Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Apr-2017

تيسير سبول: نحو فهم أعمق - ابراهيم العجلوني
 
الراي - لا ازال اذكر ندوة تلفزيونية, اوائل السبعينيات من القرن الماضي, شارك فيها الاديب الاردني الراحل تيسير سبول حول كتاب ازوالد شبنجلر «تدهور الحضارة الغربية».
 
ولا ازال احتفظ بما انطبع في خلدي من عمق قراءة تيسير سبول رحمه الله للفيلسوف الالماني الذي تبين لي فيما بعد وجه اهتمام شاعرنا العروبي به, وذلكم هو حديثه في الجزء الثالث من كتابه عن «المطلق العربي». الذي ربما كان يمثل لديه افقاً بديلاً لما انتهت اليه مادية الغرب.
 
ولم يكن كتاب شبنجلر هو الوحيد الذي عُني به تيسير سبول في المرحلة الاخيرة من حياته. بل كان له اهتمام بفردريك نيتشه صاحب كتاب «هكذا تكلم زرادشت» وبنيخته صاحب كتاب «نداءات الى الامة الالمانية» وبجوته صاحب «الديوان الشرقي للشاعر الغربي» وكلهم «المان» مسكونون بأشواق نهضة بلادهم ووحدتها وقيامها من عثرتها.
 
ولقد كتب تيسير سبول أحاديث اذاعية كثيرة تناول فيها افكار هؤلاء الادباء والمفكرين. كما اختار من أعمالهم أو مما كتب عنهم ما يتواءم ونزوعه الى التأمل, على نحو ما كان من اختياره لفصل من كتاب للدكتور عبدالغفار مكاوي: بعنوان «البلد البعيد» عن «جوته».
 
وإن مما أشرنا اليه في مقالة منشورة منذ حوالي عشرين عاماً، أن جامع أعمال تيسير سبول في كتاب واحد، وهو الدكتور سليمان الازرعي، قد فاته أنّ بعض ما اشتملت عليه «الاعمال الكاملة» التي اصدرها مشكورا محمود النقيبه لم يكن من تأليف شاعرنا الراحل، مثل ما ذكرناه آنفاً عن فصل «البلد البعيد»، وأن ذلك يقتضي اعادة طبع هذه الاعمال وقد خَلصت نسبتها لصاحبها، بيد ان طبعة لاحقة، بعد الاولى بسنوات، قد استبقت تلك المقالة–وربما استبقت مثيلات لها ايضاً–فكان ذلك مما أسِينا له بعض الأسى، ومما لا نزال نرجو اعادة النظر فيه ولو بعد حين.
 
وإذ نعود من استطرادنا هذا الى دلالة اهتمام اديبنا الراحل بالفلاسفة الالمان، فإننا نرى الى ذلك في ضوء اعتبارين لكل منهما في البنية الشعورّية لتيسير سبول نصيب وأيُّ نصيب:
 
اولهما: أنه كان مسكوناً بهاجس التفوّق العقلي، فلا أقلّ إذن من أن يكون ظاهراً على أعمال أكثر فلاسفة الغرب عمقاً ورحابة تصوّر.
 
وثانيهما: حبّه لأمته العربية وحرصه على استئناف حضورها الحضاري واستعادتها عافية العقل والروح, تماماً على الذي كان من هؤلاء الافذاذ من الامة الألمانية.
 
ومهما يكن الامر فإن خير ما نترجم به عن وفائنا لذكرى تيسير سبول أن نفهمه حق الفهم, وأن نرى الى الآفاق التي كان يقلّب وعيه فيها. وأن لا نكتفي برؤية سكونية, أو ايديولوجية ضيقة العطن, لحياته وأعماله.
 
رحمه الله وإيانا.. فإن همومه الفوادح هي همومنا, وإن بلواه بلوانا..