Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Mar-2017

الفاتيكان والأزهر.. على طاولة واحدة - الاب رفعت بدر
 
 الراي - نقول، والحمد لله، أن الحوار قد استعاد عافيته بين الكرسي الرسولي، أو حاضرة الفاتيكان، والأزهر الشريف، وما يمثله كل من الطرفين من ثقل ديني وتعليمي واسع النطاق. وقد شهد الأسبوع الماضي أول جلسة حوارية استمرت في مشيخة الازهر الشريف ليومين، وكان موضوعها «دور الأزهر الشريف والفاتيكان في مواجهة ظواهر التعصب والتطرف والعنف».
 
كان كاتب هذه السطور أحد أعضاء الوفد الفاتيكاني، حيث اشتمل كل وفد على 15 شخصاً من ذوي الكفاءة الأكاديمية وكذلك الخبرة اليومية في حوار الأديان. وهنا يستطيع المرء أن يرصد أجواء الارتياح التي كانت بادية على وجوه المشاركين من الطرفين. ومن الممكن تلخيص اشارات المؤتمر إلى خمس: أولأً: تم اختيار هذا التاريخ 24 شباط، استذكاراً للزيارة التاريخية التي قام بها البابا يوحنا بولس الثاني إلى مصر عام 2000 وكان له زيارة خاصة إلى الأزهر، وقابل الشيخ الراحل محمد سيد الطنطاوي. هنالك إذاً تاريخ للعلاقات، ونقاط قوة تتخطى كل العراقيل التي اعترت العلاقات بين أتباع الأديان وبالأخص في وقتنا الراهن. وهنالك كذلك رأي بإقامة ندوة أخرى في آيار المقبل استذكاراً للزيارة التاريخية التي قام بها الشيخ أحمد الطيب العام الماضي إلى الفاتيكان وقابل بها البابا فرنسيس.
 
ثانياً: كان لمشاركة الكاردينال جان لويس توران، رئيس مجلس الحوار بين الأديان في الفاتيكان، أثر طيب، فقد تقدم به العمر، ووهن الجسد، من جراء اصابته بمرض الرعاش (الباركنسون) إلا أنّ عزيمته لم تضعف في أن يكون أباً ومرشداً للحوار بين الأديان في العالم أجمع. ومن أجمل ما ختم به اللقاء كلمة مقتضبة قال فيها: «إن مواصلة درب الحوار هدية وغنى نقدمها للإنسانية، بينما في تجميد الحوار أو قطعه، هدية نقدمها لمحبي العنف والارهاب».
 
ثالثاً: اشتمل وفد الأزهر على العديد من العناصر الشبابية. وجلّهم، رجالاً ونساء، مثقفون وأكاديميون ويتقنون لغات عدة. وفي ذلك اشارة إلى تطوير الخطاب، واتساع رقعة تصديره، وتدريب لطاقات الشباب على السير على درب الجلوس مع أبناء الأديان الأخرى بأجواء صداقة ورغبة صريحة في التعاون.
 
رابعاً: تمحور المؤتمر حول ثلاث نقاط، وهي ظواهر التعصب والتطرف والعنف. وكلها تقود بعضها إلى بعض. وقد أكد البيان الختامي على ضرورة معالجة أسباب هذه الظواهر الثلاثة: «من فقر وأمية وجهل وتوظيف الدين توظيفاً سياسياً. وعدم فهم النصوص الدينية فهماً صحيحاً»، ولذلك أكد المجتمعون في كل ورقة عمل على أهمية العناية بمناهج التعليم التي ترسخ للقيم الانسانية المشتركة، واستشعار المسؤولية في العناية بالأطفال. فمن شب على شيء شاب عليه.
 
خامساً: نتساءل هل تفضي هذه المؤتمرات إلى تغييرات على أرض الواقع؟ الحلول ليست سحرية، ولا أحد يملك عصا موسى في التغيير وصنع الأعاجيب، لكن المسلمين والمسيحيين يشكلون ما لا يقل عن 58% من سكان العالم. وباستطاعتهم حين يقفون معاً ويفكرون معاً وينظرون معاً إلى قضايا الكون أن يحدثوا، بلا أدنى شك، أجمل التغيير وبالأخص في مجالات المحبة والتعاون الذي سيفضي بدوره الى خلق اجواء العدالة والسلام.
 
Abouna.org@gmail.com