Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Sep-2018

شخصية العام - ناحوم بارنيع

 

يديعوت أحرونوت
 
الغد- لو طلب مني أن اختار رجل السنة في السياسة الإسرائيلية لاخترت شخصا واحدا هو دونالد ترامب. فقد أحدث ترامب ثورة في ثلاثة مجالات مركزية في حياتنا: الثقافة السياسية، جدول اعمال الاحزاب والسياسة تجاه الفلسطينيين. فقرار اغلاق مكتب م.ت.ف في واشنطن هو مجرد حلقة واحدة في سلسلة.
 
نبدأ بالفلسطينيين. يمكن للمرء أن يكره ترامب أو يحتقره. ولكن لا يمكن أن يقول انه لا توجه منهاجية في سلوكه. فترامب يؤمن بانه من اجل الحصول على تنازلات من الخصم، ينبغي قبل كل شيء تهديده وتحقيره. فاذا ما أهين سيتراجع. واذا لم يتراجع فسيعاقب. اذا ما داهن يداهن. هذا النوع من السلوك يسود جدا في السياسة الداخلية للدول، بما فيها الدول الديمقراطية، ولكنه يعتبر سلوكا سائبا وخطيرا في السياسة الخارجية.
 
أن استخف بكم وبتحذيراتكم، يقول ترامب لكبار الدبلوماسية الأميركية وللزعماء الاجانب. فحذركم أدى بأميركا من فشل الى فشل. حان الوقت لتحطيم المسلمات.
 
يمكن ان يقال في صالحه ان تهجماته على الشعوب الاجنبية والزعماء الاجانب، الحروب التجارية والحروب اللسانية، لم تؤدي حاليا الى الحرب؛ فالاقتصاد الأميركي يزدهر. ويمكن ان يقال في طالحه، ان خطواته لم تولد في هذه الاثناء أي صفقة، أي اتفاق، باستثناء اتفاق واحد، غير مثير للحماسة، مع المكسيك. السؤال الى أن ستقود العالم الحرب التجارية التي يشنها ترامب، ضد الصين، ضد كندا، ضد غرب اوروبا وضد الشركات الأميركية الكبرى، ما يزال مفتوحا؛ مفتوح ايضا السؤال ما الذي سيحققه في قصة غرامه على كيم يونغ اون، حاكم كوريا الشمالية، التي بدأت بالشتائم الشخصية وتواصلت بالمداهنة المتبادلة، والمشروع النووي الكوري الشمالي لم يصفى. ومفتوح السؤال ما هي طبيعة قصة الغرام التي يديرها مع بوتين.
 
هذه المنهاجية الكفاحية تميز موقف ادارة ترامب من الفلسطينيين. بدأها ترامب بالخير – وفقا لمفاهيمه. فقد عين صهره جارد كوشنير مبعوثا حاصا الى الشرق الاوسط واستضاف ابو مازن في البيت الابيض. سعى الى صفقة سريعة، صفقة القرن، التي تثبت عبقريته في عقد الصفقات وعدمية اوباما وهيلاري كلينتون اللذين حاولا وفضلا. عندما تبين له بان الفلسطينيين لا يسارعون الى أي مكان وبالتأكيد ليس الى الاستسلام للاملاء الإسرائيلي – الأميركي اتخذ جانبا. فنقل عنوان السفارة الى القدس كان مجرد خطوة رمزية، ولكن التقليص الدراماتيكي للمساعدات الأميركية للأونروا والمطالبة بحرمان ملايين الفلسطينيين من مكانة اللاجيء كانت ذات مغزى. وجاء اغلاق مكتب م.ت.ف في واشنطن ليوجه ضربة اخرى لابو مازن.
 
في حكومة إسرائيل رأوا في هذه الخطوات هدية عيد: الاشرار تخوزقوا؛ والاخيار انتصروا؛ فليحيا ترامب. تحليل أقل انفعالا كان سيشير الى عدة مشاكل على هوامش الاحتفال. اولا، حكومة إسرائيل ترى في الشقاق بين الادارة الأميركية والفلسطينيين هدفا، بينما يرى فيه ترامب وسيلة. وهو كفيل بان ينقلب رأسا على عقب مثلما انقلب في كوريا الشمالية. ثانيا، ترامب بعيد ونحن قريبون. الاولاد الذين لم يذهبوا إلى مدارس الوكالة في خانيونس وفي بيت حانون سيلقون بزجاجات حارقة على جنود الجيش الإسرائيلي في غلاف غزة. والاساس، أحد لا يعرف ما الذي سيؤدي اليه يأس الفلسطينيين، هل إلى الاستسلام أم الى انتفاضة جديدة. لا يقل اهمية، هل ترامب، في مشاداته مع الحلفاء ومع الخصوم، لا يجعل الولايات المتحدة غير ذات صلة في السياسة العالمية. لإسرائيل هذا يطرح مشكلة: رأينا ما حصل في سورية، حين ترك ترامب الساحة للروس وللإيرانيين؛ رأينا ما حصل بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع ايران. فالاوروبيون يخرجون الان عن اطوارهم كي يعوضوا الإيرانيين. وهم كفيلون بان يتصرفوا هكذا تجاه الفلسطينيين ايضا.
 
تأثير ترامب على الاحزاب في اسرائيل مشوق. فالمبرر المركزي لدى لبيد ضد نتنياهو كان أن العالم غير مستعد لان يقبله. انا سأكون نتنياهو رقيق، وعد لبيد، انا سأكون نتنياهو الذي يسعد العالم ان يتبناه. جاء عصر ترامب وأفرغ هذه الحجة من محتواها. العالم، الذي في نظر الاسرائيليين يبدأ وينتهي بالادارة الأميركية، يقبل بحب نتنياهو وسياسة حكومته. وفقد لبيد مبرر وجوده. من جهة اخرى، الاحساس في اليمين هو أن السماء هي الحدود. ليس نتنياهو والليكود فقط – بل بينيت وشكيد ايضا. كل ما ينبغي هو القول لترامب كم هو عظيم.
 
ان التأثير الابرز لترامب هو على الثقافة السياسية في اسرائيل وعلى حصانة ديمقراطيتها. الكل ترامب، الكل ترامبيون. وعن هذا قيل غير قليل في السنة الاخيرة: يخيل لي ان هذا غني عن التفصيل.