Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Feb-2017

البديل الوطني لمشروع ناقل البحرين - م. عزام جرار
 
الغد- ما تم الإفصاح عنه بشأن مشروع "ناقل البحرين" هو أنه محطة لتحلية مياه البحر الأحمر تقع شمال مدينة العقبة، بطاقة إنتاج 80 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب سنويا، كما تنتج المحطة أيضا 200 مليون متر مكعب من المياه شديدة الملوحة (ثلاثة أضعاف ملوحة البحر الأحمر). ويتم تقاسم المياه المحلاة بين الأردن واسرائيل، بينما يتم طرح المياه شديدة الملوحة كمخلفات للمحطة في البحر الميت، بعد نقلها لمسافة مئة وستين كيلومتر عبر أنابيب ضخمة. 
وفي ضوء ما تم الإفصاح عنه كذلك من تفاصيل المشروع، فإن إسرائيل ستحصل على 65 % من المياه الصالحة للشرب، وبالتالي ستكون المستفيد الأكبر من محطة التحلية، كما إن المياه شديدة الملوحة التي ستُنقل إلى البحر الميت ستكون إسرائيل أيضا هي المستفيد الأكبر منها، باعتبارها المستفيد الأكبر أصلا من البحر الميت؛ باستخراج العناصر المختلفة منه، وأيضا استثماره سياحيا باحتلالها الشاطئ الفلسطيني من البحر. الأمر الذي يدعو إلى التساؤل حول إقامة المشروع على الأراضي الأردنية، وتحملنا مسؤولية القروض والكهرباء (المدعومة).
إن المشاريع المائية المشتركة بين الدول تقوم على أساس أن المشروع المشترك يقوم على أراضي الدولتين. فيما هذا المشروع يقوم كله على الأراضي الأردنية. والمشترك في هذا المشروع أن إسرائيل مستفيدة بشكل رئيس، من دون تحمل أي مسؤولية مالية أو تشغيلية عنه.
وكانت هناك محاولة لتجميل اتفاقية "ناقل البحرين" بإضافة مبدأ الندّيّة في التبادل بيننا وبين الجانب الإسرائيلي؛ بأن نبيع له 50 مليون متر مكعب من المياه من محطة التحلية في العقبة، مقابل بيعه لنا 50 مليون متر مكعب من بحيرة طبريا، متناسين أن من سيقوم بقبض ثمن الكمية المباعة للإسرائيليين هو الشركة المشغلة لمحطة معالجة المياه في العقبة، بينما سنقوم نحن في الأردن بدفع ثمن كمية المياه المشتراة من بحيرة طبريا من ميزانيتنا. هذا عدا عن أن المياه التي سنشتريها هي من مياهنا التاريخية وحصتنا من مياه نهر الأردن، باعتبارنا دولة مشاطئة للنهر.
كما نسمع يوميا عن محاولات تجميل هذا المشروع بالحديث عن مشاريع استثمارية ضخمة؛ سياحية وصناعية وسكنية على جانبي الخط الناقل. لكن الحقيقة أن المشروع سينقل ماءً مالحاً جدا من مخلفات مشروع التحلية، تصل ملوحته إلى 120 غم من الأملاح لكل لتر، وهي 3 أضعاف ملوحة البحار والمحيطات في العالم، ولا يمكن إعادة تحليتها كما لا يمكن استعمالها في أي نوع من أنواع الزراعة أو تربية الثروة السمكية أو الحيوانية، بل ولا تصلح لأي نوع من أنواع الصناعة. إذن، كيف ستقوم هذه المشاريع على طرفي الخط الناقل؟
من المحاولات الأخرى لتجميل المشروع وإضفاء صيغة المشروع الوطني عليه، هو إدخال الفلسطينيين في المشروع، واعتبارهم طرفا مستفيدا عن طريق تعهد إسرائيل "ببيع" كمية مياه إضافية للضفة الفلسطينية من خط الناقل الإسرائيلي لمياه نهر الأردن، والذي يمتد من بحيرة طبريا وحتى مفاعل ديمونة في الجنوب. وواضح أن هذا "البيع" ليس له علاقة من قريب أو بعيد بالمشروع، بل إن إسرائيل تستولي على 90 % من الحوض المائي الفلسطيني في الضفة، وتسمح للفلسطينيين بالاستفادة من 10 % من حوضهم المائي. ويمكن للفلسطينيين أن يسدوا حاجتهم من المياه بالسماح لهم باستخراجه بكلفة أقل بكثير من شرائه من إسرائيل.
