أما الإشارة الثالثة، والتي تحمل كبرياءً ورمزا للوفاء والإخلاص لكل من ضحوا في سبيل الوطن ورسالة الحرية والإنسانية، كانت بمثابة لفتتة ملكية سامية لزيارة جلالة الملك عبدالله الثاني يرافقه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، لصرح الشهيد في العاصمة عمان في ذكرى مئوية تأسيس الدولة الأردنية، ولا ننسى أن المغفور له بإذن الله الملك عبدالله الأول قد نال الشهادة يوم الجمعة " 20 تموز عام 1951" كأول شهيد من أجل المسجد الأقصى المبارك على أرض فلسطين، مجسداً بذلك حب الهاشميين ودورهم في الدفاع عن القدس والمقدسات ليروي بدمائه الزكية الطاهرة باحة المسجد الأقصى المبارك، وبعد ذلك نقل الى عمان وشيع جثمانه الطاهر بجنازة مهيبة ليدفن في عمان وليبقى دمه الزكي الطاهر يذكرنا بمواقف الهاشميين القومية والعربية الخالدة في الدفاع عن فلسطين العروبة.
وهنا نقف عند رسائل قوية مفادها أن التضحيات التي بذلها الشهداء الذين قضوا في سبيل الدفاع عن الوطن لها مكان عظيم في نفس جلالة الملك عبدالله الثاني والشعب الأردني، كيف لا وهم الذين سطروا بدمائهم أنبل القيم والمبادئ وقدموا أرواحهم فداء للوطن لنعيش بحرية وكرامة ، وهم الذين لم يغيبوا يوما عن الوطن في فرحه وحزنه وكأنهم خالدين بشهادتهم ودمائهم الزكية، رفقاء السلاح وأبناء المؤسسة العسكرية والجيش المصطفوي الباسل الذين خاضوا معارك الكرامة وحرب 67 والذين قضوا أثناء واجب الشرف، حيث حرص جلالة الملك وولي العهد على تكريم الشهداء بوضع إكليلاً من الزهور على ضريح الشهيد داخل الصرح وقراءة الفاتحة على أرواح العطرة.
وبعد ذلك جال جلالة الملك في ساحة الشهداء، التي ازدانت بـ 3082 علما أردنيا، في رمزية تمثل عدد شهداء الوطن منذ تأسيس الدولة.
الرسالة الرابعة والأخيرة، كانت من خلال مشاركة الدول على المستوى العربي والدولي بإرسال برقيات التهنئة والتبريك وتزيين معالم العواصم بألوان ورموز الأردن الوطنية، وهنا أيضا دلائل ومؤشرات كبيرة على مكانة المملكة وما لها من إحترام وتقدير بين الشعوب والحكام من مشارق الأرض ومغاربها، وهذا لم يأتِ صدفة أو من فراغ، بل هو مجهود دبلوماسي وسياسي قاده جلالة الملك عبدالله الثاني على خطى المغفور له بإذن الله الراحل الحسين بن طلال، حيث عمد ملوك الوطن على تكوين علاقات أخوية وصداقات بين جميع الدول عنوانها "رسائل التسامح والسلام"، وعليه حافظ الأردن على بناء وتوطيد سياسته الخارجية التي أثمرت في إيجاد مظلة دولية تنظر إلينا كبلد كبير على جميع المستويات وفي كل المحافل لنا وجود من خلال زيارات جلالة الملك وولي عهده لكافة الدول سعيا لرفعة الأردن وتقوية روابط الصداقة والشراكة من منطلق التقدم والإزدهار.
وبقلوب تفيض حباً وولاءً للوطن وقيادته الهاشمية الحكيمة التي جعلت من الأردن عريناً عربياً هاشمياً صامداً يلتف الشعب فيه حول قيادته الحكيمة، متمسكين بثوابتهم العربية والإسلامية المتينة، داعين الله عز وجل أن يحمي ويحفظ الوطن وقيادته، حيث تدخل الدولة الأردنية المئوية الثانية، وهي متسلحة بقيادة هاشمية حكيمة وشعب واعٍ منتمٍ يفخر بمسيرته في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.