مساعدات عالقة على أبواب رفح 360 موظفاً إنسانياً قتلوا في غزة منذ بدء حرب الإبادة
الراي - كامل إبراهيم -
استشهد ٦٨ شخصا وأصيب زهاء ٣٦١ آخرون بنيران الاحتلال في غزة، لترتفع حصيلة ضحايا الإبادة إلى 218,637 شهيداً وجريحًا بدء الحرب على غزة.
وشددت القوات الإسرائيلية هجماتها على حي الصبرة جنوب غزة، حيث تقدمت الدبابات إلى محيط مدرسة الحي وشارع 8، فيما قصفت المدفعية الأطراف الشرقية لمخيم جباليا وحي التفاح. كما كثّفت طائرات «الكواد كابتر» هجماتها بإطلاق النار على المدنيين في شارع الثلاثيني ومنطقة المغربي بالصبرة، بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل على الزيتون والصبرة.
هذا في الوقت الذي تكدست فيه آلاف الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والطبية عند معبر رفح في الجانب المصري، فيما تحدثت منظمات إنسانية عن منع إسرائيلي لمواد حيوية بذريعة «الاستخدام المزدوج»، وسط تحذيرات أممية من مجاعة متسارعة في قطاع غزة.
وأفادت الصحة في بيان حول التقرير الإحصائي اليومي، بارتفاع حصيلة ضحايا الإبادة الإسرائيلية إلى 62,064 شهيدا و156,573 إصابة منذ السابع من تشرين الأول 2023. وبينت أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار 2025 بلغت 10,518 شهيدًا و44,532.
وذكرت الصحة أن حصيلة ضحايا «لقمة العيش» المجوّعين الذين قضوا برصاص الاحتلال قرب نقاط توزيع المساعدات الإنسانية المزعومة ارتفعت إلى 1,996 شهيدًا وأكثر من 14,898 إصابة، حيث استقبلت المستشفيات خلال 24 ساعة الماضية 31 شهيداً و197 إصابة.
كما سجلت مستشفيات قطاع غزة، خلال الساعات 24 الماضية، 3 حالات وفاة بفعل سوء التغذية الناجم عن سياسة التجويع الإسرائيلي، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 266 حالة وفاة، من ضمنهم 112 طفلًا.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إن عدد الشهداء من الصحفيين ارتفع إلى (239 شهيداً صحفياً) منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، وذلك بعد الإعلان عن استشهاد الصحفي: إسلام الكومي الذي يعمل محرراً صحفياً وصانع محتوى مع عدة منصات إعلامية.
وأدان المكتب في بيان له، بأشد العبارات استهداف وقتل واغتيال الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج، ودعا الاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، وكل الأجسام الصحفية في كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وقال المدير العام في وزارة الصحة بقطاع غزة منير البرش، إن الهدنة الإنسانية «ليست وقتاً للصمت، بل لإنقاذ من تبقى على قيد الحياة».
وأكد البرش في تصريحات صحفية، أمس الثلاثاء، أن «الهدنة لن تعني شيئاً إذا لم تتحول إلى فرصة حقيقية لإنقاذ الأرواح، فكل تأخير يقاس بجنازة جديدة. وكل صمت يعني طفلاً آخر يموت في حضن أمه بلا دواء ولا حليب».
وأوضح أنّ الجرحى يستغيثون والأطفال يتضورون جوعًا في ظل هدنة مؤقتة تخنقها حالة التردد والصمت الدولي.
وطالب بإجراءات فورية وعاجلة لإنقاذ الأرواح، تبدأ بالإجلاء الطبي العاجل لجرحى الحالات الحرجة في الدماغ والعمود الفقري، والجرحى الذين بحاجة لعمليات معقدة تتطلب تقنيات غير متوفرة في غزة، والمرضى الذين يتهددهم الموت إذا لم يُنقلوا العلاج فورًا.
وشدد البرش على ضرورة إدخال المستلزمات الطبية والغذائية العلاجية بشكل عاجل، وفي مقدمتها الحليب العلاجي للأطفال والرضّع، والمكملات الغذائية عالية البروتين والسعرات (مثل الإنشور)، ومحاليل جلوكوز مركّزة (20% و50%)، وأغذية علاجية جاهزة (RUTF)، والمضادات الحيوية الوريدية، إلى جانب مصادر البروتين الغذائية كاللحوم، البيض، الألبان، بالإضافة إلى السكر.
