الغد- هآرتس
بقلم: اسحق بريك 3/9/2024
هناك من يقولون بأن الخروج من قطاع غزة بعد التوقيع على الاتفاق مع حماس على اعادة المخطوفين هو هزيمة وخضوع، وهو سيعود إلينا كسهم مرتد بهجوم آخر لحماس. عندها ستكون خسائرنا أكبر باضعاف من الخسائر في الهجوم على الغلاف في 7 اكتوبر.
هذا الأدعاء يرتكز إلى عدم فهم أساسي لما يحدث في غزة. هذا الادعاء يتغذى على الكليشيهات التي ينشرها المستوى السياسي والمستوى الأمني، من أجل تبرير أفعالهم والحصول على الدعم والشرعية من الجمهور من أجل الاستمرار في الحرب الفاشلة.
عمليا، بالذات الذين يقولون إن وقف القتال يعني الهزيمة والخضوع فانهم يقربون هزيمة الجيش وتدمير الدولة. أهداف الحرب، "هزيمة حماس" و"تحرير جميع المخطوفين بالضغط العسكري" لم يتم تحقيقها. وإذا استمر القتال في غزة بواسطة عمليات الاقتحام على نفس الأهداف، فليس فقط أننا لن نهزم حماس، بل سندمر انفسنا. بعد فترة قصيرة لن نستطيع القيام بعمليات الاقتحام هذه لأنه في كل يوم يمر الجيش يضعف وعدد القتلى والمصابين في أوساط قواتنا يزداد. في المقابل، حماس قامت بتعبئة صفوفها من جديد بالشباب ابناء 17 و18.
رجال الاحتياط أصبحوا يصوتون بأرجلهم، وكثيرون منهم غير مستعدين للخدمة بعد الآن؛ جنود الخدمة الالزامية منهكون ويفقدون القدرة المهنية بسبب غياب التدريب والاعداد؛ بعضهم يتركون الدورة قبل انتهائها؛ اقتصاد إسرائيل وعلاقاتها الدولية ومناعتها الاجتماعية تضررت بشكل كبير بسبب حرب الاستنزاف ضد حماس وحزب الله؛ الحرب ستستمر في الجنوب وفي الشمال طالما أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في قطاع غزة. أيضا الحاجة إلى تجميع القوات في قطاعات أخرى مثل لبنان أو يهودا والسامرة بسبب نشاطات المقاتلين، ستجبر الجيش الإسرائيلي على اخراج القوات من غزة وارسالها الى مناطق مشتعلة، لأنه ليس لديه ما يكفي من القوات للقتال في نفس الوقت في عدة جبهات.
بكلمات اخرى، سيأتي اليوم الذي لن يتمكن فيه الجيش الإسرائيلي من البقاء في غزة لأن حماس تسيطر الآن هناك بشكل كامل، سواء في مدينة الانفاق المتشعبة التي تمتد مئات الكيلومترات أو فوقها. عدد الانفاق التي دمرها الجيش هو نسبة مئوية صغيرة جدا. وهذا يسري أيضا على الانفاق تحت محور فيلادلفيا وممر نتساريم، التي من خلالها تستمر حماس حتى الآن في ضخ الوسائل القتالية من شبه جزيرة سيناء الى القطاع، في الشمال وفي الجنوب. في وضع كهذا فانه لا توجد للجيش أي قدرة على اجتثاث حماس وتفكيكها.
إذا تم وقف عمليات الاقتحام بسبب ضعف الجيش أو بسبب عدم وجود أي خيار آخر، أو تم تحويل القوات إلى مناطق أخرى، فإن الأعداء سيعلنون بفرح أن الجيش الإسرائيلي استسلم وخرج من غزة. من الأفضل التحلي بالحكمة وتقديم علاج وقائي لهذه الضربة. يجب الآن الموافقة على صفقة تحرير المخطوفين، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستعيدهم الى بيوتهم. يجب انهاء الحرب في غزة، التي باحتمالية عالية يمكن أن تؤدي الى وقف قتال حزب الله وتقليص احتمالية اندلاع حرب اقليمية متعددة الساحات وشاملة، نحن غير مستعدين لها أبدا.
في فترة التهدئة سنعيد بناء الجيش والاقتصاد والعلاقات الدولية ومناعة المجتمع في إسرائيل، واستبدال كل المستوى السياسي والمستوى الأمني، اللذان كان لهما دور في الفشل الفظيع والانطلاق إلى طريق جديدة. هذه هي الطريقة ولا يوجد غيرها.