موسى الأعرج-
-"أنا لا أٌفسّر وانما أتدبّر"-
دعونا نبدأ بأخطر نقطة عند القرءانيين وهي تأكيدهم أنه ما دام القرآن تبيانا لكل شيء فإن أى منسك لم يرد فيه تفصيل يُعتبر باطلا.
لنتتبع تعبير (كل شيء) فى القرآن الكريم لنرى هل هو كل شيء على الإطلاق أم أنه يرتبط بموضوع محدد ؟.
يقول تعالى:
- وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)
هل كل شيء هنا على إطلاقها؟هل كتب له علوم الذرة مثلا ؟أو وضع له الجدول الدورى؟بالطبع لا ولكنه كتب كل شيء يتعلق بالرسالة الموسوية.
- وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (57)
هل كانت تجبى إليهم ثمرات المناطق الإستوائية والأمريكتين مثلا؟
- وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا (12)
هل كتب هنا التقويم الشمسى أو القمرى أوأسماء البروج ومواقع النجوم؟
ونفس القول ينطبق أيضا على الآيات الآتية:-
ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)
وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)
إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)
ولنتدبرمعا الآيتين التاليتين :
تدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)
مع أن الرياح دمرت كل شيء إلاأن مساكنهم ظلت باقية تراها العين مما يؤكد أن تعبير (كل شيء)ليس على إطلاقه أبدا.
يقول الله تعالى فى سورة الأنبياء: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴿٣٠﴾
ولكن هل كل شيء حى قد خُلق من الماء حقا؟
يقول تعالى فى سورة الحجر: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ﴿٢٦﴾ وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ
واضح أن كل شيء حى لم تشمل الجان،إذن فالعبارة ليست على إطلاقها.
ونأتى لآية سورة النحل،يقول تعالى:
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)
إذا كان القرآن تبيانا لكل شيء على الإطلاق فمن المفروض أن يبين –على أقل تقدير- تفصيل كل ماورد فيه مجملا .
ولكننا نلاحظ أن هناك أمورا ذكرها الله تعالى فى القرآن ولم يبين تفصيلاتها نذكربعضها:
يقول الله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴿٣٦﴾
ذكر الله أربعة أشهر حرم ولكنه لم يسمها،فهل يعدهذا إخلالا بمفهوم تبيان كل شيء؟
ويقول الله تعالى:
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴿١٩٧﴾
انظروا أشهر معلومات،فإذا كانت معلومة فلِمَ يذكرها؟
القرآن كتاب الله لايرد فيه حرف ٌواحد بلاضرورة،الأشهر الحرم معلومة ومعروفة للناس جميعا فلاداع لذكرها.
يقول تعالى فى سورة البقرة: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿١٩٩﴾
فهل ذكر الله كيفية الإفاضة؟بالطبع لا لأن الناس جميعا كانوا يعرفون كيفية الإفاضة.
يقول الله تعالى:واذكروا الله فى أيام معدودات،فهل ذكر لنا عدد هذه الأيام ومتى تبدأومتى تنتهى؟
يقول تعالى:فلاأقسم بمواقع النجوم،فهل ذكر الله عدد وأسماء تلك المواقع فى كتابه الكريم؟
من هنا يتضح أن القرآن الكريم تبيان لكل شيء يحتاج بيانا كى يعرفه الناس.
الصلاة كانت موجودة قبل البعثة المحمدية كما كان يقيمها إبراهيم وبنوه عندما قال لربه: أرنا مناسكنا فأجابه الله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴿٧٣﴾،
كما أنه فى أول سورة نزلت من القرآن يقول تعالى أرأيت الذى ينهى عبدا إذا صلى؟بل يختتم السورة بقوله تعالى :كلالاتطعه واسجد واقترب :وهذا يؤكد أنه كانت هناك صلاة يعرفها الرسول عليه السلام ويؤديها قبل البعثة أقره الله عليها وأمره بإقامتها.
وبناء على ذلك ألايجدر بمن ينكر شعيرة ما بحجة أنها لم تُذكر فى القرآن تفصيلا أن يراجع نفسه؟.