Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Oct-2022

الفزع والغاز

 الغد-يديعوت أحرونوت

بقلم: ناحوم برنياع 3/10/2022
حسن نصرالله، الرجل الحقيقي، وليس المقلدين له، أدى باخلاص دوره في فزع نهاية الصيف. فأجواء حافة الحرب هي معطى، هي حاجة. لا يحتمل أن نجتاز الأعياد دون أن نتحفز قبيل انتفاضة في يهودا والسامرة أو حملة عسكرية في لبنان أو كليهما، في نفس الوقت، مضاف إلى ذلك رشقات صواريخ من غزة. كل خطاب تهديد لنصرالله نال صدى كبيرا في إسرائيل. وزير الدفاع حذر؛ هدد؛ استعد. في النهاية تبين بان المسدس الذي وضع على الطاولة في المعركة الأولى أطلق النار في المعركة الثانية رفاصات. حتى حرب لبنان الثانية في 2006 كان نصرالله يعد مصداقا – احيانا مصداقا أكثر من وزراء الحكومة في الجانب الإسرائيلي. 16 سنة مرت منذئذ، الكثير جدا من الوقت بتعابير الشرق الاوسط. طوعا ام غصبا، تحول نصرالله من رئيس تنظيم بوظيفة كاملة إلى سياسي لبناني بوظيفة كاملة.
سيطرته على قوات حزب الله المرابطين على طول الحدود مع إسرائيل جزئية. رجال التنظيم ضالعون بصفقات خاصة أو شبه خاصة من تهريب السلاح والمخدرات. نصرالله لم يخرب الاشغال لاقامة العائق الجديد على الحدود. لم يخرب حتى الضم الصغير الذي اجرته إسرائيل في قرية الغجر العلوية، قرية حتى العام 1967 كانت بسيادة سورية. عندما سيطرت إسرائيل في جنوب لبنان بنت القرية مستوطنة، واسمتها الغجر العليا، خلف الحدود على الاراضي اللبنانية. في العام 2000، عندما انسحبت إسرائيل إلى الخط الدولي، المستوطنة لم تخل. في السنة الاخيرة بنت إسرائيل جدار فاصل يحيط بالقرية بقسميها، القسم الشمالي في داخل لبنان. فتحت الغجر كلها لسياحة الإسرائيليين، في مباركة قائد المنطقة الشمالية أمير برعام. نصرالله اغمض عينيه.
يتحدث نصرالله عن إسرائيل لكنه يقصد بيروت. والآن دوره لان يغرق في الوحل اللبناني. فهو ليس فقط شريكا في افلاس الدولة – في نظر قسم كبير من الرأي العام هو المذنب الرئيس، الفوري. تهديداته بضرب الطوافة التي تستعد للتنقيب في حقل الغاز كريش كانت خطوة سياسية، وليس عسكرية. وكانت الحرب على الحظوة: أنا، نصرالله، اخفت اليهود. إسرائيل اضطرت لان تساوم ولبنان حصل على اتفاق افضل.
وجد له بضعة حلفاء في اسرائيل. قبل كل شيء، متلازمة يوم الغفران التي تسود سواء في الجيش أم على ألسنة المحللين العسكريين: كل خطاب تهديد اطلقه يشهد على الحرب؛ كل احتواء لحدث هو مدخل للقصور. محظور، بالطبع، تجاهل كل تهديد عسكري. لكن ينبغي الفصل بين الخطابية والخطوة العسكرية الحقيقية، عندهم، وعندنا ايضا.
الحليف الثاني هو نتنياهو. فقد اختار الهجوم على الاتفاق حتى قبل أن يوقع. وهو يصفه كاستسلام من حكومة إسرائيل، اقليميا واقتصاديا على حد سواء. سمعت مؤخرا في اسدود، يخطب من خلف الزجاج. تباهى بأربع معاهدات سلام وقعها في غضون بضعة أسابيع، دون أن يدفع ثمنا. ليست معاهدات سلام بالطبع بل اتفاقات تطبيع. وليس بدون أن يدفع ثمنا: نتنياهو، بضغط البيت الأبيض ترامب اضطر لان يتراجع عن وعده لضم قسم كبير من الضفة. وكانت الاتفاقات هي المقابل، التعويض. الاتفاقات ممتازة، بالمناسبة، جيدة لاسرائيل. ليست هي ما ارادها نتنياهو.
حكم مشابه قد ينطبق ايضا على اتفاق الغاز مع لبنان. الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين توصل الى حل وسط يمكن للطرفين أن يتعايشا معه. مسار خط الحدود البحرية لم يحسم نهائيا. اسرائيل ستحصل على تعويض مالي ما، بضمانة شركات النفط من فرنسا وايطاليا، مقابل الجزء الذي تستحقه في الحقل الذي سينهل منه الغاز. المقابل الذي تتلقاه الحكومة من حقول الغاز الاخرى مخيب قليلا للآمال، كما هو معروف: سنواسي انفسنا بالتالي بالمقابل من لبنان.
والاساس، الطرفان سيحوزان ميزان رعب متبادل: اذا ما مسست بتنقيبي فسأمس بتنقيبك. هذه ليست بالضبط بداية صداقة رائعة، لكن هذه بداية البداية. من السهل ان نرى اي ثناء كان نتنياهو سيغدقه على نفسه من منصة الشاحنة لو أنه كان هو الذي وقع على الاتفاق.
ينطوي الاتفاق على مسألة قانونية: حسب القانون، كل تغيير اقليمي يستوجب استفتاء شعبيا. كل خط اقتصادي داخل البحر هو مثابة تغيير اقليمي؟ السؤال ينتظر فتوى المستشارة القانونية. على فرض ان المستشارة القانونية ستقرر بان للحكومة صلاحيات بان تستكمل الاتفاق، ستنتقل المعضلة الى نتنياهو: هل سيرفع التماس للعيا ومتى؟ كل شيء منوط بالانتخابات: اذا ابقته النتائج في المعارضة، ففي أغلب الظن انه سيواصل القتال ضد الاتفاق؛ اما إذا اعادته النتائج الى مكتب رئيس الوزراء فانه سيفكر مرتين: لماذا ينبغي له ان يتخلى عن اتفاق جيد فقط لانه رفضه قبل الانتخابات: على حكومة إسرائيل الا تفزع، لا من خطابات نصرالله ولا، مع الفرق، من خطابات رئيس المعارضة. مسموح لها ان تضغط على دواسة الغاز.