Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Mar-2018

احتلال عِفرين: عندما يتحالف «العثمانيون» و«التكفيريِّون» - محمد خروب

 الراي - العَلَم التركي يُرفرف في عفرين المحتلّة، ودبابات الاحتلال التركي تُسقِط تمثال «كاوا الحداد» (أحد أبطال الرواية الكردية التي تقول:

ان كاوا أنهى ظُلماً تعرض له الكرد على يد ملك فارسي يدعى ازديهاك, وكان الأخير يأكل أدمغة اطفال الكرد بسبب مرض أصابه، فقدّم له «كاوا»
دماغ «خروف» بدلاً من دماغ ابنته، ما تسبّب للملك لعنَة أنبتت أفاعي في كتفيه، وبعدها سار باقي الكرد على نهج «كاوا» وقدّموا ادمغة خرافاً بدلاً من أدمغة أبنائهم, الذين هرّبوهم الى «كاوا» في الجبال، فاستغل الاخير هذا العدد الغفير من الاطفال, لتكوين جيش منهم تمكّن من القضاء على الملك الظالِم, وأوصل رسالة النصر عبر البلاد, عن طريق إشعال النيران على رؤوس الجبال.. وتحوّل إشعال الكرد النيران على رؤوس الجبال والمرتفعات, الى أُسطورة وتقليد يسبِق احتفالات عيد النيروز لديهم).
نقول :في تقليد «عثماني» جديد للمحتّل الاميركي, الذي سارَع لإسقاط «تمثال» صدام حسين عند اجتياحه بغداد، في سلوك انتقامي فجّ وديماغوجي، يُدرك العثمانيون الجدد انهم سيدفعون ثمن احتلالهم للشمال السوري ( هذا الإحتلال الذي لن يطول.. كما يتوهّمون) أكثر فداحة مما دفعه الاميركيون بعد احتلالهم العراق, الذي شكّل لهم- مع افغانستان – جرحا اعمق واكثر تأثيرا على دورهم العالمي, مما كانت حالهم عليه بعد هزيمتهم المدوّية في فيتنام, والذي قال جورج بوش الاب عنها بعد حرب الخليج الاولى (عاصفة الصحراء او حرب تحرير الكويت): أننا «دفنّا» هزيمة فيتنام في الصحراء العربية.
من شاهَد مرتزقة انقرة من التكفيريين, الذين حاولت إخفاء هويتهم تحت مسمى (الجيش «الوطني» السوري) وهم يعيثون فسادا وتخريبا ونهبا لمنازل وسيارات ومتاجر ومخازن مدينة عفرين، وبعضهم «حُفاة» اقرب الى الرعاع منهم الى جنود محترفين او ملتزمين تعليمات مُشغِّليهم الاتراك، لاحظ ان «الرسالة» التركية في هذا الشأن مُزدوجة: نحن الاسياد وهؤلاء هم «خدمنا» , هُم الذين يقومون بهذه الاعمال القذِرة, فيما نحن نُراقب المشهد ولا نتدخل, لان هذا شأن «سوري». وهي لعبة استعمارية قديمة ومعروفة, مارَسها كل الغزاة الذين اجتاحوا المنطقة عبر التاريخ ومنهم العثمانيون (القدامى), لكن العثمانيين الجدد لم يسألوا انفسهم سؤال التاريخ الذي لا يريدون استخلاص عِبره وهو: اين انتهى هؤلاء المحتلّون والمستعمِرون؟ وهل خرجوا او أُخرجوا من مزبلة التاريخ التي استقروا فيها؟.
ما علينا..
عيْن الرئيس التركي اردوغان, بعد ان زفّ البشرى لأنصاره بان «العلم التركي يرتفع في عفرين», بعد ان «صفَعنا» الذين ظنّوا بانهم نجحوا في تأسيس حزام إرهابي على حدودنا... مُوجّهة الان (عيْن اردوغان) نحو مدينة منبج وربما ما بعدها, على ما اعلن اكثر من مرة وهو شرق الفرات وصولا للحدود العراقية. هذا «حُلم» عثماني يصعب تحقيقه بدون موافقة وتواطؤ شريكته الاطلسية الولايات المتحدة, التي ما تزال حتى اللحظة هي «المُشغّل الحصري» لمرتزقة لقوات حماية الشعب الكردية, التي لا يقِلّ دورها في إسقاط عفرين وريفها, عن دور الغزاة الاتراك ومرتزقتهم في جيش سوريا «الوطني» (...) وجلّهم تكفيريون, قامت انقرة بتجميعهم من بقايا داعش والنصرة وأحرار الشام وغيرهم من التنظيمات الجهادية والاسلاموية (الاخوان المسلمين), ووفّرت لهم الملاذات الآمنة والتدريب خلال التحضير للغزوة الاولى التي حملت اسم «درع الفرات» وتاليا في الغزو الثاني الذي أُطلقوا عليه مسمّى.. «غصن الزيتون».
كرد سوريا الذين استظلّوا راية الغزاة الاميركيين ووضعوا انفسهم في خدمتهم، رغم خذلانهم لهم وتنصّلهم من «عفرين», وتركها – وتركهم ايضا – وحيدين في مواجهة الغزو التركي، رفضوا بغطرسة وغباء كل المحاولات التي بذلها الجانب الروسي لإقناعهم بتسليم عفرين للجيش العربي السوري، وظنّوا لفرط ثقتهم وغرورهم, انهم قادرون على مواجهة جيش العثمانيين الجدّد ومرتزقتهم, وعندما بدأت نذر هزيمتهم تلوح في الافق حاولوا الاستنجاد بقوات الشرعية السورية, لكن «استذكاءهم» خذلهم مرة اخرى, فليس هكذا يُدحر الجيش الغازي وتتم مواجهته.
فخسروا رهاناتهم وكان الشعب السوري في عفرين وريفها.. كُرده وعَربه على حد سواء, هو الذي دفع ثمن هذا الغرور والسذاجة التي هم عليها قادة قوات حماية الشعب الكردية, الذين باتو بعد تضحيتهم المجّانِية بعفرين, يُحمّلون مسؤولية هزيمتهم لموسكو ودمشق, دون ان يتوفروا على شجاعة الاعتذار وابداء فعل الندم على ما ارتكبوه بحق شعبهم ودولتهم السورية.
ليس مبالغة القول: ان ما بعد احتلال عفرين ليس ما قبله. فالمساحة التي بات الغزاة العثمانيون يحتلّونها كبيرة واستراتيجية, يصعب على الحكومة السورية بل وحليفيها الروسي والإيراني القبول او التسليم بها كأمر واقع, وبخاصة اذا ما تواطأ الاميركيون لاحقاً معهم, وسهّلوا لجيشهم الغازي مهمة الوصول الى منبج, او حاول الغزاة الأتراك تغيير الوقائع الميدانية في ريفي حماة وحلب الشمالي. الامر الذي سيُسهم بل يُسرِّع في اندلاع مواجهة محتومة بين الجيش السوري والقوات الرديفة والحليفة, وبين الجيش العثماني الغازي. عندها ستنهار كثير من المعادلات والتحالفات والمسارات القائمة الآن, وتدخل الازمة السورية منعطفا جديدا, نحسب ان انقرة ستكون اول من يدفع ثمن الحماقات والإرتكابات التي قارفتها في سوريا طوال السنوات السبع الماضية حتى احتلالها الحالي.. مدينة عفرين, التي اتّبعت في احتلالها سياسة الأرض المحروقة, ليس فقط لتدميرها بل وأيضاً لتهجير سكانها, تمهيدا لإحداث تغيير ديموغرافي عميق فيها.