Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Sep-2020

هل تتحوّل سياسة حافة الهاوية إلى كارثة في المتوسط

 الغد-تقرير – (أحوال تركية) 4/9/2020

 
أنقرة – هل تتحوّل التوترات التي تتفاقم بين تركيا واليونان في شرق البحر المتوسط إلى مواجهة عسكرية مباشرة؟ إلى أي حدّ يمكن أن يمضي الطرفان في طريق التشدّد والتصعيد؟
يلفت المراقبون إلى أنّ التوتّرات المتزايدة بين أنقرة وأثينا يمكن أن تتحوّل إلى صراع شامل، ويمكن أن تتسبّب بنشوب حرب غير متوقعة في المنطقة إذا ارتكب أي من الجانبين خطأً.
ويشير محللون إلى أنّ الأيّام القريبة المقبلة ستكون حبلى بالتغيّرات في المتوسط، ويمكن لأيّ موقف متهوّر تتّخذه تركيا أن يتسبّب بشروخ يصعب تداركها في بنية حلف الناتو.
وصلت التوترات السياسية والعسكرية بين الحلفاء في الناتو إلى ذروتها بعد أن أرسلت أنقرة سفينة الأبحاث “عروج رئيس” التي ترافقها سفن حربية تركية إلى منطقة متنازع عليها بين قبرص وجزيرة كريت اليونانية في 10 آب (أغسطس). وردت أثينا على هذه الخطوة بإرسال وحدات بحرية وجوية، لمراقبة “عروج رئيس” وإجراء مناورات عسكرية مع قبرص وفرنسا في المنطقة، ما زاد من خطر نشوب المواجهة المباشرة بين الطرفين.
وفي إطار التصعيد التركي غير المحسوب، ذكرت صحيفة “دي فيلت” الألمانية، في تقرير لها، أن الرئيس رجب طيب أردوغان أمر مؤخرًا جنرالات بلاده بإغراق سفينة حربية يونانية في المياه المتنازع عليها، وذلك في محاولة لإثارة نزاع عسكري مع اليونان من أجل تأمين استمراره سياسيًا.
وعلى الرغم من نفي أنقرة لما جاء في التقرير، إلّا أنّه يسلط الأضواء على النزعة العدوانية لدى أردوغان الذي يجد نفسه في موقف مأزوم، ولا سيما جراء الانهيار الذي يعصف بالاقتصاد التركي، ناهيك عن تصاعد الضغوط الداخلية ضدّه من قبل المعارضة، وتهديده بفقدان منصبه نتيجة تناقص شعبيته.
وفي هذا السياق، قال الكاتب والخبير الإقليمي ديفيد باتريكاراكوس إنه إذا كان التقرير صحيحًا، فلا بد أن أردوغان أراد الإدلاء ببيان من دون قتل القوات اليونانية. ووصف العديد من التطورات التي تحدث في شرق البحر الأبيض المتوسط بين تركيا واليونان والدول الداعمة لموقف أثينا بأنها “سياسة حافة الهاوية”؛ حيث إن تكلفة المواجهة المباشرة ستكون “ببساطة كبيرة للغاية”.
وقال الخبير باتريكاراكوس في مقال رأي نشره في مجلة “سبيكتاتور” البريطانية، إنّ المشكلة قد لا تأتي عن قصد، وإنما بسبب خطأ أو سوء تقدير، وإنّ سياسة حافة الهاوية يمكن أن تتحول إلى كارثة. وقال أيضاً إنه إذا كان التقرير صحيحًا، فإنه “أظهر أيضًا زعيمًا تركيًا مستعدًا، إن لم يكن حريصًا، على تصعيد الوضع في شرق البحر المتوسط، إلى حد مهاجمة خصمه الجيوسياسي ومنافسه في مجال الطاقة”.
وكان التنافس التاريخي بين تركيا واليونان قد تصاعد في العام الماضي بعد أن سعت تركيا إلى التنقيب عن الغاز والنفط قبالة سواحل قبرص. وتطالب أنقرة، التي لا تعترف بقبرص كدولة، بنصف المنطقة الاقتصادية الخالصة للبلاد نيابة عن قبرص التركية، وقامت مرارًا وتكرارًا بالتنقيب البحري بمرافقة سفن حربية في الإقليم.
