Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jun-2020

صبحي فحماوي: علينا إعادة إحياء التاريخ الكنعاني القديم

 الدستور - نضال برقان

 
«أشعر أن حضارتنا الكنعانية العظيمة قد تم اغتيالها، منذ أن شنّ الرومان حروبهم علينا، ابتداءً بحرق مكتبة الإسكندرية وقتل اللغة الهيروغليفية والكنعانية داخل أروقتها، وإزالتهم للكثير من آثار الكنعانيين، وإقامة المدرجات الرومانية مكانها لتتحول حضارتنا إلى رومانية وليست كنعانية..» هذا ما يذهب إليه الروائي والأديب صبحي فحماوي، الذي أصدر حديثا رواية «اخناتون ونفرتيتي الكنعاينة»، التي فتح الباب على مصراعيه، لإعادة إحياء التاريخ الكنعاني الفرعوني القديم، وذلك من خلال أعظم قصة حب في التاريخ يمثلها «اخناتون» و»نفرتيتي».
 
الرواية نفسها هي الحادية عشرة لفحماوي، وقد صدرت عن الدار الأهلية للطباعة والنشر/ بيروت – عمان، وهي تحفر في التاريخ الكنعاني الفرعوني لتصور قصة حب رائعة بين الأمير الفرعوني امنحوتب الرابع، ولي عهد امنحوتب الثالث، والأميرة إلهام ابنة رفائيل ملك مجدو الكنعاني، حيث يبدأ لقاؤهما في بحيرة الشط.. في ربوع مزارع عنب مدهشة، في مملكة الخليل، حيث تنبت المعالم الأولى لحب جارف بين الأميرين، إلى أن يلتقيا وجها لوجه بعد ثلاث سنوات في معركة مجدو الفاصلة بين الكنعانيين والفراعنة.. وقبل أن تبدأ المعركة يتواجه العاشقان بصفتهما الممثلين الشرعيين لقيادة المعركة، فتتحول شرارة المعركة إلى ترسيخ الحب السابق، والبناء عليه.. وينتهي هذا اللقاء بخطبة الأمير امنحوتب للأميرة الهام.. ليعودا إلى مملكة الفراعنة طيبة، فتتوج إلهام ملكة مع الملك أمنحوتب الرابع بعد وفاة والده، ويتحول اسمه إلى الملك اخناتون واسمها إلى الملكة نيفرتيتي ثم يتطور الصراع، ليصل إلى نهاية مدمرة، لا تحمد عقباها.
 
وكان فحماوي أصدر الروايات: «عذبة»، 2005، عن دار الفارابي، و»حرمتان ومحرم»، 2006، و»الحب في زمن العولمة»، 2007، و»الإسكندرية 2050»، 2009، و»الأرملة السوداء»، 2010، و»قصة عشق كنعانية»، 2011، و»سروال بلقيس» 2012، و»على باب الهوى»، 2014، و»قاع البلد»، 2017.
 
وبمناسبة روايته الجديدة كان للدستور الحوار الآتي مع الأديب صبحي فحماوي..
 
 
 
* أنت روائي مهتم بالتاريخ الكنعاني وذلك ما تؤكده روايتك «أخناتون ونفرتيتي الكنعانية» بعد روايتك قصة عشق كنعانية. ما هي قصة الكنعنة في مشروعك الأدبي؟
 
- أشعر أن حضارتنا الكنعانية العظيمة قد تم اغتيالها منذ أن شنّ الرومان حروبهم علينا ابتداءً بحرق مكتبة الإسكندرية وقتل اللغة الهيروغليفية والكنعانية داخل أروقتها، وإزالتهم للكثير من آثار الكنعانيين، وإقامة المدرجات الرومانية مكانها لتتحول حضارتنا إلى رومانية وليست كنعانية.. ولهذا فإن علينا أن نصوب التاريخ ونعيد إحياء تاريخ حضارتنا، حيث كان البحر المتوسط بعظمته بحيرة كنعانية. حتى أنني لم أشاهد أي دراسة عربية بحجم القائد الكنعاني العظيم، أو تمثال بهذا الصدد، سوى ما نجده مسروقاً إلى متاحف الغرب، ولم أشاهد سوى تمثالاً للقائد التاريخي، هاني بعل الذي احتل أوروبا كلها وبقي بعد احتلاله، 15 عاماً في روما إلا في روما نفسها، وذلك بالقرب من استاد الكولوسيوم الروماني في المنطقة الأثرية هناك.
 
وكما قال الباحث هومي بابا أن «الأمم مثل الروايات، تفقد جذورها في خضم الزمان وأساطيره، ولا تستعيد أفقها إلا في الخيال.. وأن الأمم عبارة عن سرد للتاريخ.».. وكما أضاف البروفيسور الأمريكي «كيث وايتلام» أن التاريخ الفلسطيني يحتاج أيضاً إلى أن يخلق لنفسه فضاءً، حيث يتمكن من إنتاج روايته الخاصة للماضي، وبهذا يساعد في استعادة أصوات السكان الأصليين، التي تم إسكاتها في خضم اختلاق إسرائيل قديمة. فإن رواية اخناتون ونفرتيتي الكنعانية تأتي في فتح الباب على مصراعيه، لإعادة إحياء التاريخ الكنعاني الفرعوني القديم، وذلك من خلال أعظم قصة حب في التاريخ يمثلها اخناتون ونفرتيتي.
 
