Tuesday 8th of October 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2024

نصر الله أخطأ في تقدير خطوات إسرائيل

 الغد-هآرتس

تسفي برئيل
 
 
 
 بعد عمليات الاغتيال لكبار قادة حزب الله وقادة الساحات والمسؤولين عن الأقسام في الحزب، فإن رئيس حزب الله، حسن نصر الله، هو رئيس الأركان الفعلي للحزب، وليس فقط الزعيم الذي يوجه ويرسم الإستراتيجية، بل هو قائد جبهة أيضا. هذه المهمة ليست غريبة عليه. فقبل تعيينه كرئيس لحزب الله كان قائد ساحة الجنوب في لبنان، وعمل بشكل مباشر على إدارة القوات العسكرية. هو يعرف جيدا منظومة القوات، وبشكل شخصي أيضا يعرف بعض قادة الألوية. حسن نصر الله يعرف قراءة الخرائط وتقدير قوة النيران التي توجد لديه، وحتى الآن يوجد لديه مخزون من القادة بدرجات عالية الذين يمكنهم مواصلة إدارة النار أمام إسرائيل، وهذا ما يفعلونه في الواقع. بهذا الشكل يمكن لحسن نصر الله مواصلة إدارة الحرب لفترة طويلة، لكنه يقترب من المرحلة التي سيكون عليه فيها تقرير إلى أين ستكون وجهته، في الوقت الذي فيه قائمة الاخطاء والتقديرات المسجلة ضده، وهو الذي يوصف بأنه الخبير بشؤون اسرائيل، تطول.
 
 
الصحفي اللبناني علي حمادة، الذي نشر يوم الإثنين في موقع صحيفة "النهار" اللبنانية، وضع الاصبع على معظم القائمة. "التقدير كان أن إسرائيل لن تدخل إلى حرب طويلة في قطاع غزة. لكنها دخلت إلى هذه الحرب وما تزال تحارب"، كتب. "تقدير آخر هو أن العالم سيقف ضدها وسيفرض عليها حصار بسبب المذبحة التي نفذتها في قطاع غزة، لكنها استكملتها وما تزال تستمر في تنفيذها. ومثل ذلك أيضا كان التقدير بأن الولايات المتحدة، والغرب بشكل عام، ستضغط على إسرائيل تحت غطاء صفقة التبادل لوقف إطلاق النار ووقف سفك الدماء، لكن إسرائيل لم تهتم بالمخطوفين وهي تستمر في التدمير والقتل".
حمادة أطلق سهامه أيضا نحو تقديرات حسن نصر الله بالنسبة للبنان. "التقدير كان أن صواريخ حزب الله ستفرض على إسرائيل معادلة ردع متبادلة تمنع التصعيد ضده. ولكنها قتلت حتى الآن أكثر من 500 مقاتل، من بينهم اصحاب رتب عالية، وتسببت بهرب المستشارين الإيرانيين من لبنان ومن سورية، وقامت بتدمير القنصلية الإيرانية في دمشق، وأصابت قلب تجمعات حزب الله في الضاحية.. وهي ستستمر في ذلك لأن خيار الحرب لديها ليس سياسي بل هو وجودي. من هنا ينبع تأييد 62 في المائة من الإسرائيليين لشن حرب شاملة ضد حزب الله. حزب الله الذي تم دفعه على يد إيران ارتكب خطأ كبير، وربما قاتل، لأنه لم يعرف قراءة الواقع. وبناء على ذلك فقد وجد نفسه الآن في حرب بقاء بدلا من حرب دعم (لحماس)"، كتب حمادة.
يمكننا عدم التوافق مع تحليل حمادة حول الاسباب التي جعلت إسرائيل تشن حربا واسعة ضد حزب الله. وأكثر من ذلك أن حسن نصر الله عرض على إسرائيل صيغة مضمونة لتجنبها، "وقف الحرب في غزة مقابل وقف إطلاق النار في الشمال". ولكن التقدير الذي بحسبه حزب الله ينتقل الآن من مرحلة الحرب المبادر إليها والتي يملي فيها الشروط إلى حرب "وجودية"، لا يقتصر فقط على حمادة المعارض أو على إصدقائه في لبنان. عندما يقول رئيس إيران مسعود بزشكيان في مقابلة مع "سي.ان.ان" بأن حزب الله لن يقف وحده أمام إسرائيل فإن هذا ليس موقف محلل يجلس على المنصة.
 إذا كان هذا التقدير يعكس المزاج السائد في القيادة العليا في إيران، فإنه ستكون له تداعيات عملياتية، لأن بقاء حزب الله هو أمر حيوي لاستقرار منظومة مصالح إيران في المنطقة، وليس فقط في لبنان. نتائج الحرب بين إسرائيل وحزب الله ستنعكس ليس فقط على مكانة إيران في لبنان وسورية، بل أيضا على قوة "حلقة النار" التي اقامتها إيران، وعلى القدرة على استخدامها كتهديد رادع وناجع ضد أي هجوم عليها، لأنه عندما تضعف الحلقة الاقوى في هذه الدائرة فهي تضع محل اختبار وجودي الافكار الرئيسية التي قامت عليها هذه الدائرة، الأمر الذي يجعل إيران تعيد النظر في الإستراتيجية الإقليمية التي خدمتها حتى الآن بنجاعة وبنجاح كبير.
 الحرب في لبنان حتى الآن ليست حربا إقليمية. والخشية من تطورها قائم ومهدد. ولكن التطورات على الأرض تضع محل اختبار نظرية إيران التي تقول بأن أي وكيل لها له حرية العمل باستقلالية، حسب شروط وظروف كل دولة يعمل فيها، شريطة أن لا يعرض للخطر مصالح إيران الاستراتيجية بعيدة المدى. التقديرات الخاطئة التي كتب عنها حمادة ليست فقط لحزب الله، بل أيضا لإيران، التي قامت ببناء عليها الخطوط العامة لتدخلها وتدخل وكلائها في الحرب في غزة، وهي لم تعد تناسب الانعطافة التي حدثت في الحرب في لبنان.
غزة كان يمكن أن تمنح حزب الله اداة ضغط على إسرائيل. وبالتالي، اعطاء إيران مكانة متميزة كمن تستطيع ممارسة تهديدات اقليمية دون تعريض نفسها لخطر التدخل المباشر في الحرب. في بداية الحرب شرح حسن نصر الله في احد خطاباته الاولى بأن قرار العمل ضد اسرائيل يرتكز الى أمرين، مساعدة حماس في حربها ضد اسرائيل والدفاع عن لبنان. الأمر الأول وصفه بأن هجماته أدت إلى اضطرار الجيش الإسرائيلي إلى سحب جزء من قواته الى الحدود الشمالية، بشكل خفف الضغط العسكري على حماس في غزة. وقام بتفسير حجم الاضرار التي الحقها باسرائيل، لا سيما اخلاء عشرات آلاف الإسرائيليين من بيوتهم. ولكن هذه ليست حرب من أجل حماس فقط، أو من أجل القضية الفلسطينية. حسن نصر الله أكد على أنه لو أنه لم يستخدم "قوة الردع التي لديه" لكانت إسرائيل ستحقق طموحها في احتلال لبنان. الجهود التي بذلها لعرض نفسه كمنظمة لبنانية، وكجزء لا يتجزأ من المجتمع والشعب اللبناني وأنه ليس وكيلا لإيران أو لمصالح خارجية، هي التي بررت تدخله العسكري، ليس فقط ضد إسرائيل.