Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Feb-2017

د. احمد صدقي الدجاني: «عالمنا المعاصر والأزمات الروحية» - يوسف عبدالله محمود
 
الراي - أ.د. احمد صدقي الدجاني واحد من المفكرين العرب الكبار. بينه وبين لغة الضاد عشقُ واي عشق. يقرأ قضايا عصره رحمه الله- قراءة موضوعية. مُتنور في قراءته، لا يتعصب لرأي، يؤمن ان «عالمنا المعاصر يعاني من ازمات روحية تفعل فعلها في إنسانه».
 
في كتابه «عروبة واسلام ومعاصرة « يحاول هذا العلامة ان يقرأ عصره باستبصار ورويّة في ظل ثورة الاتصال والتقدم العلمي المتسارع. وفي رأيه ان الأزمات الروحية التي تعانيها حضاراتنا المعاصرة ناجمة «عن انكار البُعد الروحي في الانسان او إهماله». المرجع السابق ص 58.
 
ومع انه يشيد بالتقدم العلمي في العالم المعاصر إلا انه يأخذ على صانعيه في الغرب افتعال التصادم بينه وبين الدين، فقد «وضعوا الايمان في موضع التصادم مع العلم.
 
يأخذ –رحمه الله- على حضارتنا العالمية المعاصرة تهميشها لِ»البُعد الروحي» وتركيزها على «الكم والاستهلاك». ص 62
 
ومع ذلك نراه متفائلاً بأن الجهود للإحياء الروحي ستنتصر يوما ما حين «تقترن الإرادة الحرة عند الانسان بالضمير». ص 63.
 
وفي تطرّقه للحضارة الاسلامية يأخذ عليها انتشار «التقليد بين ابنائها» وافتقادها لِ»مناخ الحرية الفكرية» ص 64.
 
يؤمن هذا العالم والمفكر المتنور «ان الشر ليس من طبع الانسان، وليس في الشر شيء يجذبه اليه، وليس الشر الا فساداً في العلاقات بين الناس». ص 67.
 
في كتابه دعوة مُلحة «لتحقيق التكامل بين العلم والدين، فالثورة العلمية التي بدأت يجب أن تأخذ مداها ولا مجال للبحث في كبح جماحها لأن نزوع الانسان الى المعرفة لا يحدّه حد وعلى الدين أن يوجهها الوجهة التي تعود بالسعادة على الانسان وتدفع عنه الأخطار». ص 68.
 
وحتى يتم ذلك –وكما يرى هذا المفكر- «لا بُد ان يقوم جهد علمي للبحث عن الاساس المشترك في الاديان والتأكيد على نقاط اللقاء فيها» ص 68.
 
وفي صراحة اكثر يدعو هذا الراحل الكبير الى «معالجة ما يصيب المتدينين –وليس الدين- من تعصب يدفعهم لانكار كل ما يؤمن به غيرهم. وقد يصل بهم الى حمل الناس على الايمان بدينهم قسراً» ص 69.
 
هذه الرؤية المستنيرة ينبغي ان تسود مجتمعاتنا العربية والاسلامية. «لا بد من تحقيق التفاهم المنشود بين المؤمنين القائم على التمسك بالمعتقد دون احتقار العقائد الأخرى، فالتدين يبدأ من النفس الانسانية وينتهي الى غاية واحدة هي الله» ص 69.
 
في كتابه «عروبة واسلام ومعاصرة» لا ينسى د. احمد صدقي الدجاني –رحمه لله- التطرق الى قضية العرب المركزية قضية فلسطين داعياً المجتمع الدولي الى تبني تطبيق قرارات الشرعية الدولية التي «تفرض على المعتدي ان ينسحب من الأراضي التي احتلها».
 
وهنا لا بُد من التنوية بجهود هذا العالم والوطني الغيور التي بذلها في المحافل الدولية دفاعاً عن هذه القضية العادلة. وفي إدانة للاستعمار الاستيطاني الاسرائيلي يقول د. احمد صدقي الدجاني «إن ممارسات هذا الاستعمار لا ترهق الشعوب المستعمرة فحسب، وانما تورث القائمين به سوءاً كثيراً، واذا كان الاحتلال الصهيوني العنصري يُسبب اشد صور المعاناة لشعبنا وأمتنا، فإنه في الوقت نفسه يشوّه نفوس الاسرائيليين ويحط من أقدارهم ويمسخ انسانيتهم ويحشرهم في سجل التاريخ مع رموز الشر التي كتبت اعمالها في صفحات سوداء» ص 158.
 
وبعد، فإن هذا الراحل صاحب القامة الشامخة قد رحل عن دنيانا بعد أن أثرى المكتبة العربية بنفائس كتبه ودراساته. عاش وقضى مؤمناً بقوميته العربية وبإسلامه، نافياً ان يكون هناك اي تعارض بين هذه القومية وبين الإسلام.
 
في كل تراثه الفكري الذي خلفه لنا ظل يركز على ان اكبر تحد يواجه عالمنا يكمن في «ازمة القيم» التي تلقي بظلها الثقيل على جميع مشكلات عالمنا.
 
رحم الله د. احمد صدقي الدجاني «أبا الطيب».
 
robroy0232@yahoo.com