Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Sep-2017

دخول الأطفال مستنقعات التدخين .. من يعلق الجرس؟ - حيدر المجالي
 
الراي - منظر مؤلم ان ترى طفلا في العاشرة من عمره يدخل دكانا صغيرا ليشتري بدل الحلوى سيجارة (فرط) بعشرة قروش، لا يهمه النوع، بقدر إهتمامه بانه يستحوذها ويضعها بين أصبعيه، ويسحب منها جرعة وهو يشعر بأنه أصبح رجلاً.
 
والمؤلم أكثر حين ترى طلبة مدارس في الصفوف الإبتدائية الدنيا، يُدخنون على أرجيلة واحدة، بعد أن نفّذوا هروباً ناجحاً من مدارسهم.
 
في المقابل يُحزنك تاجر بقالة صغيرة يبيع الأطفال لفافات تبغ قاتلة، مقابل أن يكسب قرشا أو قرشين، متناسيا أنه يُساهم في تدمير الأطفال ودفعهم لمعاقرة السجائر حد الإدمان.
 
تلك جريمة مجتمعية بشعة، يشترك فيها المنتج والبائع والأسرة والمجتمع في آن معا؛ فالطفل ضحية عادات سلبية بدأت تنتشر وتتسع قاعدتها بصورة تُنذر بالخطر، لهدم بنية المجتمع، والمساهمة في إنحراف الأحداث، من خلال مصيدة التدخين، التي تفشت في المجتمع المدرسي.
 
الأطفال بفطرتهم يُقلدون الكبار، وخاصّة الآباء، وحين يرى الطفل والده يشعل سيجارة امامه، فإن ذلك يثير فضوله ليخوض التجربة من باب تقليد الأبناء للآباء، وقد تكون التجربة بداية لدخول الطفل عالم التدخين.
 
قد يشجع بعض الآباء اطفالهم على التدخين على سبيل المزاح والمداعبة، لكنهم لا يعلمون بأنهم يقدمون لهم دعوة مجانية للتعلق بالتدخين في عمر مبكر.
 
ثمة تناقضات بين العقوبات التي وردت في قانون الصحة العامة، التي تمنع بيع السجائر أو مشتقات التدخين للأطفال ممن هم دون السن القانوني، وبين قانون الإستثمار والصناعة، الذي يسمح بإقامة مصانع للسجائر والمعسل، ومنح تراخيص لبيع الأراجيل والسجائر والتنباك، ومستلزمات المدُخن.
 
عندما يكون التشجيع لإصطياد الأطفال في شباك التدخين دون رقابة، فذلك دعوة لتعريض جيل بأكمله للوقوع في الإدمان.
 
إذ من اللافت أن ظاهرة بيع المعسل والسجائر للأطفال، وإزدياد عدد المحلات المتخصصة بالبيع أصبحت منتشرة، في ظل التجاهل المتعمد للقانون؛ لا سيما أن بيع سجائر الفرط أكثر ربحا من بيع العلب المغلفة، كما أن بعض المقاهي تسمح بدخول أطفال إليها وتقدم لهم الأرجيلة وهم يعلمون بأنهم يخالفون القانون.
 
المسؤولية الكبرى تقع على كاهل الأسر التي تشجع أطفالها على تدخين السجائر أو الأرجيلة بصورة مباشرة أو غير مباشرة؛ عندما يرى الأب أو الأم أبنهم ذا الثلاثة عشر عاما يدخن الأرجيلة، تكون ردة الفعل ضعيفة وليست رادعة، وهذا ينسحب على السيجارة، كما أن إعطاء المصروف الزائد بدون رقابة، يشكل خطرا لبلوغ الأطفال حد الأدمان على التدخين..
 
لم تعد التحذيرات من مخاطر التدخين تجدي نفعا مع جمهور المدمنين، دون أن يكون ثمة عقوبات بحق المخالفين، خاصة على الذين يستغلون الأطفال، حتى يلجأون الى متاهات التدخين ومستنقعاته، وهم في زهرة شبابهم وطفولتهم؛ أضف إلى ذلك الشركات التي تبيع هذه السموم، فإنها تمارس فنون دعاية غير مباشرة، من خلال المسلسلات والبرامج الوثائقية، ما يؤثر على تغيير قناعات صغار السن، ومن ثم الوقوع في حبائل التبغ السام بمختلف أنواعه وألوانه، وقد يمتد لأكبر من ذلك للدخول في مستنقعات المخدرات.
 
الدولة تضع تشريعات وتعليمات مقيدة على صناعة التبغ وتجارته، لكنها تتراخى عن التطبيق الفعلي، لأنها ببساطة تستفيد من الضرائب الهائلة التي يدفعها المنتجون لخزينة الدولة، متناسين ان الأضرار أكبر بكثير من المنافع لأن فاتورة علاج الأمراض الناشئة عن التدخين باهضة، خاصة أمراض السرطان وداء الرئة الإنسدادي وغيرها..
 
حماية اطفالنا من مضار التدخين مسؤولية مجتمعية، كما أن محاربة تجارة التدخين، التي أصبحت في تزايد مستمر، مسؤولية وطنية كذلك، فلم تعد الملصقات، والمنشورات، والندوات وحدها كافية للحد من أضرار السيجارة، بل ان الأمن الصحي يحتم ان نطبق العقوبات الرادعة وتغليظ بعضها، مع السير بنهج وقائي إعلامي منتج، يرقى في تعاطيه مع المشكلة، من الطرق التقليدية القديمة إلى نهج راسخ يخاطب العقل والقلب في آن معا..
 
ربما تكون مقالة الأميرة دينا مرعد التي نشرتها في الرأي بتاريخ 5 /6 /2017 تنذر بالخطر، بصورة مباشرة وبدون مجاملات، إذ علقت الجرس منذرة بخطر يتهدد مجتمعنا بصورة كبيرة، وبات يتغلغل فيه ليطال مختلف الاعمار من الجنسين، لدرجة أن بعض الاطفال أصيب فعلا بالإدمان، فراح يبحث عن أساليب وطرائق، لممارسة إدمانه في أي مكان وعند أي شخص، بعيدا عن رقابة الأسرة الهشة أصلا..
 
الأميرة وجّهت أصابع الإتهام في مقالتها للحيتان الكبار، الذين يريدون أن يُوصموا الأطفال بالحبر الأسود، وهم ينعمون في جزرهم ومنتجعاتهم.
 
كما جاءت إشارتها للخطط المدروسة والممنهجة والممولة للإيقاع بضحاياهم، من سن الطفولة وحتى سن السادسة والعشرين، لهو أمر يحتاج إلى ثورة بيضاء على تجار السم هؤلاء.
 
أكثر من مليار دينار تُحرق كل عام، ويتبعها مليارات نفقات علاج لحالات مرضية، من أبرز أسبابها التدخين.
 
تلك تناقضات بين حالة إنفاق لضرر، وإنفاق لدفع الضرر، تماما كمن يشتري السجائر فينفث سمومها بإستمتاع، ثم يدوس عليها بقدمه، او يغمسها في التراب.
 
نحن أمام خطر داهم، أبطاله الرئيسيون هم الشركات المنتجة والتجار، ثم ضعف رقابة الأسرة والجهات الرسمية، وعدم تفعيل القانون.. فمن يعلق الجرس؟!