Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Sep-2014

ضبط المصطلح وحماية المنبر من الدواعش والقواعد*عمر كلاب

الدستور-تبدو الفرصة مواتية لإعادة تموضع الإعلام السياسي أمام ظواهر الأحزاب المُتطرفة وتحديدا تلك التي تلبس لَبوس الدِّين , بعد أن اثبتت تلك الأحزاب والتنظيمات انها مدارس  ضمت مناهج مُتخمة بالتطرف تُخرّج حاملي  فيروس  الغلو، وتحاول الآن التبرؤ من جنينها غير الشرعي إذ يرفض الأب  العقدي  الاعتراف بنَسَبه، وتحاول الأمُّ  التنظيمية  التخلص منه بوضعه أمام بيت أبيه فى ليل الحرب الأسود كما يقول الداعية الإسلامي الحبيب الجفري .
الخطوة الأولى التي يجب العمل عليها بسرعة هي إعادة تعريف تلك التنظيمات بحسب افعالها وليس بحسب مفهومها الذاتي او طريقة تقديمها لنفسها كما فعل الإعلام طوال عقدين او اكثر من الزمن , فساهم بتكريس تلك المفاهيم عند الشارع الشعبي والنخبوي أيضا , فلا احد يقول التنظيمات المسلحة بل التنظيمات الجهادية مما منح تلك التنظيمات قيمة اضافية بحكم قداسة الجهاد والمجاهدين .
وصف التنظيمات القاعدية بالتنظيمات الجهادية جعل الانتماء اليها اقصر الطُرق الموصلة الى الجنة عند جيل من الشباب اعتمد التفسير التنظيمي القاعدي لمعنى الجهاد بعد ان شطبت المناهج الرسمية كلمة الجهاد واحكامه من المناهج التربوية فبقي الشباب أسرى لتعريف أحادي الجانب تقدمه تنظيمات لا تفقه أحكام الجهاد فى الشريعة السمحة ، فأصبح من السهل التدليس عليهم وإيهامهم بأن ما يُرتكب من الجرائم هو الجهاد فى سبيل الله وهذه ابرز الخطايا .
تكريس المصطلح والقبول بالنسخة الأولى اوقع المجتمعات في ضبابية والتباس , بعد أن بدأت نفس الماكينة الإعلامية بوصف تلك التنظيمات بـ”الإرهابية” بعد تعميم الغرب للمصطلح ولعل ربط الاسلام بالارهاب جاء من هذا الالتباس الضبابي , بحيث أضاف قيمة لهذه التنظيمات التي يراها الجمهور نقيضا للغرب المنحاز والهاضم لكل حقوق الشعوب والداعم لأنظمة الفساد والاستبداد , فتعاظم التأييد للمسلحين المُلتحين اللابسين الثوب الافغاني الذين أشفوا قلوب قوم مؤمنين .
الخطوة الثانية تتمثل بإعادة الاعتبار لمفهوم الجامع الجامع , بعد حصر دوره في اسم “ المسجد “ الذي هو جزء من الجامع وليس كله وإعادة الاعتبار لمنبر الخطابة في المساجد وضبط تلك المنابر الواقعة بين نارين , مساجد يحشو خطباؤها عقولَ روّادها بالغلو والتحجّر، وقلوبهم بالكراهية والبغضاء، ونفوسهم بالغضب والكبر. فالخطب نارية، والدروس تعبوية، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم وسيلة لتجنيد الشباب منذ الصغر ومساجد أخرى خطابها هزيل وسطحي يؤدي خطباؤها أداء الموظف الرتيب الذي لا يحمل هم الدعوة، ولا هِمّة الخدمة، ولا استنارة التجديد، فيخرج روّادها كما دخلوا لم يُضِف إليهم التردد عليها سوى الملل والسآمة والتبرم من اضطرارهم إلى التردد على المسجد لأداء الفريضة .
الإعلام أمامه فرصة ذهبية لإعادة الاعتبار لحياديته وموضوعيته بتسمية الأشياء بأسمائها , وأول درس في الإعلام عدم استعمال الألقاب , فكيف به وهو يستعمل الصفات والألقاب فيمنح هذا التنظيم صفة الجهاد وذلك التنظيم صفة الاستسلام وذلك صفة التفريط وآخر صفة المقاومة , ومسؤول حزبي أو تنظيمي يسبق اسمه صفة فضيلة  وآخر يسبق اسمه فاصلة او علامة استفهام .
اعادة الاعتبار للمصطلح وضبطه اساس في تشكيل الوعي بالابتعاد عن الصورة الانطباعية لصالح الصورة الذهنية , فتنظيم داعش هو في الحقيقة تنظيم منشق عن تنظيم القاعدة وليس الدولة الاسلامية في العراق والشام واعضاؤه مقاتلين في تنظيم منشق عن القاعدة وليسو مجاهدين او جهاديين , لأن الصورة الانطباعية التي ترسخ في عقول ووجدان المتلقي بسهولة تحتاج الى صعوبة بالغة لتعديلها الى صورة ذهنية وكما ارتكبنا خطيئة التعميم علينا تحمل وزر التصويب فالقاعدة الفقهية تقول “ انت حرٌّ ما لم تضُر “ والاعلام الحق ضرر بتعميم المصطلح وعدم ضبطه .