Tuesday 22nd of October 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jul-2024

نتنياهو وحكومته باقون ولو على جثثنا

 الغد- معاريف

بقلم: بن كسبيت
 
تسعة أشهر على الكارثة، بقينا مع عنوانين مركزيين: العنوان الأول، هو أن إمكانية إبادة دولة إسرائيل عادت إلى جدول الأعمال ولم تعد تبدو بلا أساس في عيون أعدائنا، وليس فقط في عيونهم. العنوان الثاني، هو أنه رغم النجاح المدوي لضربة البداية في 7 أكتوبر، في النهاية لم نباد. خطة السنوار انهارت بعد مرحلة البداية. فقد نجح في مفاجأة الإمبراطورية الإسرائيلية في حملة تضليل ذكية وأوقع علينا الضربة الأكثر إيلاما في تاريخنا. لكن كل ما كان يفترض أن يحصل فور ذلك – ببساطة لم يحصل.
 
 
لقد اعتذر السنوار بأثر رجعي لحسن نصرالله على أنه فاجأه هو أيضا. فقدرات الاستخبارات الإسرائيلية، حسب السنوار لم تسمح له بإطلاع شركائه في "محور الإبادة" على موعد الهجوم. يبدو أن نصرالله بلع الإهانة لكنه لم يفعل ما توقع السنوار منه أن يفعله ولم ينضم مليء – مليء إلى الحرب. فقد أطلق الصواريخ، أطلق النار، أزعج إسرائيل، لكنه لم يوقع هجوما صاروخيا قويا على مراكز القوة الإسرائيلية، المطارات، المفترقات، أهداف البنى التحتية وحشودات القوات. قعد على الجدال في الشمال، قدم هنا وقدم هناك، ورفع العتب. عرب إسرائيل هم أيضا خيبوا أمل السنوار، وأمل بن غفير. هم هادئون نسبيا. في الضفة، بالمقابل، الجمر يشتعل. يوجد هناك جهد عسكري إسرائيلي وشباكي متواصل، يومي، لمنع اللهيب من التفجر. الأمر الأخير الذي نحتاجه هناك هو الإرهاب اليهودي، لكن ضده لا يوجد من يعمل. فالشرطة أممت منذ زمن بعيد، يدا الشاباك مكبلتان، والآن حتى الاعتقالات الإدارية أخرجت من صندوق الأدوات. من يدري، لعله في النهاية ينجح سموتريتش وبن غفير في أحداث حرب يأجوج ومأجوج، رغم كل شيء.
إن فشل السنوار في جمع الساحات وفتح بوابات جهنم علينا لا يعني أنه يمكن لنا أن نهدأ. العكس هو الصحيح. فالمعمعان فشل والسنوار وجماعته انتقلوا الى الخيار الثاني: الاستنزاف. هذا ما يفعلوه الآن. في الأسبوع الماضي، دفنا 12 جنديا، وهذا لم يكن أسبوعا على نحو خاص. الجيش الإسرائيلي يقترب من 700 قتيل منذ 7 أكتوبر، قبل أن نحصي المدنيين والمخطوفين. هذه وتيرة تآكل لا يمكن لإسرائيل أن تصمد فيها على مدى الزمن. فليست حياة الإنسان وحدها تسحق هنا. بل القيم أيضا، الجوهر أيضا، قدرة الصمود أيضا، تراص الصفوف الداخلية أيضا.
المزيد فالمزيد من الإسرائيليين يفكرون بصوت عال إذا كان هذا هو المكان ليربوا فيه الأجيال المقبلة. المزيد فالمزيد من الإسرائيليين لم يعودوا مقتنعين بأن إسرائيل الحالية هي الدولة إياها التي أقامها هنا الآباء المؤسسون قبل 76 سنة. نحن ننزف في كل المجالات – المقاتلين، المدنيين، الأطباء، العلماء، رجال التكنولوجيا، وأنواع أخرى طيبة من الإسرائيليين ممن يتلقون عروضا مغرية من خلف البحر. بعضهم يمسح الدموع، يجمع الامتعة ويغادر. بعضهم يتردد. بهذه الوتيرة، فإن الطبقة التي تصون هنا الاقتصاد، الأمن، الاكاديميا، الصناعة والتكنولوجيا ستضعف وستتبدد. هذا الخطر واضح وملموس أكثر من خطر الإبادة على أيدي حزب الله، إيران وكل ما بينهما. يدور الحديث عن خطر واضح وفوري.
