Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Nov-2017

البطل .. - عبدالهادي راجي المجالي

الراي - جاء (جورج وسوف ) إلى الأردن , واستقبل كما زعيم ومحرر ...الفيديو الذي تم تداوله على وسائل التواصل الإجتماعي , يظهر مجموعة من المرافقين والحرس والعشرات من المعجبين يتهافتون على (سلطان الطرب) ..ولشدة الزحام احتاج البطل المغوار إلى ما يقارب (20 (دقيقة حتى يدخل من باب الفندق .

وقد تعالت الهتافات وأحدهم صرخ قائلا :- (أبو وديع خذ من عمري) ..وتم الإعتداء على معجب أعاق مسير المغوار , أثناء دخوله الفندق ...وقد أحصيت (17 (كاميرا تلفزيونية وعشرات المصورين , وعشرات الأضواء ...وما لايقل عن (15 (مرافقا لحماية البطل , يسمونهم (بودي جارد) ...
(بوب مارلي ) هو فنان إنجليزي من أم (جامايكية) , أسس موسيقى إسمها (الريغيه) والسبب في شهرته , ليست الأغاني التي غناها , وإنما محاربته للعنصرية ..فقد غنى للسود في فترة كانت أوروبا تعاني من العنصرية , وأمريكا للتو أقرت حركة الحقوق المدنية ومازال البعض يعارض إقرارها...وذات يوم في مدينة ليدز , دخلت على متجر وإذا (بالهيرالد تريبون) تصدر ملحقا خاصا بمناسبة الذكرى ال(25( حسب ما أذكر لوفاة هذا الفنان ...قلبته على مدار يوم كامل , وذهلت لحجم التأثير الواسع له والأغنيات التي دعت السود للوقوف ومناهضة العنصرية ..وكيف أصيب بالسرطان وأصر مع ذلك على الغناء وكانت أغلب حفلاته يذهب ريعها , إما لدعم السود ..أو لحماية الأطفال , أو للمعاقين .
نحن لدينا الصورة مختلفة , فهم يأتون لبلادنا ..من دون رسالة , ويجنون (150 (الف دولار لقاء حفلة واحدة , ومن ثم يعودون ....الرسالة التي يحملونها فقط هي المال فالمهم كم سيجني , وكأن بلدنا محطة عبور ..لكل شقيق عربي , أغلقت أمامه المطاعم التي يرتادها من اجل الغناء , فأحب أن يعوض عن نقصان المردود ...بإقامة حفلة في عمان , أو الإستثمار في إذاعة تمارس الغنج الصباحي ..وفي نهاية العام تجني (مليون دولار) من مردود الإعلانات ...
أين الحكومة عن مشاهد مثل هذه , في بلد ما زال الألوف من أبنائه , يقفون على بوابات وزراة التنمية لأجل المعونة , والألوف يأتون من القرى البعيدة إلى المدينة الطبية , لأجل موعد في الخدمات الطبية , عند عيادة تفتيت الحصى ...أين الحكومة عن مشاهد (المياصة) ..عن مجتمع يتأهب لرفع الدعم عن الخبز , وقد يؤدي هذا القرار إلى اهتزاز خطير ..إن لم نقنع الناس بضروراته والبدائل المتوفرة ..ونترك بالمقابل فئة عابثة , همها إحضار (سلطان الطرب) لأجل حفلة ..
هل هذا هو الأردن ؟ هل هذه هي شيمنا وأخلاقنا ورجولتنا وعزة نفسنا ..هل هذا هو جيل الشباب الذي تغير همه , من الإنتاج والعمل وتحقيق الذات ..إلى الهتاف لجورج وسوف على باب فندق والبكاء من أجل صورة معه ؟
لو أنه مثل (بوب مارلي ) ..مثل (الشيخ إمام) مثل ( ديميس روسز) الذي غنى بكل اللغات ..وظل وفيا للأسكندرية التي عاش صباه فيها , ووقفت اليونان كلها لوداعه حين مات ...لقلنا من حق الشباب أن يهتفوا للبطل , لكنه في النهاية فنان ...المشاكل التي أنتجها ونشرتها الصحافة , أضعاف ما غنى ...ويتقاطر جيل النشامى لاستقباله على باب المريديان ...
الحكومات ...مؤتمنة على الوجدان , ونحن أحوج ما نكون , لقانون يحمي الذائقة الوطنية ويحصن وجدان الناس من هذه التفاهات , فالبلد تتوق لمن يرفع معنويات الناس وليست بحاجة لثمل يغني على مسارحها ...ونقابة الفنانين هي الاخرى عليها مسؤولية ووطنية وأخلاقية , فهي تمنح التصاريح وتستطيع أن تحجبها ..وكان الأولى بها أن تمنع هذه الإرهاصات , فالممثل الأردني يسافر إلى رم والأغوار من أجل أن يصور مسلسلا بدويا , وقد يمضي شهرا كاملا في الغبار وفي النهاية يحصل على (3000 (دينار , ويأتي فنان انتهى في بلاده ويغني ساعة واحدة ...مع كل شروط الثمالة التي يحتاجها الهز ..ويجني (150 (الف دولار ومن ثم يغادر البلد ...
لقد كسر وجداني هذا الفيديو , حطم الصبر في داخلي , ولولا ذوق القاريء وشروط النشر لقلت ما هو أقسى من ذلك ...ولكنه وطننا , وتلك شوارعنا ...وهمم الشباب مسؤوليتنا جميعا ...وتلك المظاهر يجب أن تزول ..نحن لسنا بنكا يأتون لأجل أخذ الدولارات منه , ونحن لسنا بلدا متخلفا في الفن فما أنتجناه أكبر بكثير من ثمالة هذا أو تخبط ذاك ...
لتسمعني نقابة الفنانين مرة , وتوقف ما يحدث فهو خطيئة بحقها قبل أن يكون خطيئة بحق المجتمع ...حمانا االله .