الراي-أي عنوان كبير هذا الذي «تورطتُ» في الحديث عنه الاسبوع الماضي في ندوة بالمعرض الدولي التاسع عشر للكتاب فهو يضم ما عشناه منذ نعومة أظفارنا يوم كنا نخرج من مدارسنا متظاهرين انتصاراً لحق الفلسطينيين في وطنهم الذي ارادت الصهيونية أن تستولي عليه وتقصيهم عنه ونجحت آخر المطاف عام 1948، ونأتي اليوم بعد اكثر من سبعين عاماً لنراها قد وصلت الى ما هو ابعد كثيراً من الاحتلال ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات والجدار العازل ثم شرعنة التمييز العنصري الذي فاق ببشاعته الابارتهايد في جنوب افريقيا، بفرض قانون القومية اليهودية على دولة مازال يقيم عليها عدد كبير من الفلسطينيين مواطنيها الأصليين ويشكلون الان خُمس سكانها بعدما صمدوا على تراب وطنهم أمام اهوال النكبة ومع الاسف كانوا يوصفون من قبل بعض جماعاتنا واحزابنا بأنهم عملاء لانهم يحملون بطاقة الهوية الاسرائيلية!... لقد اعتمدتْ الصهيونية في «سرديتها» منذ اكثر من مئة وعشرين عاماً على الاسطورة التوراتية التي قلبت الباطل حقا بادّعاء ملكية وطن «أقطعه» الرب لها واعتبرتها حقيقة تاريخية أخذ بها الآخرون لا لأنهم مغفلون لم يدركوا زيفها بل لان لهم مصلحة في تصديقها والاعتماد على اصطناع كيان يصبح حليفاً استراتيجياً لهم في هذه المنطقة الغنية بالنفط ويصلح قاعدةً عسكرية متقدمة تحمي مصالح واهداف الامبراطورية العالمية وعلى قمتها الشركات الكبرى (الكوروبوريتس) والبنوك ومصانع الأسلحة... وفي مواجهة السردية الصهيونية نتذكر المقاطعة الرسمية التي قررت الجامعة العربية تطبيقها بعد وقت قصير من تأسيسها عام 1945 وما جرى لها بعد ذلك من خرق وتحايل على كل الاصعدة حد الخيانة الوطنية الى ان انهارت عملياً بالزيارة الصادمة التي قام بها السادات الى الكنيست الاسرائيلي عام 1977 وما تلاها من اتفاقية كامب ديفد المذلة وهرولة الانظمة المختلفة للسير على نفس الخطى وصولاً هذه الأيام للترويج لصفقة القرن !