Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jun-2019

رسائل الحوثيين قد تشير إلى أسلوب استهداف معين

 الغد-إلينا ديلوجر*- (معهد واشنطن لدراسة الشرق الأدنى) 13/6/2019

في 12 حزيران (يونيو)، أطلق الحوثيون صاروخا استهدف مطار أبها في قطاع عسير جنوبي السعودية، مما أدى إلى إصابة ستة وعشرين شخصاً وفقاً لبعض التقارير، وكان ذلك بمثابة أحدث مثال على أسلوب استهداف “العين بالعين” الناشئ الذي يعتمده الحوثيون. وتدعم مراجعة رسائلهم اقتراح هذا الأسلوب. فوفقاً لهذه الرسائل، تم تنفيذ الهجمات الصاروخية الحوثية ضد الرياض في الفترة 2017-2018 كرد انتقامي على الضربات الجوية التي وجهها التحالف بقيادة السعودية ضد صنعاء. وجاءت الهجمات التي طالت خط أنابيب نفط سعودي في منتصف أيار (مايو) كردّ على الخنق الاقتصادي المتصوَّر. ويُعدّ هذا الإجراء الأخير ضد المطار بمثابة ضربة مضادة ردا على إغلاق مطار صنعاء.
يصف الحوثيون مراراً وتكراراً هجماتهم بأنها تأتي في إطار الدفاع عن النفس ويتذرعون بمقاربة “العين بالعين”. فقد استشهد كبير المفاوضين الحوثيين والناطق باسم الجماعة، محمد عبد السلام، مؤخراً بالقرآن، مسلطاً الضوء على هذه المقاربة: “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم”. فضلاً عن ذلك، غالباً ما تلمح الجماعة على ما يبدو إلى هجماتها من خلال التغريد حول مظالم معينة قبل أيام من استهداف أحد رموز تلك المظالم. وبالنسبة لمسؤولي الأمن، يمكن أن يكون فهم هذه الأساليب مفيداً لمعرفة الأهداف مسبقاً واتخاذ تدابير لمنع نجاح الهجمات المستقبلية.
رسائل متصلة بـ3 هجمات
في 9 حزيران (يونيو)، ادعى عبد السلام، في معاينة ظاهرة قبل ثلاثة أيام من ضربة أبها، أن الهجمات على المطارات السعودية لها ما يبررها بسبب الإغلاق المستمر لمطار صنعاء، قائلاً: “إن استهداف مطاراتهم أو شلها على الأقل هي الطريقة الوحيدة لإرغامهم على رفع حصارهم عن مطار صنعاء”. كما أشار إلى الناشط الحوثي المصاب الذي حُرم من الحصول على الرعاية الطبية بسبب إغلاق المطار. وبعد فترة وجيزة من وقوع الهجوم، عزا عبد السلام تلك الضربة إلى الوضع في مطار صنعاء، بالإضافة إلى عدم توسط الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي.
وقبل شهر من ذلك، في 14 أيار (مايو)، استهدف الحوثيون محطتي ضخ على طول خط الأنابيب السعودي “شرق غرب” الممتد إلى البحر الأحمر، مبررين ذلك الهجوم على بنية تحتية اقتصادية كرد على الحصار الاقتصادي المفروض على اليمن من قبل التحالف بقيادة السعودية. فقد غرد الناطق باسم الحوثيين، عبد السلام قائلاً: “إن مطالب الشعب اليمني بسيطة: يجب أن ترفعوا الحصار الاقتصادي وتنهوا الحصار الجوي”. وفي الأيام التي سبقت الهجوم -وثانية في معاينة ظاهرة- كانت خطابات الحوثيين على “تويتر” قد تمحورت بشدة على المشاكل الاقتصادية، إذ ركزت شكاوى محددة على عدم دفع الرواتب والحصار. كما أن استهداف خط أنابيب للوقود ربما يكون قد عكس اعتراض الحوثيين على المرسوم رقم 75، الصادر عن الحكومة اليمنية العام الماضي، والذي منع جهات متعددة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين من استيراد الوقود.
أخيراً، بين تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 وحزيران (يونيو) 2018، استهدف الحوثيون الرياض بشكل متكرر بصواريخ باليستية إيرانية قصيرة المدى من نوع “قيام”. واستهدف الحوثيون أيضاً المدينتين الرئيسيتين في الإمارات العربية المتحدة، دبي وأبو ظبي، بطائرات من دون طيار. وشددت رواياتهم مجدداً على مقاربة العين بالعين. فعلى قناة “المسيرة” التلفزيونية التابعة للحوثيين، برر الناطق باسم الحوثيين العقيد عزيز راشد هجوماً صاروخياً على الرياض في أيار (مايو) 2018 بأنه انتقام من الضربات الجوية السعودية على العاصمة اليمنية. وبالمثل، هدد المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين يحيى سريع بضرب الإمارات رداً على “التصعيد في الحديدة”، وهي محافظة أساسية على الشاطئ اليمني من البحر الأحمر، حيث كانت قوات الإمارات ناشطة آنذاك.