شيء واحد لم يعد ممكنا أن يتغير، حتى لو حققنا "النصر المطلق" الذي يسوقه لنا بائع الأثاث الذي اختطف الدولة: يحيى السنوار جعل نفسه الصيغة الحديثة الأقرب إلى صلاح الدين. من موقع دون المهزوم، نجح في أن يوقع على القوة العظمى الإسرائيلية الضربة الأشد التي أوقعت عليها في أي وقت مضى. سخر من الاستخبارات الإسرائيلية، أخفى الجيش الإسرائيلي، ضرب البطن الأكثر طراوة لإسرائيل وجسد كل كوابيسها. أوقع كارثة عظيمة أيضا على أبناء شعبه، لكن هذا حقا لا يهمه. عيناه علينا. علينا فقط. هو يرى المجتمع الإسرائيلي يتفكك أمام عينيه ويستمتع بكل لحظة. يؤمن، أكثر من أي وقت مضى أن الزمن يعمل في صالحه. هو يعرف أن أيامه لن تطول، لكنه يعرف أن اسمه سيخط إلى الأبد في تاريخ شعبه. كل هذا أتيح على جثثنا.
الأنباء الطيبة هي أنه رغم أن السنوار أمسك بها في نقطة الضعف الأدنى والأكثر تطرفا التي يمكن له أن يمسكنا فيها، نجاحاته العسكرية الحقيقية كانت قصيرة المدى والموعد. فقد كانت هذه هجمة من طرف واحد فقط. لم يكن إخطارا، لم يكن جيشا، لم تكن قيادة وتحكما، لم تكن جاهزية، لم تكن جدية، لم تكن عقيدة دفاع جديرة باسمها. في طرفنا لم يكن شيئا وما يزال، حتى مساء 7 أكتوبر. معظم قتلة النخبة كانوا  ماتوا أو فروا للنجاة بحياتهم إلى داخل القطاع.
الغلاف والدولة أنقذهما أفراد، جماعات، انتظام على عجل لمقاتلين، مدنيين، شرطة ومجرد أناس ببساطة نهضوا وساروا ليقاتلوا في سبيل البيت. مثلما كشف السنوار عن عارنا في 7 أكتوبر هكذا كشف أيضا عن عظمتنا. مثلما كان 7 أكتوبر ساعتنا الأصعب، كارثتنا الأشد والأكثر فظاعة، هكذا كان أحد أيامنا العظمى. كميات البطولة الفائقة التي أبديناها على مدى هذا اليوم تضع في الظل كل البطولة الإسرائيلية منذ انبعاثنا في العام 1948 وحتى اليوم. وما تزال اليد ممدودة.
وبعد أن قلنا كل هذا، من الصعب أن نفهم كيف أن أناسا أكثر مما ينبغي ممن كانوا مسؤولين عن إخفاقات أكثر مما ينبغي ما يزالون يتولون مناصبهم. في أخبار 12 في الأسبوع الماضي، جاءت الرسائل الإلكترونية الأخيرة التي بعثت بها "و"، الرقيبة من وحدة 8200 التي حذرت وأخطرت وتنبأت بالكارثة  الأشهر التي سبقت وقوعها. الرسائل الأخيرة التي بعثت بها إلى قادتها، قبل أسبوع او أسبوعين من المذبحة هي وثيقة لا تفهم تكشف حجم انغلاق الحس، الغرور، الاعتداد بالنفس، التعالي والتجاهل الذي أدى إلى الكارثة أتوقع من رئيس الأركان هرتسي هليفي أن يحرص على أن كل من تلقى هذه الرسائل ولم يقلب على الفور كل الطاولات في محيطه أن يطير الى بيته مكللا بالعار، وإذا كان ممكنا أيضا من دون تعويضات وتقاعد. هكذا ببساطة. ثمة من يعتقدون أن هؤلاء المسؤولين يجب أن يصلوا حتى السجن. أنا لست بينهم. لكن الحقيقة ان بعضهم ما يزالون يتولون مناصبهم لا تقل انعداما للفهم. من قائد الفرقة، عبر قائد أمن القيادة، عبر كل السلسلة ممن قرأوا صرخات "و" وأزاحوها باستخفاف. عليهم أن يختفوا من حياتنا.
