Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-Apr-2017

سيكولوجية التطرف والإرهاب - د. عميش يوسف عميش
 
الراي - في مقال نشرته صحيفة الاهرام المصرية (21 / 2 / 2017 ) للكاتب الاستاذ خيرى منصور بعنوان (مقاربات استشراقية عن الإرهاب). يقول: « كان القرن العشرين يقترب من نهايته عندما ساد لدى البعض من المثقفين اعتقاد بأن القرن الجديد (21) سوف يطوي عدة ملفات منها السجالات المزمنة حول الشرق والغرب، والشمال والجنوب على اختلاف الدلالات الايديولوجية والاقتصادية لهذه البوصلة، وبالفعل تنبأ كثيرون بأن العولمة في بعدها الإيجابي - ان كان لها مثل هذا البعد - سوف تخلق مناخات دولية جديدة وتنبثق عنها شعارات من طراز (اطباء ومحامون وناشطون بلا حدود). لكن ما إن بدأ القرن الجديد حتى حدث ذلك الزلزال الايلولي الذي شطر التاريخ الحديث الى ما قبل وما بعد، وخيّب الواقع توقعات المتفائلين. فمثلاً (جاك بيرك) كبير المستشرقين الفرنسيين ودع الاستشراق القديم قائلا (ان العلاقات بين الشرق والغرب ستدخل مرحلة من الحوار والندية)، وكتب المفكر التونسي هشام جعيط ان الاشكالية القديمة بين الشرق والغرب قد ولى عهدها ولا تناقش اليوم بين اوروبا والاسلام ، لكن المفكر المصري (انور عبد الملك) رأى عكس ذلك تماما وكان على حق حين قال ان السمة الرئيسية لهذا العصر هي المجابهة بين الشرق والغرب، وانتهى الامر رغم كل تلك التوقعات بين التفاؤل والتشاؤم الى ما نحن عليه الان ولم تفلح العولمة في تخفيف التوتر وفض النزاعات ووضع حد لصراع الحضارات تستشهد اليوم بمقولة الروائي الفرنسي (اندريه مالرو) (وزيرا الثقافة في عهد ديجول): فقد تنبأ أن القرن (21) سيكون قرنا دينيا بامتياز – لكن نحو مغاير (العودة الى مفاهيم تحول الدين الى قناع وتوظيفه دنيويا لتحقيق المآرب البرغماتية او الذرائعية). كما ان التطرف – اصبح مفهومه الارهاب ومن غذوا الارهاب كانوا لمرحلة بتابعيه (اي انقلب السحر على الساحر).ويختم مقاله بان الارهاب الان تعولم ولم يترك هوية له. اما العودة لتعريف مفهوم التطرف فباعتقادي مصطلح يُستخدم للدلالة على كل ما يناقض الاعتدال، زيادة أو نقصاناً. ولقد عددت مفاهيم التطرف إلى حد جعل من الصعوبة بمكان تحديد أطرها. لكن يمكن اعتبار الخروج عن القيم والمعايير والعادات الشائعة واللجوء للعنف بشكل فردي أو جماعي بهدف فرض معايير الجهة المتطرفة او تغيير في قيم ومعايير المجتمع. فرض الرأي بالقوة هو أحد أشكال الإرهاب المنظم. وان التطرف أحد أوسع الأبواب المؤدية للإرهاب، ثبت أن 95% من حالات الإرهاب التي اجتاحت عالمنا العربي خلال الخمسين عاماً الماضية كانت نتاجاً للتطرف. فلقد ارتبط التطرف بالتعصب والانغلاق الفكري ورفض معتقدات الاخر او تجاهلها او التعصب ضدها. اما التعريف العلمي للتطرف فهو الجمود العقائدي والانغلاق العقلي. البعض يرى ان التطرف حالة مرضية وظاهرة للمستويات النفسية (العقلي، المعرفي، والعاطفية) اما اهم شيء في التطرف هو (الديني) ومظاهره (1) التعصب وعدم الاعتراف بالآخرين. (2) محاسبتهم والحكم