و أشار البرش إلى أن 70% من الأدوية الأساسية غير متوفرة في مستشفيات ومراكز القطاع، ما يزيد من تفاقم الأزمة الصحية في ظل استمرار العدوان. وأضاف أنه «لم يبقَ سوى 15 مشفى تعمل جزئياً في غزة من أصل 38 مستشفى كانت تعمل بالقطاع».
وبين أنَّ الاحتلال قتل 1590 من الكوادر الصحية من بينهم نحو 200 طبيب خلال الحرب، مشيرا إلى وجود 1360 من الكوادر الصحية معتقلون لدى الاحتلال الإسرائيلي، على رأسهم الدكتوران حسام أبو صفية ومروان الهمص.
وقال:» صور الجوع في غزة أبلغ من أي دعاية إسرائيلية»، موضحًا أن 40 ألف رضيع و 250 ألف طفل مهددون بالموت البطيء خلال 6 أشهر بسبب سوء التغذية.
ونوه البرش إلى أن وزارة الصحة بغزة سجلت 320 حالة إجهاض لنساء بسبب سوء التغذية في قطاع غزة، بالإضافة إلى ما يقارب 19 ألف حالة إسهال حاد نصفها للأطفال، نتيجة التلوث وارتفاع معدلات ملوحة المياه في غزة.
هذا وأكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، أمس الثلاثاء، أن الوكالة ملتزمة بمواصلة رسالتها حتى يتم التوصل إلى حل عادل لمعاناة لاجئي فلسطين، وحتى ينتهي ما وصفه بـ «الصراع الممتد لعقود عبر الوسائل الدبلوماسية والسلمية».
ووجّه لازاريني في اليوم العالمي للعمل الإنساني التحية لموظفي الوكالة «في الخطوط الأمامية بغزة». وأكد، أنهم دفعوا ثمنًا باهظًا، حيث قُتل منذ اندلاع الحرب ما يقارب 360 موظفا، العديد منهم أثناء تأدية واجبهم، وأصيب المئات بجروح، وتم اعتقال أو احتجاز ما يقارب 50 موظفا، وتعرّض بعضهم للتعذيب قبل الإفراج عنهم.
وشدد لازاريني على أن طواقم الوكالة «لم تستسلم رغم الجحيم الذي تعيشه يوميا».
وفي 28 تشرين الأول 2024 صادقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة على قانونين يمنعان الأونروا من ممارسة أي أنشطة لها داخل «المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية» وسحب الامتيازات والتسهيلات منها ومنع إجراء أي اتصال رسمي إسرائيلي بها.
وقد صوت لصالح القانون الأول 92 عضو كنيست وعارضه 10 أعضاء، ويُلزم الوكالة الدولية بعدم تشغيل أي ممثلية، وعدم تزويد أي خدمات أو أي أنشطة بشكل مباشر أو غير مباشر من داخل «المناطق السيادية لإسرائيل».
أما القانون الثاني فصوت إلى جانبه 87 عضو كنيست وعارضه 9 أعضاء، وينص على عدم سريان امتيازات حصلت عليها الوكالة بموجب الرسائل المتبادلة بينها وبين إسرائيل عام 1967 والتي تتناول موضوع التسهيلات التي أقرتها حكومة إسرائيل بما يخص وظائف الأونروا، كما ينص على عدم إجراء أي سلطة من سلطات إسرائيل أي اتصال مع الأونروا ومع أي جهة من قبلها.
من جانبه، قال مكتب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، أمس الثلاثاء، في اليوم العالمي لعمال الإغاثة، إن عدداً قياسياً من عمال الإغاثة بلغ 383 قتلوا بالبؤر الساخنة في 2024، نحو نصفهم في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة.
وذكر فليتشر أن مقتل هذا العدد القياسي يجب أن يكون تحذيراً لحماية المدنيين الذين يقعون في وسط الصراعات ومن يحاولون مساعدتهم.