صحيح حتى الآن، حكومة إسرائيل لا تنشغل بالدفاع، لا تنشغل بالهجوم، لا تنشغل بالإعمار ولا تنشغل بتخطيط المستقبل أو باي استراتيجية. هي تنشغل بالإبادة، ليس للعدون بل للعلامة التجارية الإسرائيلية. هذا ينعكس على كل فعل، على كل قصور، على كل قرار للعصابة التي اختطفت إسرائيل. كل شيء مقلوب.
في الأسبوع الماضي، مدد إخلاء سكان الشمال حتى 31 آب. مطلوب لذلك ميزانية نصف مليار شيكل. في الأسبوع إياه وزعت حكومة السلب والنهب نحو 900 مليون شيكل أموالا ائتلافية لقطاعات، جماعات ضغط وحريديم، وكأننا في ذروة أيام الحياة العادية والاستجمام. هذا المال كان ينبغي أن يوجه إلى الجهد الحربي ولمواصلة تمويل إخلاء السكان. لكنهم لا يلمسونه. فهم لن يخاطروا بالائتلاف. لكنهم يخاطرون بالدولة. يواصلون توزيع الغنائم والسلب والنهب وكأن شيئا لم يكن. ولهذا فقد نفذ اقتطاع "عرضي" سيمس بنا جميعنا، بدلا من استغلال الأموال الائتلافية. على هذا فقط يجب أن تنتهي في أقرب وقت ممكن ولاية حكومة الخراب هذه.
حكومة سوية العقل كانت ستسعى الآن بكل قوتها لإنهاء الصيغة الحالية للحرب في غزة وإعادة كل المخطوفين والجثث. رئيس وزراء مسؤول كان سيصل إلى اتفاق هادئ مع الرئيس الأميركي يتيح لنا مواصلة القتال ضد حماس بالطريقة التي نقاتل فيها في الضفة، مواصلة صيد قادة حماس والعودة إلى غزة في الزمان والمكان اللذين نقررهما. المشكلة هي أنه لا توجد هنا حكومة سوية العقل ولا يوجد هنا رئيس وزراء مسؤول. يوجد هنا إنسان مصاب بتضارب بنيوي للمصالح في كل عمل يقوم به تقريبا، وأساسا في الأعمال التي لا يقوم بها. شخص يحتاج إلى تمديد الحرب قدر الإمكان، بينما تحتاج دولته إلى وقفها بأسرع وقت ممكن.
نحن نحتاج إلى أن ننهي الحرب في غزة، لأن خطر حماس تقلص إلى الحد الأدنى، للسنوات القريبة المقبلة على الأقل. محظور السماح لها أن تنمو مرة أخرى، وينبغي مواصلة العمل الى أن يكون واضحا أنه لا توجد بنية عسكرية ذات مغزى لحماس في غزة. سلم الأولويات الحالي هو العمل شمالا وإنهاء الحديث هناك أيضا بأسرع وقت ممكن، لأجل التفرغ للتحدي الحقيقي: استكمال دائرة التحالفات الإقليمية – من المغرب وحتى السعودية، البحرين والإمارات بقيادة أميركية. استقرار التحالف الأميركي – السُني – الإسرائيلي ضد ايران. إعادة بناء الجيش الإسرائيلي وتوسيعه على نحو ذي مغزى. تعبئة مخازن الذخيرة للجيش الإسرائيلي الى حجم لم يشهد له مثيل حتى الآن، وأنا اتحدث عن عشرة أضعاف مما كان قبل ذلك (وحتى هذا لا يكفي). الاستعداد لإمكانية ضربة عسكرية لإيران، للبنية التحتية النووية، إذا ما وعندما يتبين أنهم يوشكون على اجتياز الحافة والاقتحام أيضا لـ "مجموعة السلاح".