Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Sep-2019

حروب المُسيَّرات تضيء السماء في الشرق الأوسط

 الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة

أليساندرو أردوينو* – (ذا أراب ويكلي) 31/8/2019
مرة أخرى، وبوتيرة أسرع، تتصاعد الأزمة التي تتضمن الطائرات من دون طيار في الشرق الأوسط. وبفواصل زمنية تزداد قصراً بين حادثة وما تليها، لا يقتصر عمل المركبات الجوية من دون طيار، والتي تعرف أيضاً باسم الطائرات المسيّرة، على تشبُّع المجال الجوي في مناطق النزاع فحسب، بل إنها أصبحت أهدافاً استراتيجية أيضاً.
نتيجة لذلك، أصبحت حرب الطائرات من دون طيار المزدهرة سبباً محتملاً لنشر الصراع، أو أنها يمكن أن تصبح سبباً لإعلان الحرب. وقد أظهر تفجير 24 آب (أغسطس) الذي قام به سلاح الجو الإسرائيلي للطائرات المسيرة الإيرانية التي تم نشرها في سورية كيف يمكن تحويل المسيَّرة إلى فريسة. وقد زعمت قوات الدفاع الإسرائيلية أن العديد من “الطائرات القاتلة” الإيرانية المنتشرة بالقرب من دمشق كانت على وشك أن تشارك في العمليات.
لم تمر قدرات الطائرات المسيَّرة -التي زُعم أنها من صناعة إيرانية- والتي استخدمها الحوثيون في الصراع اليمني، من دون أن يلاحظها أحد. وليس تطور المركبات الجوية غير المأهولة من كشافة جويين إلى قنابل انتحارية طائرة بالأمر الجديد، لكن التطورات الأخيرة في اليمن تُظهر زيادة حادة في كفاءة وفعالية الطائرات المسلحة من دون طيار.
وصلت حرب الحوثيين بالمسيرات إلى مستوى جديد من التطور مع إلحاق أضرار بليغة بمحطة ضخ النفط السعودية بالقرب من الرياض. وعلى سبيل المثال، طارت مسيّرة الحوثيين التي ضربت المحطة عدة مئات من الكيلومترات قبل أن تقوم بتوجيه الضربة الدقيقة.
عملت قدرات الاستهداف الأفضل، ومسافات الطيران الأطول، بالإضافة إلى الاقتصاد في الحجم، على تحويل المسيَّرات إيرانية الصنع إلى هدف استراتيجي. وبتحولها من صيادين إلى فرائس، أصبحت الطائرات من دون طيار هدفاً يجب القضاء عليه في ضربات استباقية وقائية.
في 25 آب (أغسطس)؛ أي بعد يوم واحد من الغارة الجوية التي شنها جيش الدفاع الإسرائيلي، فتحت طائرة استطلاع من دون طيار الطريق لمسيَّرة أخرى تحمل حمولة ناسفة، والتي انفجرت بالقرب من المركز الإعلامي لحزب الله في الجزء الجنوبي من بيروت.
ثم تبع هجوم المسيّرات في الضاحية المشتبه بأنه إسرائيلي بسرعة هجوم آخر شُن بطائرة من دون طيار على قوات الحشد الشعبي المدربة إيرانياً في مدينة القائم بالعراق. وفي حين أن الضربة الثانية أودت بحياة اثنين من مقاتلي قوات الحشد الشعبي، فإن الهجوم الأول ألحق أضراراً بأحد المباني فقط، لكن الرئيس اللبناني ميشال عون صرح بأن مثل هذه الضربات بالطائرات من دون طيار يمكن اعتبارها إعلان حرب.
كان أسلوب العمل في هجوم بيروت مشابهاً لواحد شُن في الجانب الآخر من العالم، هو محاولة اغتيال الرئيس الفنزويلي نيكولا مادورو في آب (أغسطس) 2018. وبسبب الكفاءة التي تقل عن نظيرتها في هجوم بيروت، انفجرت كلتا الطائرتين المسيّرتين المتورطتين في هجوم كاراكاس في الجو قبل الأوان، وخرجتا عن السيطرة. وقد تكون أجهزة التشويش النشطة، أو الافتقار إلى المهارات الملاحية، أو مجرد المسافة البعيدة جداً عن الهدف، من بين أسباب الفشل.
لسوء الحظ، سوف يتم حل هذه المشكلات في المستقبل غير البعيد، من خلال حلول ستكون معقولة الكلفة اقتصادياً وقابلة للحياة تقنياً. ومع اقتراب بزوغ فجر حرب الطائرات من دون طيار، سيتم الكشف عن الإمكانات والتأثيرات الحقيقية والممكنة لأنظمة الذكاء الاصطناعي الفتاكة.
في الوقت الحالي، ما يزال البشر في حلقة صنع القرار من حيث تحديد الهدف وتوجيه الأمر النهائي بالهجوم. وفي حين أن الجدل الأخلاقي يزداد كثافة حول ما إذا كان من الضروري إبقاء صانع قرار بشري في حلقة القتل، فإن يوماً سيأتي عندما لا يكون البشر جزءاً من معادلة الاشتباك إلى أن تتجاوز الطائرة من دون طيار نقطة الفشل الآمن بكثير. أو، على الأقل، سوف يستمر وجود المتغير البشري في المعادلة، وإنما كهدف فحسب.
على الرغم من حقيقة أن وسائل الإعلام على الإنترنت تمتلئ بالنظريات والادعاءات حول هدف الهجوم بالطائرات من دون طيار في بيروت والأحداث المحيطة به، فإن الضربة تؤكد بشكل لا لبس فيه على التأثيرات التشغيلية والعملياتية التي تكتسبها الطائرات من دون طيار في ساحة المعركة، وكذلك في العمليات السرية. وتقوم الطائرات من دون طيار بخفض كل من التكاليف السياسية والاقتصادية للردود الانتقامية.
وفي الوقت نفسه، أكدت مهمة الاستهداف التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي ما ذكره الجنرال الإسرائيلي السابق يوآف غلانت: أن الطائرات من دون طيار هي سلاح مغيِّر للتوازن. وفي حين أثبتت سورية، سواء من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، أنها ساحة اختبار مفيدة للطائرات من دون طيار المجهزة للقتال، فإن الهجوم في بيروت أحدَث الكثير من التشاؤم والقلق بشأن رد حزب الله.
بعد ثلاثة أيام من هجوم بيروت بالطائرات من دون طيار، أطلق الجيش اللبناني النار على طائرتين إسرائيليتين كانتا تعبران المجال الجوي اللبناني بالقرب من الحدود الإسرائيلية. وسوف تحدث الضربة القادمة بطائرة مسيرة، أياً يكن الجانب الذي ينفذها، في القريب، وسوف تخلق تأثيرات متموجة تتجاوز منطقة العمليات.
لقد رُسم خط أحمر نحيل لحرب الطائرات من دون طيار في السماء اللبنانية.
 
*تحديث: قام حزب الله اللبناني بالرد بعد كتابة هذه المادة باستهداف ناقلة عسكرية إسرائيلية عبر الحدود.
 
*مؤلف كتاب “جيش الصين الخاص.. حماية طريق الحرير الجديد”.
*نشر هذا الموضوع تحت عنوان: Drone wars light up the sky in the Middle East