Wednesday 8th of May 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Apr-2019

الرزاز ودولة الإنسان*د. هزاع عبد العزيز المجالي

 الراي-لقد شدَني استخدام رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في أحاديثه أكثر من مرة مصطلح (دولة الإنسان)، وفي الواقع لقد بحثت على عجالهٍ ولم أجد في العلوم المختلفة تعريفا لمصطلح اسمة دولة الإنسان. وأن أقرب تعبير لهذا المصطلح حسب معرفتي هو ما كتب عنه الفيلسوف اليوناني أفلاطون، التي اسماها الجمهورية الفاضلة أو (الدولة المثالية) والتي قسم بها المجتمع إلى طبقات وفق نظام يرتكز على العدالة في حقوق وواجبات الطبقات الإجتماعية. ومن المؤكد أن ما قاله الرزاز بعيد كل البعد عما قاله أفلاطون من حيث المحتوى والمعنى، فالمقصود بدولة الإنسان هنا اجتزاء يعتمد فيه على محورية الإستثمار الإيجابي في المعرفة والطاقة الفكرية الإنتاجية للإنسان الأردني، كأساس للمشروع النهضوي الوطني الذي تناوله جلالة الملك في الأوراق النقاشية، والذي يعتمد على مفاصل رئيسة هي: دولة القانون ودولة الإنتاج ودولة التكافل.

 
هناك الكثير من الناس من يعتقد أن ما قاله الرزاز يصب في خانة الفلسفة الفكرية لا أكثر، فكيف نستطيع بناء دولة الإنسان ونحن لدينا أزمة اقتصادية خانقة وموارد ضعيفة ومديونية كبيرة تعادل انتاجها القومي، ولدينا مشاكل اقتصادية مثل: الفقر والبطالة والتحديات الخارجية المحيطة تجعلنا عاجزين عن الحركة والتغيير.
 
يقال «أن الإبداع يأتي دائما من رحم المعاناة»، فالمطلوب أن لا ننظر إلى أسفل أقدامنا فقط، وأن نأخذ العبرة ممن سبقونا، فهذا المشروع لم يبتدعه جلالة الملك، بل كان قد تبنته كثير من الدول بعد أن خرجت من الحرب العالمية الثانية في حالة شبه محطمة وفي أوضاع إقتصادية صعبة وموارد طبيعية محدودة، مثل: اليابان وألمانيا، ومن ثم تبعتها العديد من الدول التي كانت أكثر فقراً مثل كوريا الجنوبية وسنغافوره وماليزيا، في حين استطاعت دول مثل: الصين وروسيا أن تحول اقتصادها الذي يعتمد على الإنتاج الصناعي العسكري إلى اقتصادٍ متنوعٍ يغزو جميع دول العالم. ونحن نرى الآن كثيراً من الدول الإسيوية التي تسير على نفس النهج مثل: تايلند وأندونيسيا فإذا كان الإنسان هو محور عمل هذه الدول، فإنني اقول للمشككين أننا في الأردن لا نختلف عنهم، فلقد استطعنا تحت حكم الهاشميين منذ ما يقارب المئة سنة تاريخ نشأة الدولة الأردنية الفقيرة البسيطة ضعيفة الموارد، أن نفعل ما لم تفعله دول نشأت قبلنا بمئات السنين. فلقد استثمرنا في الإنسان الذي صنع المعجزات في الصحة والتعليم والتكنولوجيا المختلفة وغيرها من الانجازات التي لا مجال لذكرها، بل إن أبناءنا استطاعوا المساهمة في تأسيس وبناء الكثير من الدول العربية وأصبح الأردني بكفاءته المعروفة مطلباً في كل دول العالم. المطلوب إذن لا بد أن نؤمن بانفسنا وبقدراتنا أولاً وأن يكون لدينا الإرادة الجادة للبدء والبناء على ما نملكه من موارد فكرية لتحقيق أول المحاور دولة القانون التي تفضي إلى دولة الانتاج والتكافل.