Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2019

إذا حصل العرب علی 20 مقعدا - دمتري شومسكي
ھآرتس
 
الغد- الخطاب العام في مسألة التصویت لمواطني إسرائیل الفلسطینیین في الانتخابات للكنیست
محاصر في اطار نقاش ثنائي القطبیة وبسیط جدا. في حین أن المشاركة الجماھیریة للمواطنین
العرب في الانتخابات، التي لم نشھدھا في أي یوم تطرح على الأغلب كإشارة على التخلي عن
الھویة الوطنیة الفلسطینیة في صالح الأسرلة، فإن الدعوة لمقاطعة الانتخابات تعتبر تعبیرا
أصیلا لزیادة الوعي الوطني الفلسطیني. ولكن مقابل التعقید الذي میز وضع الشعب الفلسطیني
في بدایة العقد الثامن لفقدان وطنھ القومي، یبدو أن القطبیة النمطیة من ھذا النوع بین الفلسطینیة
والإسرائیلیة تقتضي اعادة الفحص.
سنبدأ من أنھ بصورة متناقضة إلى حد ما، الدولة التي قامت على أنقاض المجتمع الفلسطیني
والتي أدت إلى النكبة، توفر الآن بدون قصد لجزء من الشعب الفلسطیني الوسیلة الثابتة والأكثر
نجاعة لمواصلة التمسك بجزء من وطنھ. القصد ھو المواطنة الإسرائیلیة. أجل، بفضلھا العرب
في إسرائیل محصنین الآن من الطرد من الوطن، الأمر الذي لا یمكن قولھ بالطبع عن
فلسطینیي 1967.
إضافة إلى ذلك، لأن الدولة الإسرائیلیة التي تحتل اراضي فلسطین وتمنع عودة الفلسطینیین إلى
وطنھم، تلعب بطبیعة الحال دور حاسم في حیاة الشعب الفلسطیني، فإن واقع المواطنة
الإسرائیلیة النشطة، التي لیس من الصحیح أنھا من الخصائص الاساسیة للأسرلة- یمكنھا أن
تمكن الفلسطینیین الإسرائیلیین من التأثیر بصورة جوھریة على مستقبل الشعب الفلسطیني كلھ.
في ھذه النقطة تصعب المبالغة في أھمیة التصویت للكنیست. لنتخیل أن القائمة المشتركة لا
تتفكك، بل تتبلور من جدید إلى حزب وطني فلسطیني موحد. المواطنون الفلسطینیون یصوتون
لصالحھا بجموعھم، والحزب الجدید یحصل على عشرین مقعدا.
بتعاون مع الحزب الوطني الفلسطیني یتم تشكیل حكومة یسار شجاعة، تتوصل إلى اتفاق
سیاسي مع السلطة الفلسطینیة على تقسیم البلاد إلى دولتین، من خلال تفكیك كامل لمشروع
الاستیطان القمعي. الشعب الفلسطیني یحظى بتحرر قومي في جزء من وطنھ، وھذا ھو المدھش
جدا، بفضل ھذه الأسرلة للمواطنین الفلسطینیین، الموصوفة كنقیض للنشاط القومي الفلسطیني.
من المعقول حقا الافتراض أن سیناریو كھذا لن یثیر حماسة زائدة في اوساط عدد كبیر من
مواطني إسرائیل الفلسطینیین الذین لدیھم وعي وطني عمیق. سیقولون على الاغلب أن الامر
یتعلق بنموذج مثل أوسلو، التخلي عن فلسطینیي الـ 1948 ،ومصالحھم كأقلیة قومیة لصالح
رعایا الدولة الیھودیة، التي في لحظة التوصل إلى تسویة سیتم وضع جانبا كل مطلب لھم
لتجسید حقوق وطنیة جماعیة لھم، بزعم أن حقوقھم الوطنیة یجب أن یطالبوا بھا فقط في الدولة
القومیة الفلسطینیة.
