Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Oct-2019

قبلة على جبين الأردن*رشاد ابو داود

 الدستور-نختلف لكن لا نقتتل. نجوع لكن لا نكفر. نحافظ على مصالحنا لكن نحفظ عن ظهر قلب أننا ابناء شعب واحد. نحكم لكن لا نتحكم وندرك أن السقف، لا سمح الله إن وقع سيقع على الجميع.

لم يزل هذا الأردن يضرب للمحيط و للعالم أمثلة في الحكمة و الحنكة. بالحوار نحل مشاكلنا، وبالصبر نجتاز الصعاب. نصرخ لكن لا نُسمع الآخرين صراخنا. هكذا تربينا في البيت « لا ترفع صوتك يا ولدي لكي لا يسمعنا الجيران، عيب أن يقول الجيران أننا اختلفنا «.
بقبلة على الجبين تنتهي المشكلة، وبعناق دامع يعود القلب على القلب واليد باليد. البلد أهم من الجميع، العلم المرفوع عالياً يدفىء سماء الوطن. والعلم يبني الحاضر ويرسم المستقبل.
خلال الشهر الماضي حدث أطول اضراب في تاريخ الأردن. المعلمون يطالبون بحقوق يرونها مشروعة، والحكومة تراها غير ممكنة في ظل الظروف المالية الصعبة. ومنذ البداية ظل الحوار العقلاني وسيلة الطرفين، ان جاز التعبير، فما هما الا طرف واحد في وطن واحد. جلسة، جلستان، ثلاث واربع جلسات حتى تم الاعلان عن الاتفاق الذي يرضي الجميع، معلمين و حكومة.
اعتذر رئيس الحكومة للنقابة. وأكد تقدير الحكومة للمعلم . هل رأيتم في العالم الثالث رئيساً يعتذر لنقابة ؟ النقابة ردت على الاعتذار بالاستجابة لقرار المحكمة بعدم مشروعية الاضراب. ومدت يدها لليد التي امتدت اليها. أعلنت فك الاضراب وواصلت الحوار.
لا منتصر ولا مهزوم في الأزمة التي لو حدثت في بلد آخر لتفاقمت وتسيّست و تيبس عود الوطن ليصبح قابلاً للكسر. لكن هذا هو الأردن وتاريخه شاهد على اصالة شعبه، من شتى المنابت و الأصول، وحكمة قيادته. انها أصالة التمسك بمصلحة البلد وحكمة الاحتواء واستيعاب الآخر المعارض. هل سمعتم عن رأس دولة يحني رأسه من أجل أن يظل راس الوطن مرفوعاً عالياً ؟ وهل سمعتم عنه يعفو عمن حاولوا الانقلاب على حكمه فيعينهم وزراء و مسؤولين و شركاء في الحكم ؟ وأن يذهب بسيارته الى السجن ليصطحب معارضاً محكوماً بالاعدام الى بيته؟
هذا هو الأردن الذي بحكمة الحاكم و المحكوم اتقى شر و شرر نار ما سمي الربيع العربي وتجاوز الأزمة الاقتصادية العالمية التي هزت اكبر الدول، وظل بابه مفتوحاً للاشقاء العرب الذين أجبرتهم الأحداث في بلدانهم على اللجوء اليه.
بفنجان قهوة يتم الصفح عن القاتل. وبفنجان يزوج الأهل ابنتهم للعريس. وكل ازمة يمر بها البلد تنتهي في فنجان الوطن.