمهم يعود الى رشده, ويكتشف ان هدف الثورة المزعومة والثوار المُفترَضين, كان المشاركة في تدمير الدولة السورية ونشر الفوضى في ربوعها, وإراحة اسرائيل والمعسكر الاقليمي – جُلّه عربي – الذي يستعد للتحالف معها, في ما يشبه «ناتو عربي» او نسخة مُعدّلة من الحلف المقبور الذي اسموه «حلف بغداد».
 
ما علينا..
 
نتنياهو الذي بدأ زيارة رسمية للصين والذي زار خلال أقل من شهرين واشنطن وموسكو وحاليا بيجين، نجح في فرض سيناريو جديد يمكن وصفه بالانقلابي, على الساحتين السياسية والحزبية الاسرائيليتين، عبر تهديده بالذهاب الى انتخابات مبكرة، اذا لم يوافق وزير ماليته ولنقل «بيضة قبان» ائتلافه الحكومي وزعيم حزب كولانو (كلنا) موشيه كحلون, على الغاء مشروع تم التوافق عليه, لإلغاء سلطة البث (الاذاعي والتلفزيوني) وانشاء اتحاد بموازنة وطاقم موظفين جدد (تم تعيينهم) يبدأ عمله اول نيسان القريب.
 
«القضية» لا تستحق مثل هذا التهديد الدراماتيكي, الذي ادرك نتنياهو بحسّه التآمري ان غالبية اعضاء الكنيست (حتى من داخل حزبه الليكود وخصوصا في الائتلاف الفاشي القائم الان وعلى رأسهم كحلون ذاته) لا يريدون الذهاب الى انتخابات مبكرة, لإنها (الانتخابات المبكرة) كفيلة باحداث «هزّة» داخل هذه الاحزاب, على نحو يشطب بعضها او يقلِّل من عدد مقاعدها الحالية, وبالتالي يُفقدها تأثيرها وقدرتها على المشاركة في اي ائتلاف جديد.
 
من هنا، جاءت خطوة نتنياهو المفاجِئة ، لتضع «كحلون» بالذات, كونه وزيراً للمالية, والطرف الذي اصرّ على سلطة البث واقامة «هيكل جديد», في موقف لا يحسد عليه, سواء «غامر» بتحدي نتنياهو والتسبب في حل الائتلاف والذهاب الى انتخابات مبكرة, ما قد يعرضه الى نكسة كبيرة كون آخر استطلاع للرأي جرى نشره مساء الاحد, كشف ان حزبه «كولانو» الذي تمتع الان بعشرة مقاعد لن يحوز الاّ على ستة مقاعد ، فيما الليكود يبقى في المقدمة (26مقعداً)، ولن يستطيع حزب يش عتيد (يوجد مستقبل) بزعامة يئير لبيد، الفوز سوى بخمسة وعشرين مقعدا, بعد ان كان مُحلّقاً في استطلاعات الرأي السابقة ويتقدم على ليكود نتنياهو بأكثر من 4-6 مقاعد.
 
نتنياهو إذاً يلعب لعبة مزدوجة, يريد من خلالها اجبار كحلون على «الانتحار» السياسي، سواء رَفَضَ وتسبب بحل الائتلاف, ام رَضَخَ وبالتالي بدا كما ارادته سارة زوجة نتنياهو عندما كان مقربا منها قبل ان تطرده من جنتها.. «خرقة بالية»، وهنا يفقد هذا اليهودي «الليبي» المؤيد بشراسة للاستيطان ، الشعبية التي حصدها عندما شكل حزبه كولانو، وكان مفاجأة الكنيست العشرين (الحالي) بفوزه بعشرة مقاعد, مكّنته من حمل حقيبة سيادية وحساسة هي المالية, رغم طموحه تولي وزارة الخارجية.
 
يستطيع كحلون ان يذهب الى خيار آخر، عرضه عليه زعيم حزب العمل اسحق هيرتسوغ، (متحالف مع تسيبي ليفني تحت اسم المعسكر الصهيوني)، بالإنضمام اليه لتشكيل حكومة بديلة برئاسته، اي تأييد اقتراح بحجب الثقة عن حكومة نتنياهو والانخراط في مسعى لاقامة ائتلاف بديل، يدفع نتنياهو للجلوس في مقاعد المعارضة, وربما الخروج من المشهد السياسي اذا ما تم توجيه لائحة اتهام له بعد انتهاء التحقيقات الجارية الان معه حول ملفات عديدة , وخصوصا في عدم الذهاب لانتخابات مبكرة, كون حزب العمل المُعارِض سيكون الخاسر الاكبر, اذا ما جرت هذه الانتخابات حيث استطلاعات الرأي تقول ان عدد مقاعده سيهبط الى 10 مقاعد، فيما هو يتوفر الآن على 24 مقعداً.
 
الامور لم تُحسَم بعد, والمعارضون لخيار الذهاب لانتخابات مبكرة معروفون، فيما المؤيدون لخيار كهذا هم الذين يقفون الى يمين نتنياهو ويزايدون عليه, سواء حزب البيت اليهودي بزعامة الفاشي الاستيطاني نفتالي بينيت حيث سترتفع حصته (هي الآن... ثمانية) الى 13 مقعداً, كذلك حزب افيغدور ليبرمان وزير الحرب الصهيوني (اسرائيل بيتنا) سترتفع مقاعده الى 10 مقاعد, فيما يتوفر حالياً على.. ستة فقط.
 
الضجة التي احدثتها «قنبلة» نتنياهو، ما تزال تتردد اصداؤها في المشهد الحزبي والسياسي الاسرائيلي، وفيما يواصل نتنياهو زيارته الى بيجين (رئيس دولة العدو»ريفلين» في زيارة لفيتنام ايضا) ويُدلي بتصريحات تفوح منها رائحة الغطرسة والثقة المفرطة بالنفس, وبخاصة ان احدا في الساحة الحزبية لا ينافسه «جدياً» على الزعامة، فان الازمة ستبقى مفتوحة لمدة لا بأس بها, في ظل العطلة التي ستبدأها الكنيست اعتبارا من اليوم بمناسبة عيد الفصح اليهودي، والتي ستمتد الى ستة اسابيع, يستطيع نتنياهو ان «يتفرّج» على خصومه وهم «يتبلبلون» فيما هو يبحث عن خريطة جديدة من التحالفات او يستعد لخوض انتخابات مبكرة, قد تنقذه من الذهاب الى صحراء السياسة اوعزلة السجن.
 
kharroub@jpf.com.jo