علاقة إيران
على الرغم من أن الحوثيين ألفوا روايات مرتكزة على شكاوى محددة، يفسر العديد من المراقبين الخارجيين الهجمات الأخيرة للحوثيين على أنها جزء من سلسلة عمليات معرقلة تقودها إيران في شبه الجزيرة العربية. فقد وقع هجوم أبها قبل يوم واحد من تعرض سفينتين لهجوم في خليج عمان. وبالمثل، وقع الهجوم على خط الأنابيب بعد يوم واحد من ضرب أربع سفن في خليج عمان في عملية تُعزى بشكل واسع إلى إيران. وسعياً لدعم مصداقيتهم، نفى الحوثيون بشدة أي دور إيراني في الهجوم على خط الأنابيب، إذ كانت لمحمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية العليا، إطلالة نادرة على قناة “بي بي سي” العربية لتأكيد ذلك. ولكن الإجماع حول الدور الإيراني طغى على هذه الاحتجاجات. وحتى ولو استندت الهجمات فعلاً إلى المظالم التي مصدرها اليمن، فقد أبدى الحوثيون في هذه الحالة درجة عالية من عدم الكفاءة عبر تنفيذها في تلك الأيام بالتحديد.
نافذة للمفاوضين
بالنسبة لمسؤولي الأمن والمخابرات، يمكن أن يقدم ميل الحوثيين إلى التلميح إلى أهدافهم ومنطق اختيارها أفكاراً قيّمة لحماية هذه الأهداف. ويصح ذلك حتى لو اختلفت أحياناً الدوافع التي يعلنها الحوثيون عن الدوافع الفعلية، كما يذهب الظن فيما يخص الهجمات على خط الأنابيب والمطار. وعلى سبيل المثال، في معاينة محتملة، لمّح المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثيين يحيى سريع إلى أنشطة مستقبلية فور وقوع هجوم أبها، مشيراً إلى أنه يجب على اليمنيين تجنب المطارات والمواقع العسكرية في المنطقة.
قد تقدم الأساليب الخطابية الحوثية أيضاً فرصاً للمفاوضين من خلال إلقاء الضوء على المطالب الأساسية للحوثيين، مثل رفع الحصار الاقتصادي ودفع الرواتب وفتح مطار صنعاء. بالإضافة إلى ذلك، تشير حجة الدفاع عن النفس التي يقدمها الحوثيون إلى أنهم قد يحدون من هجماتهم الخارجية أو يوقفونها إذا تم التفاوض على وقف التصعيد في اليمن. ولكن هذا الاستهداف القائم على المعاملة بالمثل يفسح المجال أيضاً لعقلية قائمة على أسلوب الفدية، وكما سبقت الإشارة، لمّح الحوثيون في بعض الأحيان إلى أن فشل الأمم المتحدة يكمن جزئياً وراء هجماتهم. يجب على المفاوضين تجاهل هذه الاستنتاجات وعدم الوقوع ضحية مطالب الحوثيين أو تهديداتهم.
لطالما دعا كل من التحالف بقيادة السعودية والحوثيون إلى حل سياسي للأزمة اليمنية، إلا أن كليهما عمدا إلى التصعيد العسكري عند انهيار المحادثات. فمنذ منتصف أيار (مايو)، أثار البعض تساؤلات حول ما إذا كان بإمكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، استعادة الثقة محلياً بعد أن أعربت حكومة هادي عن مخاوف جدية بشأن تنفيذه لاتفاقية ستوكهولم، التي تم توقيعها بين الحكومة والحوثيين في كانون الأول (ديسمبر) 2018. وفي سياق متصل، استقال وزير الخارجية اليمني خالد اليماني في حزيران (يونيو)، حيث أشارت بعض التقارير إلى أن وجهات نظره اختلفت عن آراء الرئيس هادي حول الأسلوب الذي يجب أن تنتهجه الحكومة لتحقيق السلام.
من المؤكد أن التهدئة في اليمن والمنطقة الأوسع تستوجب التركيز مجدداً على العملية السياسية. ويُعتبر دعم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات للمبعوث الخاص للأمم المتحدة غريفيث، ذلك الدعم الذي أعيد التأكيد عليه مؤخراً، نقطة انطلاق في هذا الاتجاه. ويجب على الولايات المتحدة الاعتماد حالياً على حلفائها الإقليميين للتأثير على حكومة هادي والحوثيين من أجل إعادة الالتزام بهذه العملية السياسية.
 
*زميلة بحث في “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن، حيث تتخصص في الأسلحة النووية والانتشار النووي ومكافحة الإرهاب وسياسة الخليج.