Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Oct-2017

‘‘لأجلك يا فلسطين‘‘.. مشغولات يدوية تحاكي التراث الفلسطيني

 

منى أبو صبح
عمان-الغد-  على أنغام الأهازيج الفلسطينية والدبكات الشعبية، افتتح معرض "لأجلك يا فلسطين"، مؤخرا، الذي ينظمه مركز التراث الفلسطيني بالتعاون مع سفارة دولة فلسطين في عمان، ونقابة مقاولي الإنشاءات الأردنيين.
ولا يمكن للزائز إلا أن يشعر بعبق التراث الفلسطيني وعراقته بمجرد دخوله لمعرض "لأجلك يا فلسطين" الذي يحتوي على مطرزات فلسطينية تقليدية تم تحديثها وحياكتها يدويا بطريقة تعكس رقي هذه الحضارة وأصالتها، بالإضافة إلى الخزفيات والخشب والكتب، وركن المأكولات والحلويات الفلسطينية الشهيرة.
"لأجلك يا فلسطين" هو المعرض الثامن الذي يحرص المركز على إقامته كل عام، وهو تراثي وطني اجتماعي لتسليط الضوء على كامل معاناة وإنجازات الشعب الفلسطيني، وأهمها قضية التراث والثوب، فهو لغة تكلمت من خلالها المرأة الفلسطينية (بالطبة والإتمين) عن تاريخ منطقتها الجغرافي والسياسي والمعتقدات السائدة، وروت آلامها وأحزانها وأفراحها وانتصاراتها.
كانت الإطلالة مميزة لجميع المتطوعات في هذا المعرض، فكل واحدة منهن اختارت لنفسها أن ترتدي ثوبا مطرزا بأجمل النقوش والألوان، ومنهن عالية صالح وليلى الأسعد، اللتان تقفان خلف ركن الخزفيات.
وتؤكد عالية، قائلة "تمتاز هذه الأعمال اليدوية بالحرفية العالية، وتعرف باسم "خزف الخليل" وتصنع في مدينة الخليل، وفي كل عام نرى فيها تطويرا وتحديثا سواء بالتصميم، أو بإضافة ألوان ونقوش جديدة، منها؛ الأطباق، الصحون بأحجامها المختلفة، الأباريق، الصواني، وأواني الضيافة كافة".
واشتهرت هذه الخزفيات، كما تقول، بألوان الأبيض والكحلي والزيتي والخمري، وتتداخل الألوان مع بعضها بعضا بانسجام وأناقة تجذب الناظر إليها لشرائها واقتنائها.
ونثرت على إحدى الطاولات، المطرزات من الشالات والأثواب والفساتين والجاكيتات والعباءات والأحزمة والحقائب الكبيرة والصغيرة بنقوش وألوان زاهية عدة.
هدى الشريف وسميرة دراس المسؤولتان عن هذا الركن، تشيران إلى أنه يتم تصميم هذه القطع على الورق أولا، ثم تذهب للسيدات اللواتي يتقن التطريز اليدوي في المخيمات والمناطق المهمشة، ويقمن باتباع التعليمات اللازمة في تنفيذ التصميم، سواء من حيث اللون وشكل النقشة والأسطر وغيرها.
وتؤكد الشريف أنهما تسعيان للتطوير على المشغولات اليدوية لتواكب العصر، منوهة إلى أبرز أسماء النقوش على المطرزات وهي: كاسة الخليل، السروات، نجمة كنعان، مربع الخليل، لعبة رام الله، عصافير رام الله، وحدة الريش والمنجل والزكزاك والمثلثات، والوردات بأنواعها، غرزة الخليل، قوارة، مربع الريش.
وعن ركن المخدات والمفارش المطرزة، تقول عايدة الكرد: "تختلف النقوش على هذه القطع بحسب مناطق فلسطين، فلكل منطقة نقوش (سلسلة وورود ومنجلة) وألوان معينة، ولكن أغلبها تحتضن اللون الأحمر بدرجاته، منه؛ القاني، الفاتح، المائل للبني، الفوشي، الخمري".
وفي ركن البراويز والصناديق، تذهب مريم جبر إلى أنه يمكن تحويل قطعة صغيرة مطرزة لتحفة فنية تزين البيت الفلسطيني، موضحة "وهذا ما نسعى إليه، لنحافظ على تراثنا في كل بيت، فنحن الجيل القديم وأجدادنا نعلم ما هو فن التطريز، بينما الجيل الجديد لا يعرفه، وعليه نوفرها أمامه ليعتاد عليها ويستطيع الحفاظ عليها".
وعن البراويز تقول "منها "لوحة الانتفاضة الأولى" وتروي قصة السيدات اللواتي قاوم أبناؤهن الاحتلال وتم اعتقالهم وأسرهم، فقمن بعمل تطريز يروي مراحل الانتفاضة، وعندما وصلن للنهاية وضعن القضبان في الأعلى للدلالة على الحزن والمرارة".
