Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Feb-2019

الانتخابات الإسرائيلية فيلم مكرور* برهوم جرايسي

 الغد

خُيّل لي في لحظة ساخرة، أنه في هذه الأيام، إذا وقعتُ في ضغط عمل، فقد “أنسخ” مقالا من مقالاتي حول الانتخابات الإسرائيلية في العام 2015، مع تغيير أسماء وأوقات لأنشره مجددا، عن الانتخابات الحالية. وطبعا هذا لن يكون، ولكنه محاولة للتعبير عن أننا أمام انتخابات لن تأتي بسياسة جديدة، سوى الإبقاء على التطرف القائم، مع استفحاله أكثر.
هذا المشهد أكد عليه في الأيام القليلة الماضية، من يرى بنفسه منافسا لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، رئيس أركان جيش الاحتلال، بيني غانتس، الذي تحالف مع سلفه الأسبق موشيه يعلون؛ وكلاهما كمن سبقهما وخلفهما، مجرما حرب يتوقان للتربع على سدة الحكم، وقد ينضم اليهما آخر أو أكثر من ذات القطيع.
فقد ألقى غانتس مساء الثلاثاء 28 كانون الثاني (يناير)، خطابه الأول ليفتتح فيه حملته الانتخابية. فتكلم كثيرا عن ضروريات “نزاهة الحكم”، وتوغل في تطلعاته لسن قوانين بديلة لقوانين الاكراه الديني، وهي ديباجات يطلقها ساسة صهيون في كل حملة انتخابية، لينقلبوا عليها فور انضمامهم إلى العصابة الحاكمة، المسماة عندهم “حكومة”.
ولكن ليس هذا بيت القصيد، لدى هذا العسكري الدموي، فقد كان القسم المركزي في خطابه، لإبراز “مهنيته”، من خلال إطلاق التهديدات نحو الجنوب والشمال والشرق الأبعد، وكأنه “أريس”، إله الحرب والانتقام عند الإغريق. ثم عرّج في لحظة عابرة على كلمة “سلام”، أتبعها بشروط، سبقه فيها بنيامين نتنياهو، منذ سنين، وهي ذات تطلعات اليمين الاستيطاني: كيان فلسطيني ممسوخ، على أقل من
40 % من الضفة، متناثر الأطراف، محاصر من الجهات الأربع، والجو، وباطن الأرض، قد “يتفضّل علينا” الصهاينة بتسميتها “دولة”، أو لا.
وإن دلّ هذا على شيء، فإنه يؤكد أننا أمام حملة انتخابات رابعة على التوالي، ستغيب عنها كليا القضية الفلسطينية. وإن تم ذكرها، فسيكون في إطار التهديد والوعيد. وهذا عمليا يجعلنا نعرف طبيعة الحكومة المقبلة، إن كانت برئاسة نتنياهو، أو برئاسة غانتس، أو كخيار ثالث، قد تكون برئاسة نتنياهو. فهذا ليس خطأ مطبعيا، بل هذه هي الحكومة المقبلة.
فغداة خطاب الحرب والدم الذي أطلقه غانتس، منحته استطلاعات الرأي مزيدا من المقاعد البرلمانية. أكثرها على حساب المعارضة البرلمانية القائمة، وقليل من الائتلاف. ولكن هذا لا يكفي، لأن قراءة الاستطلاعات، تتطلب ليس فقط معرفة الكتلة البرلمانية الأكبر، وإنما أي حزب سيكون صاحب الفرصة الأكبر لتشكيل الحكومة. وبناء على كل الاستطلاعات، فإنه كما يتأكد حتى الآن، فإن الحكومة ستكون برئاسة نتنياهو، لأن اليمين الاستيطاني مع المتدينين المتزمتين، هم من سيقررون تركيبة الحكومة المقبلة.
“اللطيف” في ساسة صهيون، أن أداءهم يأتي وفق التوقعات. وهذا ما كان متوقعا من حزب جنرالات الحرب والدم، الجديد، بزعامة غانتس. فهو ينضم للمنافسة في مربعات اليمين الاستيطاني الإرهابي. وكل مسعاه الآن، هو لتهيئة نفسه، لاحتمال أن ينقض على رئاسة الحكومة، في حال صدر قرار نهائي، بمحاكمة نتنياهو في قضايا الفساد، وهذه قرار سيحتاج لأشهر ليست قليلة، وستتجاوز الانتخابات بوقت ما.
وعلى هذا الأساس هناك من يتوقع أن الولاية البرلمانية المقبلة ستكون قصيرة، في حال صدر قرار جدي بمحاكمة نتنياهو، بتهم الرشوة وخرق الأمانة، بموجب توصية الشرطة والنيابة العامة، التي عُرضت على المستشار القضائي للحكومة.
وغياب القضية الفلسطينية عن انشغالات الرأي العام الإسرائيلي سيستمر، طالما استمرت الحالة الفلسطينية الحالية الأشد بؤسا منذ سنوات طوال، صراع داخلي قاتل، هذا من ناحية، وهي الأساس. ومن ناحية أخرى، طالما إدارة ترامب تواصل سيطرتها على البيت الأبيض.
فوقف هذا المشهد الفلسطيني المُخزي، واستنهاض المقاومة الشعبية الجماهيرية الواسعة، في الضفة والقطاع، كما عرفها الفلسطينيون قبل ثلاثة عقود، من شأنها أن تقلب الكثير من أوراق وأوهام الصهاينة، وتدفعهم لتغيير حساباتهم.