ولكن الحقیقة ھي أنھ لیس ھناك طریقة لتقویم مظالم 1948 سوى تلك الطریقة التي تمر بإنھاء
احتلال 1967 على اساس الاعتراف المتبادل الكامل بین القومیة الصھیونیة والقومیة
الفلسطینیة، من خلال المساواة في حق تقریر المصیر القومي بین النھر والبحر، حیث أن
الاستعداد القومي للفلسطینیین معدومي حقوق المواطنة في مناطق 1967 واستمرار النزاع
القومي النازف مع الحركة الوطنیة الفلسطینیة، تنعكس بصورة واضحة سلبا على مكانة
الفلسطینیین مواطني إسرائیل من خلال تعمیق شیطنتھم وتشجیع العنصریة تجاھھم.
في المقابل، من یعتقد أنھ یمكن التوصل إلى مساواة حقیقیة بین القومیة الیھودیة والقومیة
الفلسطینیة في اطار دولة واحدة، یخطئ بوھم خطیر. حیث أن ذلك سیكون كیان استیطاني
ضمي، دولة قانون القومیة، الذي یحدد نھائیا المكانة المتدنیة للمواطنین الفلسطینیین في الطابق
السفلي في مبنى المواطنة الإسرائیلیة.
دولة كھذه، في خلاف قطبي لنبوءات الغضب لبیني موریس، الذي یتصور الإسرائیلیین الذین
في أیدیھم آلة عسكریة من افضل الآلات تطورا في العالم، كأقلیة مضطھدة، ستحول السكان
الفلسطینیین إلى مجموعة قومیة مقموعة أكثر من أي وقت مضى، وستضطر بمعظمھا، بعد حرب اھلیة دمویة، إلى الھجرة من وطنھا.
في المقابل، الدولة التي ستخرج من المعركة امام مشروع الاحتلال والاستیطان منتصرة، بعد
ضربة قاضیة ستوقعھا على رأس القومیة المتطرفة الیھودیة المسیحانیة، سیكون بالامكان البدء
في محو التشریع العنصري من كتاب القوانین الإسرائیلیة، والبدء من جدید في اعادة بناء الدولة
الإسرائیلیة التي ستدمج بین الھویة الیھودیة والمساواة المدنیة والقومیة في اوساط كل مواطنیھا.
صحیح، من اجل أن یتحول ھذا السیناریو الخیالي إلى حقیقة سیكون على مواطني إسرائیل
الفلسطینیین أن یوافقوا على حسم داخلي وطني صعب، الرؤیا التي بموجبھا دولة إسرائیل، رغم
أنھا قامت خلافا لرغبة الفلسطینیین وسلبت منھم وطنھم، ستعبر عن مبدأ عادل لتقریر المصیر
القومي للشعب الیھودي.
من اجل حدوث ذلك یجب على معظم الیھود أن یثبتوا للفلسطینیین بأن حق تقریر المصیر
القومي للیھود لا یشمل أي جزء، حتى لو صغیر، من الھیمنة القومیة، بل یمكنھ أن یتعایش تحت
سقف واحد مع حقوق الاقلیة القومیة للمواطنین الفلسطینیین، الذین لھم أیضا الحق الكامل في
تقریر المصیر القومي- الثقافي في الدولة الإسرائیلیة المدنیة والیھودیة اللیبرالیة؛ دولة تعترف
بمسؤولیة الحركة الصھیونیة على مظالم الماضي وتعمل بإخلاص وبجدیة على اصلاح ما یمكن
اصلاحھ، بما في ذلك دفع التعویضات لعائلات اللاجئین في الداخل الذین فقدوا بیوتھم واملاكھم
في زمن النكبة؛ التمییز لصالح الفلسطینیین في الحاضر، وكذلك الاستعداد لاستیعاب عدد محدود
وبشكل تدریجي من احفاد اللاجئین في إسرائیل، بصیغة ما وافق علیھ اھود اولمرت في
”انابولیس“.
ولكن الشرط المسبق والاساسي لتحقق ھذا السیناریو ھو أن مواطني إسرائیل الفلسطینیین
یتحركون بأعداد كبیرة نحو صنادیق الاقتراع. ھذا التطور من جانبھم ممكن، لكن فقط اذا
اعترفت الاقلیة القومیة الفلسطینیة في إسرائیل بأن الأسرلة، كعملیة للمشاركة المتزایدة
للفلسطینیین في تحدید صورة وطابع إسرائیل – لیس فقط أنھا لا تناقض المصالح القومیة
للشعب الفلسطیني، بل العكس، تشكل احد الادوات الاساسیة من اجل تحقیق ھذه المصالح