الواقع الجديد.. صدمة حزب الله
الغد-إسرائيل هيوم
عوديد غرانوت
29/9/2024
صوت القنابل الثقيلة التي صفّت في الضاحية حسن نصر الله مع من تبقى من القيادة العليا لمنظمته، استمر لثوان قليلة فقط. لكن إحساس الارتياح يواصل بهدوء غمر الشرق الأوسط الذي ما يزال يصعب عليه تصديق ما حصل.
باستثناء الجمهورية الشيعية في طهران، التي فقدت أحد ذخائرها الأهم وتحسب الآن بفزع خطواتها التالية، لم تذرف أي دمعة في أغلبية العالم الإسلامي. ولا حتى في لبنان متعدد الطوائف الذي اختطفته منظمة حزب الله.
دعكم من المجاملة والضرائب الكلامية التي ستقال في الجنازة. بقيادة نصرالله الكاريزماتي فإن حزب الله يعد في الدول السُنية على مدى السنين كالذراع التنفيذية لإيران، والذي بواسطته تضعضع الحكم فيها. السُنة في لبنان لم ينسوا له كيف صفى رئيس وزرائهم رفيق الحريري. السعوديون يتذكرون المستشارين الذين بعث بهم كي يدرب الحوثيين في اليمن في الحرب ضدهم.
موجات الإعجاب التي رفع عليها الأمين العام بين الجماهير في العالم العربي نشأت أساسا من قدرته الخطابية، وأكثر من هذا، من التقدير المغلوط بأن إسرائيل ببساطة غير قادرة على تصفيته.
لا مفر من الاستنتاج بان نصرالله نجح في أن يقنع نفسه أيضا بانه لا يمكن الانتصار عليه وان إسرائيل ضعيفة كبيت العنكبوت. الثقة بالنفس التي فقدها في 2006، كما اعترف علنا، عادت إليه وعلى الأقل ثلاثة أخطاء ارتكبها في السنة الأخيرة حسمت مصيره.
الأول، كما يعترفون في لبنان– بأنه لم يهاجم إسرائيل بالتوازي في 8 أكتوبر، حين كانت ما تزال تحت صدمة هجمة حماس. الثاني– في أنه ربط هجماته في الشمال بوقف النار في غزة ولم يعرف كيف ينزل عن الشجرة رغم الضربات التي تلقاها ونشطائه الذين قتلوا. الخطأ الثالث – انه لم يتمكن من الفهم بان جودة المعلومات الاستخبارية التي توجد لدى إسرائيل وسمحت لها بأن تصفي الواحد تلو الآخر كل القادة القريبين منه، في نهاية المطاف ستجعل النار تحرق أطراف عباءته أيضا.
في نظرة إلى الوراء، يمكن أن نسأل إذا لم يكن ممكنا الوصول إلى تلك التصفيات وإلى تلك الإنجازات الرائعة التي سجلها الان سلاح الجو في لبنان، قبل سنة، مثلما اقترح في حينه وزير الدفاع (الذي ما يزال مرشحا للتنحية) يوآف غالنت. كان يمكن لهذا أن يوفر الكثير من المعاناة والضائقة لعشرات آلاف النازحين من الشمال.
لكن الواضح الآن هو أن الواقع الجديد الناشئ، الصدمة لحزب الله تستوجب من إسرائيل ألا تتوقف. أن تواصل الضرب وألا تغرى لتسويات وقف النار مع منظمة حزب الله، والتي ستتيح لها فقط أن ينتعش.
لأجل عمل ذلك، من المهم ردع إيران التي في الهجوم في الضاحية فقدت أيضا قائد "فيلق القدس" في لبنان. حتى وقت أخير مضى اكتفى الإيرانيون ببيانات التأييد لحزب الله وبالوعود بان المنظمة "تعرف كيف تدافع عن نفسها وحدها" – لكن في يوم الجمعة حصل شيء ما في الضاحية وطهران لن تتمكن من التسليم بخسارة فرعها العملياتي الأهم لها. رئيس الوزراء نتنياهو وإن كان حذر الإيرانيين ألا يتدخلوا، لكن الاسناد الأميركي حيوي أيضا.
شيء آخر: لبنان ليس غزة. توجد فيه حكومة انتقالية. صحيح أنها ضعيفة وتؤدي مهامها بقدر أقل، لكنها ما تزال شرعية. يوجد برلمان، جيش مدعوم من الغرب، وعلى الأقل نصف السكان يعارضون الوجود العسكري لحزب الله. تصفية نصرالله ونقطة الدرك التي توجد فيها المنظمة تستوجبان من الأميركيين والفرنسيين الحساسين لمصير لبنان أن يعززوا هذه القوى. كميل شمعون، عضو برلمان لبناني مسيحي كان أمس أول من كرر علنا مطلب نزع سلاح حزب الله.
كما أنه يمكن الأمل في أن ما حصل في الضاحية سيقنع السنوار، او من تبقى في موقع القيادة في غزة بان فقط صفقة لإعادة المخطوفين وليس حربا إقليمية فرصها أقل الآن- ستضمن ألا يكون مصيره مختلفا عن مصير حسن نصر الله.