وكتب جيمس ستافريديس، كاتب العمود في مجلة “بلومبيرغ”، في مقال رأي مؤخراً: “يبدو أن حادثًا في البحر ينتهي المطاف فيه بسفن حربية تابعة للناتو وهي تطلق النار على بعضها بعضا يبدو نتيجة سيئة بشكل لا يمكن تصوره، لكنه، للأسف، ليس خارج نطاق الاحتمال”.
وقال ستافريديس، وهو أدميرال متقاعد بالبحرية الأميركية وقائد سابق لحلف شمال الأطلسي، إنه لم يشهد توترات “أكثر تقلباً” في المنطقة البحرية مما هي عليه في هذه المرحلة من الزمن. وأضاف أنّ “شرق البحر الأبيض المتوسط يحلّ محل بحر الصين الجنوبي والخليج العربي باعتباره النقطة البحرية الساخنة البارزة في العالم”.
تنطلق تركيا من أوهام إمبراطورية، بحسب ما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة بالفيديو، والتي أكّد فيها أنّ أحد أسباب الأزمة الحالية في البحر الأبيض المتوسط هو عودة تركيا إلى المنطقة كقوة إمبريالية تحاول استعادة تاريخها. وأضاف أنّنا نشهد عودة القوى الإمبريالية والإقليمية بأوهام تاريخية.
وعلى الرغم من إعلان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، مؤخراً، أن اليونان وتركيا؛ الشريكين في الحلف، اتفقتا على إجراء محادثات لتفادي أي اشتباكات عارضة في منطقة شرق المتوسط في إطار جهود لتهدئة النزاع المتفاقم على موارد الطاقة في المنطقة، إلّا أنّ أثينا نفت وجود محادثات مقرّرة مع أنقرة.
وأعلنت اليونان أنّها ليست هناك محادثات مقرّرة بينها وبين تركيا لتخفيف التوترات المتزايدة بين البلدين في شرق المتوسط، نافية بذلك ما أعلنه حلف شمال الأطلسي من أنّه سيستضيف “محادثات تقنية” بين أثينا وأنقرة لحلّ هذه الأزمة.
وقالت وزارة الخارجية اليونانية في بيان إنّ “المعلومات التي جرى الكشف عنها بشأن مفاوضات تقنية مفترضة في حلف شمال الأطلسي لا تتّفق مع الواقع”.
وأتى النفي اليوناني بعيد ساعات من إعلان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، في تغريدة على “تويتر” أنّ اليونان وتركيا ستعقدان محادثات في مقرّ الحلف بهدف تفادي أي مواجهات غير محسوبة في شرق المتوسط، حيث يختلف البلدان على الحدود البحرية وحقوق استكشاف الغاز.
ويرتفع منسوب التوتّر حيال أنشطة تركيا للتنقيب عن الغاز في المنطقة، والتي تعتبرها كل من اليونان وقبرص انتهاكاً لسيادتهما. ونشر الطرفان سفناً حربية في استعراض للقوة، ما عزّز المخاوف من احتمال اندلاع نزاع عن طريق الخطأ.
وقالت وزارة الخارجية التركية إنها تدعم مبادرة حلف شمال الأطلسي وتتوقع من اليونان أن تفعل الشيء نفسه. وأضافت أن المحادثات لم تكن حول حل المشكلات بين الدولتين، وإنما ستبحث في شأن اتخاذ إجراءات تتعلق حتى الآن بمهام يقوم بها جيشا البلدين.
وقال البيان: “إننا نريد أن نكرر استعداد بلادنا لإجراء حوار غير مشروط للتوصل إلى حلول دائمة وعادلة مع اليونان لكل المشكلات القائمة بيننا في إطار القانون الدولي”.