Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-May-2017

الأردن: منصّة الحوار وحِصن والسلام - الاب رفعت بدر
 
الراي - تم قبل أيام في المملكة حدثان لهما تأثير عالمي، وهما يصبّان في نفس الخانة الحاضنة الكبرى، ألا وهي تعزيز قيم المواطنة والمساواة، عبر تقبّل الاختلاف واحترام التنوّع. الحدث الأول كان اطلاق الشبكة العالمية للكليات والمعاهد الدينية المسيحية والإسلامية في الوطن العربي، وقد أشرف عليه مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز لتعزيز الحوار بين الحضارات ومقره في فيينا (وهو ما يعرف بالكايسيدKACIID (، بالتعاون مع مجموعة «ديار» التي يشرف عليها من بيت لحم القس اللوثري متري الراهب. وقد كان إطلاق الشبكة من الأردن، علامة على التقدير الذي يبديه العالم أجمع لوطننا العزيز الذي لم يكن إلا مبادراً في تعزيز القيم السامية التي تعلمها المعاهد والكليات الدينية.
 
أما الحدث الثاني فهو اطلاق الزميلة الصحفية في الجوردان تايمز رلى السماعين لكتاب في غاية الاهمية، وأعطته عنواناً عريضاً، الأردن حصن السلام Jordan: Fortress of Peace، وعنوان فرعي: مبادرات الأردن كأنموذج للعيش معاً. وقد دلّ الحضور المميّز لحفل اطلاق وتوقيع الكتاب في عمّان، على مدى الاهتمام الذي يبديه المواطن الأردني بموضوع الكتاب والرغبة في تعزيزه، سيّما وانّ المؤلفة العزيزة باتت تعرف بالمختصة بالشؤون الدينية.
 
ما أجمل هذه المساعي الطيبة في اطلاق مبادرات تعزيز الحوار، عبر اطلاق شبكة التعاون بين المعاهد والمنصات التي تعنى بتعزيز «ثقافة اللقاء» والتكفّل بنقلها للأجيال الصاعدة عبر أساليب تربوية معاصرة. وما أجمل أن تلخص المبادرات وتؤرشف في كتاب واحد، لكي يكون مساعداً في متناول يد الأجيال الصاعدة.
 
ومن اطلاق شبكة المعاهد، الى إطلاق كتاب السماعين، نقول:
 
أولاً: أنّ الحوار على جماله، ما هو إلا مرحلة ومحطة من محطات كثيرة سيعبر فيها قطارنا المشترك، أو سفينتنا المشتركة على حد قول اعلان الأزهر الصادر قبل شهرين. وأمامنا المحطة الكبرى or the main final destination وهي المواطنة والمساواة الكاملة بين مختلف الأطياف والألوان وحجارة الفسيفساء.
 
وثانياً: اننا بحاجة إلى قاموس جديد للمصطلحات بين أتباع الأديان، فهنالك مصطلحات لم تعد منصفة ولا عادلة، مثل الأقليات والتعايش وحتى التسامح. فلا أحد يريد أن يعيش في عقليات تنظر إليه دائماً بأنه مختلف أو أقل أو أسفل. كلنا عيال الله على حد قول القاموس الاسلامي. وكلنا مخلوقون على صورة الله ومثاله على حد قول القاموس المسيحي. ونحن بحاجة الى تكريس طاقاتنا الثقافية وأعمدتنا الاعلامية من أجل اصدار ذلك القاموس المأمول.
 
وثالثاً، إن الدين والعنف لا يمكن أن يسيرا معاً، فهنالك دين وإيمان يقودان حتماً إلى المحبة لله أولاً وللقريب، أي كل انسان، ثانياً. ولا يمكن أن ندّعي أننا نحب الله دون أن نحب أخانا الانسان. الشبكة العالمية وكتاب السماعين يدلان على انّ الدين في الأردن ما كان أبداً محفّزاً على العنف والالغاء.
 
ورابعاً، اننا مدركون لأهمية أن يقدّم الدين، رجاء وأملاً للأجيال المقبلة. فالمحبِطات كثيرة ودواعي اليأس متوفرة بكثرة. لكن علينا أن نعطي فرصة للعزاء والرجاء في وسط «ميمعة» وحرائق الأوضاع الدموية والأحداث المتردية.
 
خامسا وأخيراً، علينا ان ندعم المراكز المحلية التي تعنى بالمبادرات الحوارية، أو التي تركز على احترام التنوع والمساواة والمواطنة وسبل تعزيزها في مجتمعاتنا. وانّ مركزنا الكاثوليكي للدراسات والاعلام، الذي اضاء قبل ايام شمعته الخامسة ، في مملكتنا الحبيبة، لمستعد على التعاون في هذا الميدان الذي لا نطلق عليه إلا صفة الملح والضروري، وقد تعدّى كونه ترفا أو كماليات.
 
إلى الأمام يا منصّة الحوار ويا حصن السلام.
 
Abouna.org@gmail.com