Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Jun-2019

ماذا عن الوجه الآخر للفساد !؟*بشير المومني

 الراي-بكل تأكيد نقدر عالياً كل جهد لمؤسسات الدولة لتطهير نفسها من الفساد والذي لا ينحصر أبداً في منظومة الرشوة أو تسهيل الخدمات مقابل العمولات الحرام وأعمال الوساطة غير المشروعة بل يشمل تعطيل القرار وعدم القيام بالواجب والمنافسة غير المشروعة واحتكار السوق والمبالغة في السعر وعدم مطابقة المواصفات والمقاييس.. الخ فالقائمة تطول اذا أردنا أن نتحدث عن مفهوم جامع مانع حقيقي للفساد.. لا ننكر أبداً وجود فساد داخل مؤسسات الدولة الحكومية، والمراقب المنصف سيجد أن هنالك جدية في مكافحته وافعال حقيقية على الأرض لكن بالمقابل ومن ناحية إعلامية ورأي عام شعبي فلدينا إغفال متعمد لحقيقة مفادها أن الفساد في القطاع الخاص هو اضعاف الموجود في القطاع العام وبمقابل كل موظف عام يرتكب جريمة الرشوة مثلا فهنالك راش من القطاع الخاص يعزز ويجذر الفساد في المجتمع ولا نبالغ اذا قلنا إن الاصل في الفساد قد تسرب من القطاع الخاص الى القطاع العام. القطاع الخاص هو أيضاً جزء من الدولة ومنظومتها وكيانها وهو الذي خلق ثقافة الاثراء السريع في المجتمع وهو الذي يقدم الرشوة وهو الذي يرفع الاسعار ويقوم بعمليات احتكار السوق وهو من يتهرب ضريبيا ويطلب التسهيلات غير المحقة مقابل المال ويقوم بتنفيذ العطاءات بشكل مخالف للعقود وهو الذي يقوم بعمليات التهريب والالتفاف على القانون ومؤسساته وادواته وهو الذي صنع يوما الدواء المقلد وقلد الدمغات واستورد وأدخل الغذاء الفاسد للسوق وبمقابل كل موظف عام فاسد فهنالك عشرات الفاسدين في القطاع الخاص شاركوا بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه المنظومة ومارسوا عمليات غسل الاموال فعليا وهنالك الكثير الكثير.

 
الفساد لا ينحصر بما تشمله الحماية الجزائية في قانون الجرائم الاقتصادية من شركات مساهمة عامة أو أندية وجمعيات.. الخ فمن البقالة البسيطة إلى المواسرجي، فالميكانيكي، والطوبرجي، وباقي أصحاب المهن في القطاع الخاص الى النقابات المهنية وكل القطاع الخاص بلا استثناء حتى في المهن العليا من أطباء ومحامين ومهندسين وإعلاميين هنالك فساد ولا أدري هل ضمير الانسان في القطاع الخاص محصن اما ضمير الموظف العام فاسد حتى يثبت العكس!
 
لدينا فهم مشوه للفساد كقضية وطنية وحالة بشرية نصر فيها على حصر الفساد بالموظف العام والقطاع العام وهو في الحقيقة لا يساوي قطرة مقابل بحر الفساد الذي يعوم عليه ويصطاد منه القطاع الخاص وما الكم الهائل من النزاعات في المحاكم ما بين الناس إلا نتيجة طبيعية لهذا الفساد فهو قضية اخلاقية بداية ونهاية ولا يصح عقلاً ولا منطقاً ولا واقعاً أن نزعم ان الفساد ينحصر في المؤسسة العامة والموظف العام لأنه يمكن تعقبه أما فساد القطاع الخاص فهو محصن ومحمي بموجب حكم القانون لانه يصنف كنزاع مدني وهو في حقيقته الفساد الأكبر الذي يستوجب الملاحقة الجزائية.