Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Nov-2019

الشرعنة الأميركية للجريمة الضامن لتخليد الاستيطان

 الغد-هآرتس

 
بقلم: جدعون ليفي
 
لقد تبين أن الرئيس الاميركي لدونالد ترامب أحد الاعداء الاكثر خطورة لإسرائيل، هو يفعل كل ما في استطاعته لإفسادها ويجعل العالم المتنور يكرهها بشكل أكثر. ومن اجل تعميق الفساد فإن وزير الخارجية الاميركي ذهب بعيدا في هذا الاسبوع وقلب الوصايا العشر رأسا على عقب. من الآن يجب عليك أن تسرق. وقريبا: اقتل. بدون أي مكانة اخلاقية أو صلاحية قانونية – المجال الاخير الذي يمكن لادارة ترامب الحكم فيه الى درجة ما هو احكام القضاء والاخلاقي – اعلن مايك بومبيو بأن المستوطنات لا تخرق القانون الدولي.
من الصعب التفكير بنكتة أكثر مرارة من اعلان الولايات المتحدة الذي اعتبر الاغتصاب لا يخرق القانون، وأصبح الطريق ممهدا له. هل سيتحول الاغتصاب الى أمر اكثر قانونية وأكثر اخلاقية؟ بالتأكيد لا. ايضا هكذا المستوطنات لن تصبح كذلك.
لا يوجد أي رجل قانون دولي مهم يوافق على اعلان الولايات المتحدة. حتى الآن ايضا لا يوجد أي سياسي في العالم، باستثناء اليمينيين في اسرائيل وفي الولايات المتحدة، سيوافق على هذا الاعلان. الحميمية الفكرية بين ادارة ترامب واسرائيل هي أمر آخر يجب علينا الخجل منه. لا يوجد لترامب وبومبيو، مثلما لا يوجد لأغلبية الاسرائيليين، أي فكرة عن المستوطنات، أو عن طريقة اقامتها وتوسعها الوحشي وأهدافها، باستثناء الدعاية التي تم تلقينها لهم من قبل اللوبي اليهودي، الاسرائيلي والافنغلستي.
من المشكوك فيه أن مشهد مستوطنة “بسغوت”، مثلا، التي قمت بزيارتها هذا الاسبوع والتي أحاطت نفسها بجدار الكتروني من اجل أن يتمكن المستوطنون فيها بفضله من السيطرة بالقوة على مئات الدونمات من اراضي الفلسطينيين الخاصة التي تم حجزها في حدودها، ودولة اسرائيل لم تحرك ساكنا للدفاع عنها، كان سيغير شيئا ما في موقف الادارة الجاهل هذا. ولكن لا يوجد أي شخص لديه ضمير في العالم كان سيبقى مطمئنا حيال عمليات السلب والنهب الوحشية في “بسغوت”، مثلما هي الحال في أي مستوطنة اخرى. الادعاء بأن هذا لا يعتبر خرقا للقانون الدولي يدل ليس فقط على انغلاق اخلاقي وجهل محرج، بل هو ايضا مهم من ناحية دولية.
بومبيو دعا بالفعل الى اعادة الاستعمار الكولونيالي للعالم والاعتراف بالابرتهايد. حسب رأيه ليس في ذلك أي شر. الولايات المتحدة فهي قامت بتشجيع الكولونيالية الاسرائيلية وهي ستشجع الكولونيالية في اماكن اخرى ايضا. وعن كولونيالية قانونية لم يسمع العالم منذ زمن. الآن الولايات المتحدة اعادت خلقها من جديد.
في الساحة الاقليمية فإن معنى اعلان بومبيو هو معنى حاسم مثل حد السيف: موت آخر احتمال لحل الدولتين. اذا كانت المستوطنات قانونية فلماذا يتم اخلاءها؟ واذا لم تكن تخرق القانون فما السيئ فيها؟ وابقاء القرار حول مستقبلها وقانونيتها في أيدي اسرائيل يشبه ابقاء قرار مشابه في أيدي الزوج العنيف: هو الذي سيقرر اذا كانت الضربات التي يستخدمها ضد زوجته قانونية أم لا. إذا هيا نسرق وهيا نقتل، لأن اميركا تسمح بذلك.
ولكن الحقيقة هي أن قرار حسم مستقبل المستوطنات صدر منذ زمن، حتى بدون هراءات بومبيو. ومن لا يفهم ذلك يجب عليه السفر في شوارع الضفة ويشاهد بعينيه. لم يولد بعد السياسي الاسرائيلي الذي كان ينوي في أي يوم اخلاءها، أو السياسي الذي سيكون قادرا على فعل ذلك في أي يوم. الرد المهين والذي يبعث على اليأس لبني غانتس الذي انضم الى احتفال اليمين في اعقاب اعلان بومبيو جسد الى أي درجة المعركة على المستوطنات التي هي معركة على حل الدولتين، تم حسمها منذ زمن من قبل اغلبية الاسرائيليين. بومبيو فقط وقع على تابوت الدفن.
الشرعنة الاميركية للجريمة هي الضمانة لتخليد الاستيطان الى الأبد، وزيادة توسعها. لا توجد مقولة موثوقة أكثر من بسغوت الى الأبد وايتمار من الأزل والى الأبد. الاستنتاج الذي لا مناص منه هو أن اسرائيل اجتازت نقطة اللاعودة ووصلت الى نقطة الحسم الاكثر مصيرية في تاريخها، الديمقراطية أم الابرتهايد، الديمقراطية أم اليهودية، لم يبق لها أي احتمال آخر. اختيار ترامب، بومبيو واسرائيل، واضح ومخيف وهو أن المستوطنات قانونية، لا يوجد احتلال ولا يوجد شعب فلسطيني ولا توجد حقوق انسان ولا يوجد قانون دولي. يمكن الانتقال الى المرحلة القادمة، الى الضم والطرد. واميركا ستسمح ايضا بذلك.