في ضوء ما تقدم، هل يمكن تعديل (إعادة تصميم) هذا المشروع ليصبح مشروعا وطنيا يخدم أولا بلدنا في مواجهة الصعوبات المائية التي تواجهه، وليبعد هذا المشروع عن مواضع الشبهات ويضعه في مصاف المشاريع الشمولية التي نحتاجها لمعالجة مشاكلنا المستقبلية في مجال المياه والبيئة؟ نعم يمكن.
أولا: تحديد المشترك والمنفصل بيننا وبين الجانب الإسرائيلي، وذلك لتحديد المسؤولية وتوزيع الكلفة في ضوء الاستفادة من المشترك في المشروع وذلك باقتصاره (المشترك) على:
1. مأخذ المياه المركزي للمشروع، من خليج العقبة. ويقع المأخذ على أرض مشتركة من الدولتين ومن المياه الإقليمية للدولتين، تقع عليه المضخات المركزية و"فلاتر" التصفية الأولية وملحقاتها ومصادر تغذيتها بالطاقة من الدولتين بالنسب المتفق عليها، والتغذية الجزئية للمحطات بالطاقة البديلة باستعمال الألواح الشمسية في منطقة المأخذ للتقليل من كلفة الضخ والحفظ على البيئة.
2. عمل الخط الناقل المركزي على مسار الحدود الدولية الأردنية الإسرائيلية، لنقل مياه البحر من المأخذ على خليج العقبة إلى المصب على جنوب البحر الميت. وفي هذه الحالة، يمكن الاستفادة من فارق الارتفاع بين النقطتين والتي تقارب 400 متر (أعلى من أي سد مائي في العالم) في توليد الطاقة الكهربائية عند نقطة المصب، ما يساعد في إنشاء محطة التحلية عند تلك النقطة.
إن نقل مياه البحر بهذا الخط الناقل المركزي على امتداد المئة وستين كيلومترا من العقبة حتى البحر الميت، يمكنه انعاش أي مشاريع لتربية الثروة السمكية والأحياء البحرية الأخرى، كما يمكنه إنعاش مواقع سياحية حيثما احتجنا فيها إلى الماء للسباحة وغيرها، بعكس الواقع بتصميم المشروع الحالي الذي سينقل مياها مالحة جدا لا يمكن الاستفادة منها على طول هذا الخط.
ثانيا: الجزء المنفصل –المستقل- في هذا المشروع يأتي بعمل محطة تحلية مياه لكل دولة على حدة، وبالقدرة المتفق عليها بينهما. ويتم طرح مخلفات الماء المالح جدا في البحر الميت مباشرة ومن دون الحاجة إلى أنواع خاصة من المضخات وخطوط النقل الخاصة بالمياه شديدة الملوحة. وبالتالي، نكون قادرين على التحكم بمحطتنا الخاصة وإنتاجها وتوزيعها على كامل المساحات السكانية في الأغوار، وأي استثمارات في شاطئ البحر الميت الأردني، وأي اعمال استثمارية في غور الصافي. وسنكون مسؤولين عن محطتنا الخاصة الأردنية في كل ما يتعلق بالتغذية بمصادر الكهرباء الخاصة بها، وتكون لدينا الإمكانية لتوسيع قدرات المحطة في ضوء كمية المياه المنقولة بواسطة الخط الناقل المركزي المشترك. ويكون هذا كله بقرار أردني مستقل يأخذ بعين الاعتبار المصلحه الوطنية العليا للأردن، من دون التعرض لأي ضغوطات من الجانب الإسرائيلي.