Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Aug-2018

عش غولة وبيضة خفاش* رمزي الغزوي
عش غولة وبيضة خفاش* رمزي الغزوي
الدستور - 
تبادل بعض الأصدقاء التهاني بانقضاء تموز الملبد بالإشاعات التي كبلت أنفاسنا. الزميلان شفاء القضاة وحسين الخالدي أعدا يوم أمس على صدر الدستور مادة صحفية تبيّن أن 30 إشاعة راجت عبر موقع تواصلنا الاجتماعي، في شهرنا الكبيس هذا. واغفل الزميلان (عش الخفاش) المعشش في أذهان بعضنا. والعذر أنها إشاعة عابرة للأشهر، ولو أن نارها تلظت في تموز.
قبل أسبوع تواصل أحد متابعي صفحتي لأدله على عش خفاش، فأنا كما يرى ابن الأرض، وعارف طبيعتها وخبير خباياها. ضحكت قائلاً: ابشر. غالٍ والطلب رخيص. عندي عش خفاش بيضه ساخن، وفوق هذا (عش غولة) طازج، لم يقطف بعد.  
في الطرفة أن عاشقاً طلب من ساحر أن يقرب إليه فتاة تبغضه، فطلب أن يحضر ثلاث شعرات من حاجبها الأيسر، وقلامة ظفر خنصرها. فثار الشاب ثورة أشبعت الساحر ترقيصاً برأس الهراوة: أيها الماكر السافل. لو كنت قادراً على الوصول إلى حاجبها. هل ترني جئت إليك؟.
أتعجب من شيوع خزعبلات عش الخفاش، وغيرها من سفاسف الأشياء، فرغم ما صار يتمتع به مجتمعنا من معرفة ووسائل تحقق؛ إلا أن عقليتنا ما زالت تتقبل، بل وتتلهف لمثل تلكم الترهات الغبية الساذجة.
البعض يقول إنه يحتاج للعش؛ ليستخرج مادة طبية من لعاب الخفاش، تفيد في منع تجلط الدم، كون الخفاش ضليع بمص الدماء. وبعد التقصي والتمحص تبين أن الفيصل في الأمر دخول العش في متولية السحر والشعوذة. ولا تستغربوا هذا، فأكثر الكتب طلباً ومبيعاً في الوطن العربي، هي كتب الشعوذة، ويليها كتب الطبخ. ولا عزاء للشعراء والمفكرين.
الخفاش لا يبيض ولا يحتاج عشاً، بل ينام معلقاً برجليه في الكهوف؛ كي يسهل الطيران عليه. لكن السحرة الجدد يعبثون بعقولنا وسذاجتها. وسنذكر أن الوطوطة (الخفاش يسمى وطواطاً أيضاً) كانت شائعة في مجتمعنا، حيث تعمد الأم بعد الولادة أن تذبح وطواطاً، وتمسح بدمه جسم طفلتها؛ كي لا ينمو لها شعر غير المرغوب فيه، حينما تكبر.
العالم المتفتح الذي سبقنا بسنوات ضوئية، اخترع من الخفاش تكنولوجيا الرادار. فالخفاش يعتمد في طيرانه على الأمواج الصوتية، التي يطلقها ويلتقطها؛ فتحدد له مساره، وتمنعه من أن يصطدم بالأشياء.
لو أن الراكضين وراء الخفافيش وأعشاشها يصنعون لنا ما يمنع تجلط دمائنا، لقلنا بها ونعمت. إنما كيف لمن ما زالت تعشش في رأسه غولة الخرافة أن يتنفس آفاقاً جديدة في الحياة فيعمرها ويثريها؟.