عليهم بالكفر والإلحاد. (3) استخدام العنف غير المحدود. (4) الاتهام والادانة والنظرة للأخرين بسوء الظن. (5) استباحة دمائهم واموالهم. اما اساس التطرف الديني فيبدأ بالفرد المتدين العادي الذي يصبح متشدداً مع نفسه اولاً ثم مع الاخرين. ثم يتجاوز ذلك بإصدار الاحكام بالإدانة القاطعة على من لا يتبع مسيرته. ويبدأ بالعزلة ثم الموقف العدواني – ويعتقد بان تطرفه يهدد الفرد والمجتمع نوع من التقرب الى الله والجهاد في سبيله. لأنه يعتبر المجتمع جاهلا منحرفا: وقد وصف النقاط بالمتطرفين لحركات مثل النازية الفاشية والحملات الصليبية والصهيونية واللجان الثورية الليبية. والان القاعدة وداعش واخواتها. اما الكاتبة د. نيفين مسعد فتتساءل في مقال لها (الاهرام 21/1/2017) «هل نحن متحدون ضد التطرف» تقول: ان المؤتمر السنوي الثالث حول التطرف الذي عقد في مكتبة الاسكندرية في 14/1/2017 بمشاركة عربية ودولية كان تحت عنوان «العالم ينتفض–متحدون في مواجهة التطرف» وتتساءل: هل رسالة المؤتمر ان نقف دولياً في مواجهة الارهاب ستنجح. وتقول كان ثمة اتفاق على ان البداية الحقيقية (لعولمة الارهاب) انها ارتبطت بالدعم الدولي للجماعات الاسلامية المسلحة في حربها ضد التدخل السوفيتي في افغانستان. وفي هذا السياق نشأ تنظيم القاعدة ومن عاد منهم. ثم دخل الارهاب على الخط في العديد من الصراعات الداخلية في (الشيشان الى الصومال) حتى وقع الاحتلال الامريكي للعراق (2003)، هنا تهيأت الارض العربية لظهور (داعش) بعد سنوات قليلة. مؤتمر الاسكندرية كان عنوانه «اتحاد العالم في مواجهة التطرف» لكن المقصود فعلياً (الارهاب) لان التنظيمات كالقاعدة وداعش تجاوزت مرحلة التطرف الفكري (اي العنف الفكري الى الارهاب (أي العنف المادي). تقول د. مسعد ان المعلومات التي سربها (موقع ويكيليكس) عام ٢٠١٥ حول حوار امريكي مع المعارضين في سوريا ومفاده: ان امريكا كانت تغمض عينيها عن فظائع داعش لا لشيء الا لانه القوة الوحيدة القادرة على اسقاط نظام بشار الاسد. وتقول: ليست امريكا وحدها التي تستثمر في الارهاب فهناك العديد من دول العالم والشرق الاوسط تمول التنظيمات الارهابية وتدربها وتتاجر بها. فمثلاً العلاقة بين اسرائيل وجبهة النصرة ومعالجة جرحاهم. وتتساءل. للإجابة على سؤالها (هل نحن متحدون ضد الإرهاب). يأتي السؤال التالي ليصبح (متى سيتحد العالم ضد الإرهاب). وتقول انه «يحدث عندما تتوقف ظاهرة الاستثمار في الإرهاب سواء بغرض التوظيف في المعارك الخارجية أو تحت وهم تحقيق السلام الداخلي، ويحدث ايضاً عندما تدرك الدول أنها لا يمكن أن تطلب من التنظيمات الإرهابية أن تكون حمائم معها و أسودا علي أعدائها، وأن أي صفقة مع تلك التنظيمات مؤقتة وخاسرة. لكن كل شيء مطروح، بينما الارهاب يدخل عمق اوروبا وتحاربه دولها داخل اراضيها. في النهاية باعتقادي: ان مواجهة الارهاب معركة صعبة ومعقدة وطويلة، لكن لا بد من الاستمرار في المواجهة بشكل دولي ضد الارهاب، وفي نفس الوقت بجهد داخلي جبار للقضاء على التطرف قاعدة الارهاب واحد مراحله الرئيسية.