Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Sep-2019

3 دروس يتيمة تعلمها طلبة الأردن في يوم الإضراب الأول: النقابة “فردت عضلاتها” ردّاً على التصعيد الأمني.. وغياب ملحوظٌ لرئيس الحكومة يثير الاستغراب.. وزيرة الاعلام “أكثر المتعقلين” بعد صقورية حمّاد.. وق

 “رأي اليوم” – فرح مرقه:

تظهر وزيرة الدولة لشؤون الاعلام والاتصال في الأردن جمانة غنيمات كصوتٍ عاقلٍ في معمعة التشويش الحكومي والأمني على إضراب المعلمين المفتوح الذي تصاعدت تفاصيله وبسرعة كبيرة بعد احداث الخميس.
غنيمات تظهر كلسان الحكومة العقلاني المحتوي للأزمة بعد تصعيد كبير قاد الشق الأمني منه على الأرض وزير الداخلية سلامة حماد، وأظهره كلامياً وبصورة لا تخلو من التهديد وزير الشؤون القانونية مبارك أبو يامين بينما حاول الدكتور وليد المعاني وزير التربية والتعليم ان يطلق تصريحات اكثر حذرا.
غنيمات تحدثت بالحد الأدنى المطلوب من الحكومة (عن أعباء الخزينة والرغبة في الحوار مع اظهار قدر من احترام المعلمين) وفي حالة المعلمين يبدو الحد الأدنى جيدا ضمن مساقات التصعيد التي اتخذها صقور حكومة الدكتور عمر الرزاز.
ما حصل (اليوم) الأحد ما هو الا استكمالٌ عمليا لاستعراض القوة الذي بدأته الحكومة الخميس بمواجهة المعلمين بالقوة، وعليه قررت نقابة المعلمين اظهار قدرتها على شلّ العملية التعليمية بالمدارس الحكومية وهي تعلن ان الاضراب نجح بنسبة 100%. بهذا المعنى تضع النقابة امام الأردنيين الوقائع التي تقول انها تستطيع التصعيد بطريقة مختلفة عن الاعتصام الذي واجهته الدولة بالعنف، لا بل وان “توجع الجميع اكثر”.
من يعرف حال المعلمين في الأردن ويحاول ان ينظر بحيادية يعرف جيدا انهم يستحقون على الأقل الزيادة التي يطالبون فيها، خصوصا مع زيادة الأسعار الكبيرة التي طرأت على المشهد الأردني خلال الأعوام الأخيرة الماضية؛ ولكنه يدرك أيضا ان الاعتصام الذي تم الخميس لم يكن يهدف -على الأقل حين تنظيمه- لتصعيد يصل لاضراب عام ويترك الحكومة مع النقابة على أعلى اغصان الشجرة دون افق للنزول اليوم.
في المقابل، تدرك نقابة المعلمين وجيدا جيدا وهي تعلن خطوة الاعتصام عند الدوار الرابع يوم الخميس الماضي أن الاعتصام بحد ذاته وتحديدا كونه مطلبي اقتصادي ويوم الخميس سيرفع نسبة حساسية أجهزة الدولة جميعا، وهو الأمر الذي يحمّل النقابة جزءا من المسؤولية بينما لا يعفي الحكومة وتحديدا وزارة الداخلية من المسؤولية الأكبر عن التصعيد.
تصريحات الحكومة المتزايدة عن ضرورة اقتران العلاوات الخاصة بالمعلمين بأداء الطلبة وأداء المعلمين انفسهم، تبدو أيضا خاج السياق خصوصا وان فرض تقييم الأداء على المعلمين دون أدوات قياس متوفرة وناجعة قد يعرض كل العملية الاكاديمية لخطر التلاعب من جهة، كما سيعقد المشهد مع الحكومة من جهة أخرى.
ذلك بالإضافة الى ان قياس الأداء والعلاوة عليه من الصعب تقبله على رواتب المعلمين في المدارس الحكومية التي بالمعدل حدها الأدنى 220 دينارا (300 دولارا) والاعلى نحو 800 دينارا (1100 دولارا)، بينما لا يتم ذلك على موظفين عامين اخرين ومنهم الوزراء انفسهم.
الأزمة كبيرة والتعامل الحكومي معها اليوم في اوج تخبّطه بينما يختفي رئيس الحكومة الدكتور الرزاز تماما عن الواجهة، ولا يبدو ان هناك أسباب واضحة لهذا الاختفاء رغم انه لو أراد قد يستغله لصالحه ولصالح تخليص حكومته من زحام التشدد في الاقتصاد والامن، خصوصا والمرحلة الحالية لا تزال تحتمل تعديلا وزاريا ولم تصل بعد لانسداد كامل يسقط كل الحكومة.
بالمحصلة، بدأ الطلبة اسبوعهم دون دروس إلا دروسا معقّدة على المستوى الاجتماعي السياسي، أولها: الاحتجاج على القرارات الحكومية لتحصيل لقمة العيش، وهذا درسٌ بحد ذاته ستجد الحكومات جميعا صعوبة في مسحه من ذاكرة الطلاب، وستجد صعوبات كثيرة في التعامل مع نتائجه طالما تصرّ على الظهور بمظهر المتعالي على شريحة تصل لكل بيت اردني تقريبا (يصل عدد طلبة المدارس الحكومية الى نحو مليون ونصف المليون طالب فيما يصل عدد المعلمين الى نحو 80 الف معلم ومعلمة وعدد المدارس 3870 مدرسة).
الدرس الثاني: هو أن هناك من يغامر بتأزيم شريحتين واسعتين من شباب المجتمع هما المعلمين مع رجال الامن، فالاصرار على ربطهما معا بالتصريحات الحكومية وكأن النزاع بينهما سيعقّد الإشكالات اكثر. أما الدرس الثالث وقد يكون الأصعب، ان تعليمهم قابل للمساومة في ضوء كل هذه التعقيدات، وهو ما يضعف الثقة بقدرة الدولة على إدارة شؤونهم لاحقا.
بكل الأحوال، الدروس الثلاثة تعلمها الطلاب ليومين بهذه المرحلة (الخميس حين كان الاعتصام والأحد حيث بدأ الاضراب المفتوح)، ولكن الخطورة في ان تستمر لفترة أطول، خاصة وان الطلبة المذكورون هم أبناء الطبقة المتوسطة الدنيا للفقيرة، إذ تفضل العائلات الميسورة الاقتراض لتسجيل أبنائها بمدارس خاصة على تسجيلهم بمدارس الحكومة. هذا بحد ذاته يعني ان الشرائح المتضرر جميعا هي الأخطر والاقرب لمفردات الجوع والفقر، وهي تحديدا التي لا مصلحة لاحد بشعورها بالمزيد من الظلم.