الغد-هآرتس
عاموس هرئيل
حجم الدمار في البلدة القديمة في القرية الشيعية، غير بعيد عن الحدود مع اسرائيل، كبير. جنوب لبنان ما يزال ليس قطاع غزة، ولكن ازاء قوة القتال هنا للجيش الاسرائيلي عندما اقتحم القرى القريبة من الحدود، فانه لم يبق الكثير من البيوت على حالها. الفرق الاساسي بين القطاع ولبنان يكمن في الغياب المطلق للمدنيين من ساحة المعركة. في لبنان، خلافا لأجزاء في القطاع، كان للسكان ما يكفي من الوقت والامكانيات للهرب. عندما دخلت قوات الجيش الاسرائيلي الى القرى تقريبا لم تجد هناك مدنيين. في كل القرية وجد جنود غولاني فقط امرأة عجوز، التي اختبأت في مزرعة على مدخل القرية. وقد تم تقديم العلاج لها في اسرائيل وبعد ذلك تم تسريحها.
في القرى المسيحية المجاورة لا يوجد أي قتال. فحزب الله لم ينشر فيها مواقع أو وسائل قتالية، والجيش الاسرائيلي امتنع عن المس بها. في بعض منها السكان بقوا في بيوتهم ويشاهدون عن كثب القتال الذي يجري عند جيرانهم الشيعة. مشكوك فيه اذا كانوا جميعهم يأسفون على ما يشاهدون. في الـ24 سنة الاخيرة منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان، لا سيما بعد انتهاء حرب لبنان الثانية في 2006، عمل حزب الله في هذه المناطق وكأنها له. لا قوة يونفيل ولا الجيش اللبناني، وبالتأكيد سكان القرى، لم يتجرأوا على الوقوف امامه.
الجيش الاسرائيلي يسمح بمرافقة المراسلين لقواته في لبنان، لكنه يشترط ذلك بالحفاظ على ضبابية المعركة. لا يمكن نشر اسماء القرى أو اعطاء تفاصيل عن القطاعات التي تعمل فيها القوات، باستثناء الاشارة الى أن الامر يتعلق بمناطق تبعد بضعة كيلومترات فقط عن الحدود. في جولة قصيرة في هذه القرية الشيعية ظهر أمس ظهرت بشكل جيد العلامات على المعارك التي جرت في الاسبوعين الاخيرين، عندما بدأ القتال غادر المكان عدد من قادة قوة الرضوان وقادة منظومة الدفاع المحلية. آخرون بقوا للقتال مع رجالهم. معظمهم قتلوا، لكن 10 من مقاتلي حزب الله تم أسرهم.
في الحادث الاكثر صعوبة قتل قبل اسبوع خمسة جنود من غولاني. خلية تتكون من اربعة مقاتلين لحزب الله اختبأت في فتحة مغلقة في الطابق الثاني في البيت الذي دخل اليه الجنود بعد اطلاق قذائف مدفعية وصواريخ مضادة للدروع. اللبنانيون فتحوا النار من مسافة قصيرة وقتلوا الجنود الذين صعدوا الى الطابق الثاني وأصيبوا بنار زملائهم الذين انقضوا لمساعدتهم من الطابق الاول. خمسة جنود آخرون اصيبوا اصابات بالغة، من بين القتلى كان قائد فصيل وقائد طاقم في الدورية. نائب قائد الكتيبة الذي تم استدعاءه الى هناك قاد القتال وجهود الانقاذ.
دورية غولاني، يقول ضابط كبير يعمل اللواء الذي تحت قيادته في المنطقة، هي الوحدة الافضل التي لدينا. إن تعافيهم كان مدهشا، خلال ساعات، رغم المصابين الكثيرين. ضباط تطوعوا على الفور لاستبدال زملائهم الذين اصيبوا، بما في ذلك ضابط ترك تعليمه الاكاديمي وعاد الى الميدان. في الشهر الماضي قتل 15 جنديا في اللواء، بينهم 6 في هجمات المسيرات التي اطلقها حزب الله في هضبة الجولان وفي قاعدة الجنود الاغرار للواء. منذ 7 اكتوبر قتل 102 جندي من لواء غولاني. في حرب يوم الغفران، الحرب التي رسخت روح لواء غولاني في اوساط الجمهور الاسرائيلي قتل 124 جنديا من جنوده.
رغم الخسائر الكثيرة إلا أنه تم اعادة ملء الصفوف من جديد، حوالي ربع الجنود الذين يقاتلون الآن في اطار الكتيبة الآن في لبنان، يقول قائد الكتيبة 13 في اللواء، المقدم طل ترجمان، الذي تجند للجيش الاسرائيلي بعد المذبحة في 7 اكتوبر. هو نفسه تم تعيينه كقائد للكتيبة بعد أن قتل القائد السابق المقدم تومر غرينبرغ في كانون الاول الماضي في المعركة الصعبة في حي الشجاعية في غزة. في الفترة الاخيرة تمكن ترجمان من اجراء مكالمة هاتفية خاطفة مع عائلته التي تعيش في الكريوت والتي تشهد بالمتوسط ثلاث صفارات انذار في اليوم. أولاده، 6 سنوات ونصف وخمس سنوات، سألوا اذا كان هو الشخص الذي قتل زعيم حماس يحيى السنوار. رغم التوق والتشوش الجغرافي البسيط فانه واضح لأولاد قائد الكتيبة لماذا هو يقاتل.
الزيارات الميدانية تعزز ادراك حجم المنظومات التي بناها حزب الله قرب الحدود. انفاق حماس اعمق واطول، لأن حزب الله لم يجعل كل خططه العملياتية تستند الى المجال تحت الارض، لكن خطة الهجوم التي بلورها حزب الله كانت معقدة ومحكمة اكثر واستندت الى قوات كبيرة وعدد كبير من الوسائل القتالية. ايضا في القرى اللبنانية، يقول الضباط، وجد رجالهم وسائل قتالية في بيتين من بين ثلاثة بيوت. ولأن التدريب الايراني الذي حصل عليه حزب الله كان اكثر من التدريب الذي حصلت عليه حماس فقد تم هناك تطبيق معايير اكثر شدة. بعض الاسلحة التي تم وضع اليد عليها تم جمعها والاحتفاظ بها وهي تلمع، وفي كل موقع كانت هناك وثيقة منظمة تفصل المعدات التي تحتويها. "يا ليتنا كنا منظمين هكذا"، قال أحد الضباط.
قادة كبار في الجيش الاسرائيلي يقولون بأنهم يستعدون لبضعة اسابيع اخرى من العمليات البرية في جنوب لبنان، حتى استكمال المهمة التي اعطيت لهم. عمليات تمشيط وتدمير بنى تحتية عسكرية، التي بناها حزب الله قرب الحدود وفي قرى خط التماس. انهاء العملية العسكرية الكثيفة يمكن أن ينطوي ايضا على صياغة تسوية سياسية بوساطة أميركية. ولكن عامل حاسم آخر يتعلق بمستوى ثقة السكان الاسرائيليين الذين تم اخلاءهم من المستوطنات على الحدود الشمالية بوعود الجيش الاسرائيلي والحكومة. في غلاف غزة، رغم تأثير الصدمة الفظيعة لمذبحة 7 اكتوبر، فرضت الدولة قبل نصف سنة عودة معظم السكان الى بيوتهم من خلال وسائل مالية. لقد أوقفت تمويل اقامتهم في الفنادق باستثناء البلدات التي تعرضت لأضرار شديدة.