Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-May-2017

بين التاريخ المجيد والتاريخ الجديد - د. فايز الربيع
 
الراي - بدأت اقلّب صفحات التاريخ, أقصد تاريخنا كأمة, وأقف عند مفاصلها, كيف تكونت هذه الأمة, و كيف صنعت تاريخها, والمعلوم ان التاريخ يصنع, ثم يكتب, و صناعة التاريخ, أمر تشترك فيه مكونات الأمة قيادة و مجتمعا, و تتناسب قوة هذا التاريخ, بحجم التضحيات التي قدمت لصناعته, إيمانا بالهدف, و أخذا بالوسائل, و اصرارا على الوصول الى الهدف.
 
و الأجيال عبر تاريخها تقرأ هذا التاريخ, و لكن هناك فرق بين, من يسكن التاريخ, و يكتفي بالعيش في أجواء بطولاته و انجازاته, وبين من ياخذ منه العبرة لصناعة تاريخ جديد, و القرآن الكريم عندما تحدث عن تاريخ الأمم لم يتحدث عنها من أجل التسلية و انما من اجل العبرة حيث قال تعالى ( ان في قصصهم لعبرة لأولي الألباب).
 
مخطئ من يظن أن التاريخ لا تحكمه قوانين, فالتاريخ محكوم بقوانين, كما الفيزياء و الكيمياء و غيرها, (ولن تجد لسنة الله تحويلا), قوانين التاريخ تقول ان الايام مداولة بين الناس (و تلك الأيام نداولها بين الناس) و لم يقل بين المسلمين أو العرب, من يمتلك ناصية القوة و العمارة و يقوم بمهمة الاستخلاف يحق له ان يتربع على قيادة العالم, محكوما بالعدل, فالأمة مهما كان دينها ومذهبها تنتصر بالعدل, وفي نفس القياس اي أمة ظالمة, او قيادتها ظالمة تنهزم بالظلم, ولا حصانة لكونها, مسلمة, فالإسلام لا يعطي الأمة الحصانة, لمجرد الانتساب اليه, بل بالعمل بمقتضياته, بعمارة الأرض, و إقامة العدل, وامتلاك ناصية القوة, ومن هنا, قرن الله في سورة الحديد, الذي فيه بأس شديد و منافع للناس, و بين حماية الحق و العدل و الايمان, و عندما عرف المسلمون واستفادوا من الحديد، صنعوا الاساطيل، وعندما ابتعدنا عن ذلك، برعنا في صناعة المساطيل، و كذا عندما حث الاسلام على الشورى، و جاءت سورة باسم سورة الشورى، لتؤكد أن الحكم العادل مرتبط بالشورى، ونحن نقرأ هذه السورة، وكأن الشورى، امر ماضٍ، او عند الجيران، لاعلاقة لنا به في شؤون الحكم.
 
و اقسم القرآن بأداة العلم وهي القلم، وأعلى من شأن العلم و العلماء، وأصبح بيننا و بين العلم، و بيننا و بين الغرب، مسافات، و اصبحت نسبة الامية اعلى عندنا، مع ان اول آية نزلت في القرآن كانت آية ( أقرأ ) و العلم مصدر نهضة الامة، وحياتها.
 
الذين يريدون ان يحيلوا بيننا و بين تاريخنا، لم يصنعو لنا تاريخاً جديداً، و هذه الامة لها مفتاح نهضة و حضارة، كما أن لكل امة مفتاحها، و نعرّج على التاريخ الجديد، ما الذي صنعناه، و ماذا ستكتب الاجيال، للاجيال اللاحقة، مايدور الان يكتب بدمائنا، ليس من اجل ان نصنع تاريخنا، وانما من اجل ان نجهز على ماتبقى من مقدرات الامة، في الحروب، هناك قاعدة، يسير عليها الغرب الان اسمها (الحرب الصفرية)، و هي الحرب التي لا يخسر فيها الغرب قوات و افراد، وانما وقودها ابناء المنطقة و هي الحرب الطائفية و المذهبية و العرقية التي يجري تنفيذها في العراق و سوريا و اليمن، وهي المواجهة بين ابناء الامة.
 
النصيحة التي نقدمها لمن يقف على تلة القرار، هذه الامة يجب اني تعي تاريخها، و كيف صنع، وكيف تم الاجهاز عليها، في اكثر من مرة، و لكنها قامت و نهضت، لانها امة كتب لها ان لا تموت، لان لديها مخزون المرتكزات الذي لا بد ان تنهض به، القيادة و الامة، و تراكم الانجاز، التاريخ حركة متطورة، و الامة تصنعه و لابد لاجيالنا ان تعيه، و يقرأوه، كي يتمثلوه ربما ان التاريخ يعيد نفسه مقولة صحيحة، سواء في الاتجاه الصاعد او الاتجاه الهابط، الم نقل ان هناك ( قانون التاريخ ) كما لغيره من مكونات الحياة، فالحياة يصنعها من يريد ان يعيش، و ربما عيشنا، يكون بتضحياتها، وادراك مكان القوة لدينا.