Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Sep-2014

عبّاس و"الخطة" البديلة*د.احمد جميل عزم

الغد-في الصحافة قاعدة مفادها أنّ الجمهور يقرأ ويتفاعل مع ما يعرفه أكثر من أي شيء آخر. وهو أمر يبدو غريباً، لكنه صحيح؛ فالناس عندما تترقب خبرا أو حدثا معينا وتتابعه، وتنتظره، وناقشت تفاصيله، تكون قد دخلت حالة ترقّب وتحفّز، وبالتالي عندما ترى الخبر في الصحافة والإعلام تُقبل عليه. وهذا يمكن أن يكون نبأ اتفاقية سياسية، أو فوز شخص بالرئاسة، أو سقوطه، أو حتى نتيجة مباراة كرة قدم؛ يتابعها القارئ ويبحث عمّا كتب عنها، أو يبحث عن برنامج تلفزيوني بشأنها، مع أنه شاهدها بنفسه.
ربما شيء شبيه يحدث في خطاب الرئيس محمود عبّاس في الأمم المتحدة. ولكن هناك نوع من المفاجأة، لأن هذا الخطاب لا ينسجم مع تصريحات سابقة للرئيس، ولأنّ السؤال عن "ماذا بعد؟" لم تتم الإجابة عنه حقّاً حتى الآن.
لقد خاطب الرئيس عبّاس في خطابه في الأمم المتّحدة، العالم بشكل جديد، كان الشارع الفلسطيني يتوق إليه طوال الأشهر الفائتة. وهو خطاب يعبّر عن النبض الشعبي، وطبيعي أن يستفزّ الجانبين الإسرائيلي والأميركي، لأنه ببساطة يقول الحقائق المعروفة، ويتحدث بجمل بسيطة ومباشرة عمّا كان يدور في خَلَدِ كثيرين. فكلما كان يُذكر أمن إسرائيل والإسرائيليين، كان السؤال الذي يبرز أمام المشاهدين والفلسطينيين، ولا يجد في كثير من الأحيان من يعبر عنه، هو: "ماذا عن أمن وحياة وماضي ومستقبل الفلسطينيين؟". وهذا ما قاله عباس، وهو يتحدث عمّا سماه "عصابات المستوطنين"، "والمستوطنين الفاشيين"؛ بل إنّه تجاوز خطاً أحمر ينصح كثير من الإعلاميين الخبراء الأشد إخلاصاً لفلسطين بأن لا يتم الاقتراب منه، وهو "المحرقة النازية"، إذ ربط بين حرق الفتى المقدسي محمد أبو خضير حيّا، وتلك المحارق، وذكر النكبة ووصفها بأنها مستمرة. بل وقام بشيء يزعج حكومة بنيامين نتنياهو بشكل كبير، لأنها تريد الربط بين "حماس" و"داعش" واعتبارهما شيئا واحدا، فيما أبو مازن تحدث بالحقيقة عن وضع تنظيم "داعش" و"إسرائيل" في كفة واحدة، وهو يصف الأخيرة بأنها "دفيئة" للكراهية والإرهاب، وبشكل أو آخر جزء من حاضنة أدت إلى "جرائم داعش الوحشية والدنيئة"، وأنّ القضاء على الإرهاب يتطلب القضاء على الاحتلال.
لكن أبو مازن تحدث عن أن المفاوضات فشلت، وأنّه من المستحيل العودة إلى "شيء ثبت فشله"، ومن المستحيل العودة إلى دوّامة المفاوضات التي تفرض إسرائيل نتائجها سلفا بالمستوطنات. وطرح ضرورة تبني الأمم المتحدة ومجلس الأمن لجدول زمني، يتضمن موعد إنهاء الاحتلال (للأراضي المحتلة العام 1967)، وتحديد أسس الحل، على أن تبدأ بعد هذا مفاوضات لترسيم الحدود، والتوصل إلى اتفاق سلام شامل. وبهذا يقول أبو مازن إنّ بديل المفاوضات هو المفاوضات.
هذا يطرح ثلاث أسئلة، متشابهة: أولها، هل سيكون خطاب الرئيس أبو مازن مرحلة جديدة مختلفة في العمل الدبلوماسي والسياسي الفلسطيني، وكيف؟
السؤال الثاني: لنفترض، وهو المرجح جداً، أن مجلس الأمن لن يقر القرار المطلوب، فما هي الخطة المطلوبة، أو الخطة البديلة للتفاوض؟ بل إنّ الإصرار على مسار مفاوضات بديلة، سيقود إلى رد فعل أميركي وإسرائيلي، سنرى الآن إن كان سيأخذ ربما شكل عقوبات أميركية. وواقع الأمر أنّ بدء الحديث عن خطة بديلة عن مسار قرار مجلس الأمن، وقرارات الأمم المتحدة، سيكون ورقة قوية أثناء الحملة الدبلوماسية المفترضة القريبة، لاستصدار قرارات.
السؤال الثالث، وهو يرتبط بالثاني أيضاً: ماذا لو تم التوصل إلى آلية ترضي المطلب الفلسطيني، والعودة لمفاوضات مختلفة هذا المرة، من حيث إطارها ومرجعياتها، ولكنها لم تؤد إلى شيء أيضاً وبقي الموقف الإسرائيلي يضع عقبات، وبقيت نتائج المفاوضات ذاتها حتى وإنْ اختلف شكلها، وبقي استئناف الاستيطان قائماً؛ فما هي الخطة البديلة للتحرك؟
أجاب خطاب عباس عن مجموعة أسئلة مهمة في ذهن الإنسان الفلسطيني. ولكن هناك أيضاً سؤال ملح آخر، وهو: "كيف ستتم تعبئة الإنسان الفلسطيني ليساهم في تحرير بلاده وتحقيق حقوقه؟"؛ ما هي الخطة لذلك، وكيف سيتم التوفيق بين هذا المطلب وتعقيدات وضع والتزامات السلطة الفلسطينية؟ فإجابة هذا السؤال تُكسب أي تحرك دبلوماسي زخماً إضافيّاً.