وهناك براويز تضم أكثر من تطريز، مثل برواز "النجمة والسروات والنقب وغزة، والمعلقات التي اجتمعت بها مختلف أنواع التطريز ببراعة وإتقان فريدين".
وعرض في ركن مطبخ المأكولات الفلسطيني؛ المسخن، الشيشبرك، الخبز الفلاحي بالزيت والزعتر الأخضر، الصفيحة المبرومة، السبانخ، المفتول...، ومن الحلويات: المقروطة بالسمسم، كعك حلق، أصابع زينب، قزحة، كعك هلال، قرقوشة، إلى جانب المخللات بأنواعها.
مسؤولة المعرض ومسؤلة لجنة التراث في مركز التراث الفلسطيني، سهام أبو غزالة، تقول: "نحن فخورون بالمحافظة على تراثنا في ظل أوضاع فلسطينية صعبة، ونحن تحت صراع وتهويد لمناهجنا الدراسية ومناطقنا، وخصوصا في القدس".
وتضيف "الاحتلال يرفض حتى القرارات الدولية منها قرار اليونيسكو الذي يعتبر أن القدس والخليل موقعان أثريان فلسطينيان، لا يجوز المساس بهما، فنحن في ظل كل هذه الهجمات للتهويد وتفريغ الأرض وحرمان الناس من بيوتهم ومن مرورهم لمناطقهم ومياههم، بسبب الجدار العنصري، كل هذا يؤثر على موضوع القضية الفلسطينية، ويزيدنا تمسكا بهويتنا وإصرارا بأن معركتنا معركة تراثية ثقافية بجانب المعارك الأخرى للحفاظ على الوطن والهوية".
وتبين أنه ومن هذا الهدف انطلق معرض "لأجلك يا فلسطين" والذي يشمل التطوير بمختلف أشكاله بالألوان والتصميم الذي يواكب رغبات الشباب والشابات لاستمرار الحفاظ على هويتنا لكل الأجيال.
وتؤكد أبو غزالة، قائلة "رسالتنا واضحة، هويتنا هوية ثقافية فلسطينية متجذرة في أرض فلسطين منذ آلاف السنين، ورفضنا لكل أشكال الاحتلال وما يدعيه من ملكية لمفردات تراثنا".
وعن أهداف إقامة هذا المعرض، توضح: "تشغيل السيدات المتعففات في المخيمات والمناطق المهمشة، امتداد التراث من خلال تعليم المرأة لأبنائها للتراث الفلسطيني، وبالتالي امتداد هذا التراث من جيل إلى آخر، وإيصال هذا التراث من خلال معارضنا لأكبر عدد من الناس عرب وأجانب".
وتردف "فهو يشير من خلال الوحدة والثوب والشكل وأناقة العمل الفلسطيني إلى مفردات الثقافة الفلسطينية، والتي من خلالها يتم تأكيد حق هذا الشعب على أرضه وهويته وعودته".
وتقول أبو غزالة "جميعنا متطوعات، وريع هذه المعارض يذهب لتعليم أبنائنا ودعم عائلات الأيتام والمتعففين ومدارسنا ومستشفيات في فلسطين بقدر إمكانياتنا".
وتبين أبو غزالة، أن إقامة هذا المعرض في هذا الوقت جاءت لمناسبتين؛ الأولى ذكرى تحرير القدس على يد صلاح الدين الأيوبي، وذكرى أخرى أليمة علينا وهي وعد بلفور، منوهة إلى أنه قد مضى 100 عام على هذا الوعد المشؤوم؛ إذ نسلط الضوء على تأثيره على مجمل وطننا وقضيتنا الفلسطينية منذ العام 1881 حتى الآن من حيث السكان والأراضي والممتلكات والتعليم وغزة، والأهم والأسوأ في العام 1947 كان بيد اليهود 5.5 % من فلسطين، وحاليا للفلسطينيين 9 %، أي 91 % يسيطر عليها الاستعمار.
ويسلط المعرض الضوء أيضا، وفق أبو غزالة، على أشياء جميلة وإنجازات الشعب الفلسطيني الكثيرة رغم المآسي والضغوطات، موضحة "لدينا مقاومة مختلفة في جميع الاتجاهات منها الحركة المهمة وهي المقاطعة للبضائع الصهيونية والتي تنتشر في أرجاء العالم، ويحارب الاحتلال إنجازاتنا الكبيرة لحركة المقاطعة بكل أشكالها، نتيجة إدراكه لخطورتها، ونركز على الجدار لحصار غزة بالكامل".
يذكر أن مركز التراث الفلسطيني تأسس في الأردن العام 1991 ومن أهدافه الحفاظ على التراث والهوية الفلسطينية، ومساعدة وتمكين المرأة الفلسطينية وعائلتها بأن تكون مستقلة ماديا، وتقديم العون للعائلات الفلسطينية على أرض الوطن وفي الشتات، بالإضافة إلى دعم التعليم.