الغد-هآرتس
بقلم: اوري بار يوسف
تاريخ دولة إسرائيل مليء بالحالات التي كان مطلوبا فيها من القادة الاختيار بين التنازلات التي أضرت بقدرة الدولة على الدفاع عن نفسها، والترتيبات التي هدفت الى تقليص دافعية العرب لشن الحرب ضدنا. حتى العام 1967 التنازلات المطلوبة لإنهاء النزاع -الانسحاب إلى حدود التقسيم وإعادة اللاجئين العرب- كانت ضارة حقا بصورة وأمن الدولة. إسرائيل لم يكن بإمكانها قبولها. احتلال المناطق في حرب الأيام الستة منح إسرائيل ذخرا كبيرا، وكان يمكن مبادلتها باتفاقات سلام مع الدول العربية. خلال بضع سنوات، هذا الخيار تحول إلى خيار واقعي.
في الفترة الأخيرة، على خلفية الحرب التي أعادت القضية الفلسطينية إلى مركز المنصة، أخذت تتبلور خطة جديدة للولايات المتحدة، في مركزها لا يقف فقط وقف إطلاق النار وإعادة المخطوفين وإنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية تمكن من إعادة السكان إلى بلدات الغلاف وإلى الحدود الشمالية، بل تشمل أيضا التوقيع على اتفاقات سلام مع دول عربية، على رأسها السعودية، وبلورة محور عربي-إسرائيلي برعاية أميركية أمام تهديد توسع إيران وحلفائها. هذه العملية هي الأكثر أهمية لأمن إسرائيل منذ التوقيع على اتفاق السلام مع مصر في 1979، وحجر الزاوية الأساسي لهذه العملية هو رفض بنيامين نتنياهو إظهار أي استعداد للتقدم نحو حل الدولتين.
من هنا، نريد العودة إلى القرارات المصيرية السابقة. في 1937، وافق دافيد بن غوريون على التنازل عن حلم أرض إسرائيل الكاملة، وأقنع أصدقاءه رغم معارضة اليمين واليسار الشديدة بالموافقة على خطة بيل، التي عرضت دولة يهودية على مساحة 20 % من البلاد، وذلك من أجل إنقاذ يهود أوروبا من كارثة على وشك الوقوع. في 1948، كان بن غوريون هو المسؤول عن اتخاذ قرار تاريخي، الإعلان عن إقامة الدولة، رغم الضغط الأميركي للانتظار، وتهديد غزو العرب، وأصدقائه في القيادة الذين قفزوا على هذين الأمرين. في 1978، قرر مناحيم بيغن التنازل عن كل شبه جزيرة سيناء والموافقة على خطة الحكم الذاتي في الضفة الغربية وقطاع غزة -التنازل المناقض لرؤيته، لكنه عزز أمن الدولة.
دولة إسرائيل آخذة في الاقتراب من وضع فيه سيكون مطلوبا اتخاذ قرار مصيري مشابه، قرار بن غوريوني. من جهة، إنهاء النزاع وتعزيز التحالف مع الأميركيين وإعطاء شرعية جديدة لإسرائيل في الرأي العام الدولي وإنهاء الاحتلال الذي يعد عبئا أمنيا من الدرجة الأولى. من جهة أخرى، استمرار الاحتلال بطابع الابرتهايد وزيادة قوة النزاع الذي أصبح ثمنه واضحا في الأشهر الأخيرة.