وقال فليتشر في بيان بمناسبة اليوم العالمي للإنسانية: «إن وقوع الهجمات على هذا المستوى دون أي قدر من المحاسبة عليها، إدانة مخزية للتقاعس واللامبالاة الدوليين. إننا نطالب مجدداً بصفتنا المجتمع الإنساني بأن يتحرك أصحاب السلطة والنفوذ من أجل الإنسانية، وأن يحموا المدنيين وعمال الإغاثة ويحاسبوا الجناة».
وذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن معظم عمال الإغاثة الذين قتلوا كانوا من الطواقم الوطنية التي تخدم مجتمعاتها التي تتعرض لهجوم، سواء كانوا في العمل أو في منازلهم.
في نفس السياق تكدست عند الجانب المصري من معبر رفح الحدودي مع غزة، تجهيزات طبية حيوية في مستودعات تحت شمس لاهبة، وتصطف مئات الشاحنات المحملة بمساعدات غذائية ومواد أساسية أياما قبل أن يسمح لبعضها بالعبور إلى القطاع المحاصر والمهدّد بالمجاعة.
وقرب شاحنته المحملة بالدقيق، قال محمود الشيخ إنه ينتظر منذ قرابة أسبوعين للسماح له بالعبور، في ظل درجات حرارة خانقة. وأضاف «بالأمس عادت 300 شاحنة، وسمح بدخول 35 فقط»، مشيرا إلى أن تحديد ما يدخل يعود إلى «مزاج الإسرائيليين، ولا يقولون لماذا».
ولفت إلى أن الشاحنات تدخل بوابة رفح وتتوجه نحو معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية والواقع على بعد كيلومترات قليلة، حيث تخضع لتفتيش دقيق قبل السماح لها بالعبور إلى غزة. وأضاف: «في الصباح، يفتش الإسرائيليون ما يريدونه فقط، والباقي يعاد».
وبعد 22 شهرا على الحرب، تحذر الأمم المتحدة ومنظمات دولية من وضع إنساني «كارثي» في غزة بلغ شفير المجاعة. ويقول مسؤولون أمميون وسائقو شاحنات ومتطوعون في الهلال الأحمر المصري، إن إسرائيل تمنع دخول تجهيزات طبية حيوية وخيم ومعدات بنى تحتية للمياه، فيما يُعاد بعضها لأسباب بسيطة مثل عيوب في التغليف أو المنصات النقالة.
وتوضح مسؤولة الاستجابة الطارئة في «أطباء بلا حدود»، أماند بازيرول، أن بعض المواد تُمنع «لمجرد أنها من الحديد». كما أشار عاملون في المجال الإغاثي إلى أن شحنة من الحمّالات للعناية المركزة لا تزال عالقة عند الجانب المصري لأن إحدى المنصات النقالة المصنوعة من البلاستيك لم تُعتمد. وقال متطوع في الهلال الأحمر إن شحنات أخرى أُعيدت بسبب «ميلان المنصة أو سوء التغليف البلاستيكي».
وتؤكد رئيسة الهلال الأحمر المصري، أمل إمام، أنها لم تر «طيلة عملها في المجال الإغاثي قيودا كهذه على المساعدات، بما في ذلك أصغر قطعة من الشاش». وأشارت إلى أن شحنات تحمل موافقات أممية، بما فيها توقيع وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية (كوغات)، تعاد رغم ذلك عند الحدود.
وفي مستودع عند الجانب المصري، تتكدس عشرات قوارير الأوكسجين المغبرة بعد منع إدخالها، إلى جانب كراسٍ متحركة ومراحيض متنقلة ومولدات كهرباء. وتؤكد المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أولغا شيريفكو، أن قائمة الممنوعات «صفحات طويلة».
وتتضارب الأرقام حول عدد الشاحنات التي تدخل غزة يوميا. فقد أفاد مسؤول في منظمة الصحة العالمية بأن العدد يقارب 50 شاحنة، بينما قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال زيارة للمعبر مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، إن العدد يتراوح ما بين 130 و150 يوميا، وقد يصل إلى 200، مؤكدا أن أكثر من خمسة آلاف شاحنة لا تزال بانتظار العبور. ووصف عبد العاطي التأخير بأنه «تجويع ممنهج».