Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Oct-2018

الأمة الواحدة والمصير المشترك - غازي خالد الزعبي

الراي -  تملك الامة العربية الخصائص الأساسية المكونة لوحدة الامة الواحدة كالدين واللغة والوطن والعنصر، والإقتصاد المتكامل ووحدة الأماني والآمال، والمصير المشترك الذي تبلور من خلال التحديات التاريخية التي صنعت وجودها الحديث بما فيه من انتصارات وهزائم، كما شكلت بالمعنى الحضاري وحدة متكاملة للتنوع الانساني، وتشاركية المواطنة ذات المفاهيم الإندماجية المتجانسة سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا أسهمت في بناء كيان موحد يدين فيه كل مواطن بولائه له بغطاء تسامحي لحرية الإعتقاد والإنتماء، بعيدا عن المفهوم العرقي ذي النزعة العصبية المتطرفة، والهيمنة الفكرية المطلقة تحت مظلة شعارات قومية ودينية نرجسية مضللة متحدرة من تراث بدائي قبائلي من مهد التاريخ.

والدول العربية القطرية التي نشأت إبان الحرب العالمية الأولى بعد إن اقتسمت الدول الإستعمارية الغربية الغازية رعايا وأملاك الدولة العثمانية، وفتّت وحدتها الاقليمية، وفرضت إرادتها المطلقة خارج سياق القانون الدولي، لابد لها من العودة والإنضواء تحت مظلة الوحدة العربية الشاملة بعد أن خطت خطوات رائدة على طريق التنمية من خلال تعظيم مكتسباتها الوطنية لتصب في نهاية المطاف في المصلحة القومية العليا كما تصب الأنهار في البحر المحيط، ويرتبط الجزء بالكل ارتباطا عضويا لاينفك عنه، ويلتئم الشمل الذي كان مشتتا في عالم تسعى فيه الكيانات الى التوحد والاندماج في ظل الظروف القاسية التي تشهد غياب الشرعية الدولية، وتفاقم الصراع العالمي بما يشبه العودة الى قانون الغاب الذي لامكان فيه للضعف والاغتراب.
والصيغ الوحدوية التي لم يكتب لها النجاح كانت تأتي عبر مراسيم وقرارات رسمية حكومية فوقية متجاهلة الظروف الموضوعية الممكنة لتحقيقها، وتوجهات الرأي العالم الجماهيري الذي يمنحها الشرعية، وملاءمة الواقع العربي وملابساته المرحلية القائمة، وغياب التكافؤ بين أطراف المعادلة الوحدوية، كذلك عدم قيام المؤسسات المشتركة التي من شأنها النهوض بأعباء الدولة الوحدوية الوليدة أو القوة الأمنية الداعمة الكفيلة بحمايتها من التعثر والتأمر الداخلي والخارجي.
والأمة العربية المعاصرة كمخاض تاريخي وجودي حافل كانت وحدة واحدة على مر الزمان والمكان أثبتت وجودها مرارا وتكرارا وأفشلت الهبات العدوانية التي استهدفت هويتها وعقيدتها، وشكلت بقوتها الذاتية منصة صلبة أثبتت بانها الدرع الواقي للدفاع عن مصالحها، والحاضنة الأم للحرية والاستقلال، والمعقل الحامي للديمقراطية وحقوق الانسان، والبلسم الشافي للجراح العربية النازفة، والكابح لحالة التراجع والتراخي لتحيلهما الى وضع للصمود والإنتصار، والقرار الحاسم الكفيل بحل كل المشاكل والمعوقات التي تعترض طريق التقدم والتحرر التي عانت منها الأجيال المتلاحقة، على ان يؤدي كل مواطن دوره المنوط به في مسيرة أخلاقية جماعية متناغمة تحمل راية العدل والمساواة، وتضيء شعلة الانسانية المتحضرة.