Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Oct-2014

داعش ليسوا بالخوارج.. وتسميتهم خطأ/بلال الصباح

مدونة بلال الصباح - جنوب افريقيا
قد يبدو غريباً بعض الشيء؛ أن تبرز بعض الصحف العربية تقارير مُتخصصة ومقالات مُطولة حول "خوارج الإسلام"، وهي دوماً تُحذر من إستخدام الدين الإسلامي ومصطلحاته في العمل السياسي، فالقول بأنهم فئة تسعى للحكم السياسي، أو أنهم جماعات الإسلام السياسي، هو كلام مغلوط وغير خاضع لأمانة النقل العلمي.

فالخوارج؛ هم فئة يسعون لإستبدال النظام السياسي القائم على الإسلام السُني بنظام سياسي قائم على غير المنهج السُني، أو بنظام سياسي غير إسلامي، والخروج هنا ليس من دائرة الإسلام، بل من دائرة المجتمع القائم على نهج إجتماعي وسياسي متوافق مع الدولة السُنية.

وعادةً لا يقع الخلاف على حكم التعامل مع الخوارج، فقتالهم واجب بإتفاق عموم المسلمين، لأنهم شوكة في أمن المجتمع المسلم، ولكن الخلاف يقع على آلية تحديد فئة الخوارج، ومن هم الخوارج؟.

فالخوارج هم فئة معلومة العين والنسب، بينما داعش جماعة لا نعلم من هم رجالهم ولا أنسابهم من قبائل العرب، وغالبيتهم من العجم، ولم نعهد لهم علماً أو طريقاً التمسوه بين العلماء المسلمين، وخاصة من العلماء العرب.

وعليه؛ أعتقد أن وصف البعض لجماعة داعش بالخوارج فيه الخطأ الفقهي، والأثر السلبي على الساحة السياسية العربية، حيث الخوارج فريق يخرج عن نظام الحكم من أجل تطبيق الإسلام بطريقة خاطئة، تنطلق من غلوهم في التكفير والقتل، وقد تنطبق هذه الحالة على جميع الدول العربية القائمة حالياً، بإستثناء العراق وسوريا، ويرجع ذلك لجانبين:

أولاً: العراق يخضع للحكم الفارسي، وسوريا للحكم العلوي، وجميع الفتاوى الإسلامية السابقة والمُعاصرة تُؤكد أن كلاً من الطائفتين على منهج الخوارج.

والخطأ هنا؛ أننا وضعنا الشعوب العربية أمام نوعين من الخوارج، بل فريق كبير من العرب يرى أن خوارج الإسلام السُني هم أفضل وأرحم من خوارج الفرس والعلويين، وخاصة بعد جرائمهم البشعة بين أوساط العرب السُنة في العراق وسوريا.

ثانياً: داعش لم تخرج على النظام السوري والنظام العراقي، حيث لا دولة أو قانون في الشرق السوري، وكذلك العراق الذي سحب جنوده مباشرةً وقبل دخول جماعة داعش.

والسؤال هنا، (من خرج على من؟!)، فالقول بخروج الخوارج على الخوارج هو تخبط في الفقه الإسلامي السياسي، بل الفقه الإسلامي يُلزم الدول العربية بالوحدة مع خوارج السُنة ضد خوارج الفرس.

والخطأ هنا؛ أننا وضعنا الشعوب العربية أمام خيارين، حيث يرى الكثير من العرب بأن خروج داعش والقاعدة على الفرس والعلويين هو بحد ذاته فتح إسلامي لإعادة العراق وسوريا للعرب والمسلمين.

لذلك على الدول العربية التي تخوض حربها مع داعش التحقق من هوية هذه الجماعة، فقد تكون قيادة داعش من غير المسلمين، أو جماعة تعمل لحساب أجندة سياسية خارجية، وليس لها علاقة بالدين الإسلامي وتطبيق أحكامه، وإن ثبت ذلك؛ فهم ليسوا بخوارج هذا العصر، بل قد تنطبق عليهم تصنيفات أشد قسوة وأكثر توافقاً مع أجندتهم العاملة في المنطقة، كالعملاء المرتزقة، أو الخونة والإرهابيين.

إن وصف جماعة داعش بالخوارج وضع القضية السورية في إطار ضيق، بدأ بتحجيم العمل السياسي بمصطلحات دينية غير متوافقة مع الحدث، فانقسمت الشعوب العربية بعدما كان الجميع على قولٍ واحدٍ بخروج بشار الأسد وفريقه من الحكم السوري.


فجماعة داعش هم ليسوا بخوارج العصر، فنحن نجهل هويتهم الشخصية ورؤيتهم الفكرية، كما أن إعادة إحياء مصطلح الخوارج فيه خلط بين السياسة والدين وفق تصورات غير صحيحة، وما تسمية الخوارج إلا إفلاس إصطلاحي قد يقودنا إلى مرحلة جديدة تزيد من حدة التوتر بين الطوائف في الشرق الأوسط العربي.