Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-May-2019

سورية غير آمنة.. فلماذا تذهبون اليها؟!* ماهر أبو طير

 الغد-كل عدة أيام يختفي أردني أو أكثر في سورية، وتبدأ عائلات الذين اختفوا بالاستغاثة بالجهات الرسمية للتدخل لدى دمشق لكشف مصير الذين اختفوا، رغم معرفة الكل أن العلاقات بين الأردن وسورية، سيئة.

الاندفاع العاطفي للذهاب الى سورية، يجب أن ينخفض قليلا، في ظل الاخطار هناك، إذ لا يعقل ان يندفع الناس لزيارة سورية وهم يعرفون ان البيئة ليست آمنة، وهناك إشكالات محتملة بسبب تصرفات النظام وأجهزته، من جهة، سواء بشكل طبيعي، او بسبب شكوك حول تصرفات بعض القادمين أو ارتباطاتهم او مهماتهم، أو محاولات الضغط على الأردن، أو بسبب وجود تنظيمات عسكرية، وحالة من الفوضى، في بعض المناطق، أو حتى عصابات ربما تختطف بعض القادمين لغايات طلب فدية مالية، أو للمقايضة على هؤلاء، ماليا، أو لأي سبب آخر.
الذين يندفعون للذهاب الى سورية يحبون هذا البلد العربي العزيز، وأغلبهم سبق أن زاره، ولهم فيه انساب او ذكريات ترتبط بالتعليم، او التجارة، او السياحة، وهناك نفر قليل يزورها لأول مرة، لكن علينا ان نتذكر أننا أمام بيئة حرب وفوضى، إذ لا يمكن اعتبار سورية مستقرة تماما، كما ان العلاقات الأردنية السورية سيئة، وفي حدها الأدنى من حيث التنسيق وتبادل المعلومات، ما يعني أن القدرة على حل الإشكالات مع السوريين، منخفضة جدا، إن لم تكن غائبة أساسا، لاعتبارات مختلفة.
بالمناسبة كانت القدرة على حل الإشكالات منخفضة أيضا، حتى قبيل الفوضى السورية، وكانت العلاقات الأردنية السورية يومها، ليست بهذا السوء الذي نراه اليوم، لكن الانجماد على مستوى التنسيق السياسي والأمني كان سمة أساسية، ولم تكن دمشق تستمع الى أي طلبات اردنية، او محاولات تدخل في بعض الحالات الحساسة.
القصة هنا، ليست التحريض على سورية الرسمية، لكن لماذا يعرض الناس أنفسهم لمخاطر كثيرة، ثم تصير القصة قصة الدولة الواجب عليها البحث عن مواطنيها، واذا كانت هذه مهمة طبيعية لعمان الرسمية، إلا أنها مهمة شبه مستحيلة في ظل سوء العلاقات مع دمشق الرسمية، وفي ظل كون البيئة السورية، بيئة حرب وفوضى؟
اذا كان السوريون ذاتهم لا يعودون الى سورية، وبيننا أكثر من مليون شقيق أغلبهم غير مطلوب للسلطات السورية، لأنهم يعرفون ان البيئة غير آمنة، وأن الأمن غائب الى حد كبير، وأن كل شيء محتمل، فلا يعرضون انفسهم لأي مخاطر، برغم انها بلادهم، فيما يندفع كثيرون هنا للسفر الى سورية، خصوصا من المناطق المحاذية لسورية، والتي لأهلها علاقات قربى او نسب او لهم صلات تجارية داخل سورية، إضافة الى بقية المواطنين من مناطق مختلفة من المملكة.
لا بد أن يشار هنا الى ان حالة التوتر والشك، حالة قائمة تجاه كل قادم، اذ هل يصدق الأردنيون ان السلطات السورية لا تنظر بشك الى كل قادم، باعتباره قادما من تنظيم عسكري، او في مهمة لجماعة ما، او حتى من طرف جهاز امني إقليمي، سواء كان القادم فردا، او عائلة، وأيا كان عنوان زيارته المعلن، إلا أن الشك يبقى قائما، كما أن بيئة الحرب السورية صنعت عصابات متخصصة في السرقة والفدية، ويعاني منها السوريون قبل غيرهم.
ننصح بعدم الذهاب الى سورية، رغم أننا ندرك أن هذه الدعوة قد تبدو انعزالية وتستهدف أيضا ترك السوريين فرادى وعدم التواصل معهم، الا اننا بكل صراحة امام حالة توتير مصدرها الوضع في سورية ذاتها، وليس لرغبة احد في الأردن بتركها معزولة، وليس أدل على ذلك من عشرات آلاف السيارات التي تدفقت برا في الأيام الأولى لفتح الحدود مع سورية، وهو مشهد يفرض على دمشق الرسمية أيضا، عدم التسبب بضرب هذا الجسر الإنساني-الوجداني، والتنبه لكلفة الحوادث الصغيرة او الفردية التي تجري كل يومين او اكثر.
ثم إذا كانت دمشق تريد أن يواصل الأردنيون تدفقهم الى سورية، فلماذا لا يتبادلون المعلومات مع الأردن، حول حوادث الاختفاء او الاختطاف او التوقيف، تعبيرا عن حسن النوايا من جهة، وتكريسا لحالة الشعور بالأمان بين الأردنيين الزائرين؟!