 
 
* كيف كان أخناتون يُقدِّس أتون الشمس، بصفته الإله الأحق بالمحبة والتقدير بدل الإله الفرعوني آمون؟
 
- حسب رواية «اخناتون ونفرتيتيي الكنعانية» فإن اخناتون منذ صغره وهو يشعر برفض أبيه لديانة آمون.. ولكن أباه كان في أوج عظمة الإمبراطورية الفرعونية متفرغاً لملذات الحب والصيد والفرح والمرح، متخلياً عن الحروب، ومبتعداً عن رجال الدين، وليس متصارعاً معهم. كان أمنحوتب الثالث يعيش الحب بكل أبعاده، ويترك إدارة البلاد لزوجته الملكة تيي فكان ولده أمنحوتب الرابع يكره تسلط رجال الدين عبدة «آمون» ويريد أن يحرر شعبه من طقوس تقديم الأتاوات واللحوم المشوية، والتي تُجيّر كلها لمصلحة رجال الدين واستعباد الشعب المصري في العمل سخرة في مزارع رجال الدين وحفر القنوات المائية، وبناء المعابد والأهرامات. فعندما التقى الجميلة إلهام – نفرتيتي وجد ضالته المتفقة معه في رفض عبادة الأصنام، وهو يشعر أن الشمس وليس أحد غيرها، هي الذي تقدم الخير للجميع بالتساوي.. فلا فرق في عطائها كل شيء، بين غني أو فقير، قوي أو ضعيف لاستقبال خيرات الشمس التي تنتج الأعشاب فترعاها المواشي وتحلب الحليب ليحصل الناس على مشتقاته ويأكلون لحومها، ويستهلكون منتجات النباتات، فيزداد نموهم، وتتحسن صحتهم.. وأما الأصنام فلا تعطيهم شيئاً غير سطوة جهة خفية يسوقها رجال الدين.
 
 
 
* كيف تفسر أنه رغم دمار مدينة (أخت أتون) الأخناتونية بكل ما فيها، إلا أن آثار أخناتون بقيت هي الأكثر حضوراً في الآثار الفرعونية وأن تمثال نفرتيتي الأجمل، بقي معززاً مكرماً في متحف برلين للفنون حتى اليوم.
 
- كان أخناتون ونفرتيتي راعيين للفنون الجميلة بصفتها تعزز المتعة والحب في الحياة وحسب الرواية، فلقد كان الملك والملكة يجمعان الفنانين في مراكز ثقافية ومختبرات فنية وقاعات نحت ورسم، ويطلب منهم أن لا يرسموا الأصنام التي ليس فيها روح وحياة، بل يرسمو ملامح الحياة ممثلة بالحب.. وأن يمزجوا صور الأشخاص المعنيين مع طيور السماء أو الغزلان الشاردة أو نهر النيل أو أية أشياء يتخيلونها لتندمج الطبيعة مع الصورة التي يرسمونها.. وكان يقول لهم: «إذا أردتم أن ترسموني أو ترسموا مليكتي، فليكن شكلي كما تتخيلونه، وليس كما هو أنا، ولهذا رسمه بعض الفنانين بأن له حوضاً أنثوياً، ورسمه آخرون بأن أقدامه وذراعيه طويلة.. وكان أخناتون بذلك – حسب الرواية – هو مؤسس الفن الحديث، وبما سمي اليوم فن الكاركاتير الذي يرسم الشخصيات حسب خيال الفنان.
 
 
 
* لماذا لم تؤمن أمه «الملكة تيي» بما آمن به ولدها أخناتون؟
 
- كانت الملكة تيي بصفتها الراعية للقانون والنظام في الإمبراطورية المصرية، تحاول الحفاظ على توازن المجتمع والدولة، بما فيها رجال الدين والناس والمحاكم والقضايا والحروب، وإن كان رأيها بتخفيف الحروب إلى آخر ما يمكن، واستبدالها بالدفاع بدل الهجوم. ولذلك لم تنحز إلى ولدها اخناتون، بل بقيت تعيش في قصرها في العاصمة طيبة، غير متورطة في خلاف كي لا تشرخ الدولة المصرية.. ولهذا فهي لم تغادر إلى عاصمة ولدها «أخت آتون».
 
 
 
* كيف تحطمت الملكة نفرتيتي، بعد أن كانت شخصية قيادة موازية لزوجها الملك أخناتون؟
 
- كانت الملكة نفرتيتي تواجه رجال الدين، حتى باستخدام الأيدي بالشوارع وقاعات الكرنك، في طيبة، مؤمنة بفكر الإله آتون الشمس.. واستمرت تنشر دينهما وتقاوم، بالتعاون مع زوجها الملك جموع رجال الدين الأموني، ومن هم متأثرون بهذا الدين... ولكن أحابيل رجال الدين استطاعت أن ترشو وتقنع وتستقوي على الكثيرين ليعملوا معهم ضد سياسة حرية أتون الشمس التي جاء بها أخناتون لدرجة أنهم بسبل شيطانية استطاعوا أن يقنعوا الملكة تيي والدة أخناتون بأن تزوجه من ابنته الكبرى مريت أتون، لعله ينجب ولداً، حيث أن نفرتيتي لم تنجب سوى ست بنات.. فما أن تأكدت نفرتيتي من زواج حبيب قلبها من ابنتها مريت أتون حتى جن جنونها، وخرجت من قصرها حافية بملابس مهترئة، أو ملابس غير رسمية، وسارت في الطرقات.. واستمرت تسير.. إلى أن اختفت بطريقة غير معلومة.. وهذا ما يجعل القارئ يذهل لتهاوي هذا الحب العظيم بين عشيقين جميلين متحابين متعاونين في إرساء عالم حضاري جديد ينعم بالسعادة والهناء وبنفس الطريقة اختفى اخناتون المُخدّر لزواجه من ابنته مريت أتون.. إذ إن الدين الفرعوني يسمح بالزواج من الأخت أو البنت ويفضل الدم الملكي على دم الشعب المصري.