Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-May-2017

عمان... «مدينة الثقافة الاسلامية» - د. فيصل غرايبة
 
الراي - عند بداية اختيارها مدينة الثقافة الاسلامية 2017 صدر في عمان عاصمة آل البيت اعلان يحمل اسمها هو «اعلان عمان» ذاك الذي صدر عن مؤتمر قمة الوفاق العربي التي عقدت على ارض الحشد الأمين والرباط الصادق،والتي تقع وسط الطريق الرابط بين مهد النبوة ومسرى رسول الله قبالة اولى القبلتين وثالث الحرمين، وبين موقع اطلاق النهضة العربية الكبرى وساحتها الأولى ومستقرها الآخير، هذه عمان التي بحكم المسؤولية الروحية والتاريخية التي تحملها القيادة الهاشمية بشرعية موصولة بالمصطفى،صاحب الرسالة، أصدرت «رسالة عمان»(26رمضان المبارك، 1425 هجرية 9 تشرين الثاني 2004 ميلادية) لتبرز الصورة الحقيقية المشرقة للاسلام الذي صنع أمة وحضارة وبشر بمبادئ وقيم تحقق خير الانسانية، على أساس أن أصل الديانات الالهية واحد، وأن المسلم يؤمن بجميع الرسل، وهو لا يفرق بين أحد منهم، وأن الأسلام كرم الانسان دون النظر الى لونه أو جنسه أو دينه، وأن منهج الدعوة يقوم على الرفق واللين ويعمل على نشر الرحمة والخير.اذ قام الأسلام الحنيف على التوازن والاعتدال والتيسير وأسس للعلم والتدبر والتفكير.
 
تلتقي رسالة عمان مع «الورقة النقاشية الملكية السابعة» التي نشرت في هذا العام ايضا، والتي تعزز «الاستراتيجية الوطنية الجديدة لتنمية الموارد البشرية»- والتي اعتمدت مؤخرا- في الدعوة الى ترسيخ البناء التربوي القائم على الثوابت المؤسسة للثقة في الذات والعاملة على تشكيل الشخصية المتكاملة، وعلى الاهتمام بالبحث العلمي وانارة عقول أجيالنا الشابة،وعلى اعتماد اساليب الابداع والابتكار.
 
ولما كان الأردنيون بطبعهم متوادين متراحمين، لا يواربون بطبيعتهم، صريحون بالقول وثابتون على الموقف،فانهم لذلك لا يتاجرون بالدين ولا يتظاهرون بالإيمان، فهم يؤمنون بالعمل المنتج والتحرك المكشوف،بطريقة تضامنية،يستمعون الى الشائعات ولكنها لا تخطفهم ولا تهيجهم، ولا يأبهون بالظاهرة الفضائية التهويلية عبر القنوات التلفزية،ولا يأخذون عن وسائل التواصل الاجتماعي دون تمحيص، ولا يلتفتون الى المحاولات التي تعالج القضايا الراهنة عن طريق الرجم بالغيب وفبركة الروايات التاريخية،لأنهم لا يتعاملون مع الحضارة والتاريخ والواقع بطريقة سطحية ساذجة.ولذلك لم ينساقوا الى إجراء الإصلاح بالسلاح الأبيض والهتافات الجوفاء والانقضاض المتوحش،فهم مقتنعون بأن الإصلاح لن يتم باتساع الأفواه وانغلاق العقول وقساوة القلوب. إن الأردنيين الذين ينادون بالإصلاح سياسيا واجتماعيا واقتصاديا واعون لمواضع أقدامهم ومدركون لظروف بلدهم،ويعرفون من هم أولئك الذين يحاولون قطع الطريق عليهم،وخطف المحاولات الجادة التي تبذل والتي ستبذل على المدى المعقول والالتفاف على النوايا الطيبة التي تعقد العزم على الانجاز الوطني المناسب في الوقت المناسب.
 
ووفقا لهذا المنطق توازت السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية في الأردن،مع الارادة السياسية لنظام الحكم، وتآزرت معها،وانسجمت مع التطلعات الشعبية، فانجزت تعديلات مهمة ومفصلية على الدستور ووضعت قوانين للمحكمة الدستورية وللاجتماعات العامة والأحزاب والانتخاب والحكم المحلي واللامركزية.
 
ان اختيار (أمنا عمان) مدينة للثقافة الاسلامية فرصة لأهل عمان والاردنيين في مختلف انحاء المملكة ليعكسوا صورتهم الواضحة في ظل الثقافة العربية الاسلامية التي نعيش، وليعيدوا قراءة رسالة عمان على مسامع العرب والمسلمين في العالم اجمع، في الزمن الذي تختلط فيها الأوراق السياسية وتتضارب فيه المصالح الاقتصادية وتتصارع فيه الطروحات الفكرية، وفي عصر المعرفة الذي يؤكد على الموارد البشرية كراسمال للشعوب والأمم،تستثمر فيه وبه المعرفة والمعلومات والاتصالات،لتطوير حياة الانسان وتأمين مستقبل الأجيال.
 
فلتتضافر الجهود الوطنية الادارية والتربوية والاكاديمية والتوجيهية والاعلامية خلال هذا العام من مختلف الأطراف الرسمية والأهلية، ليصل اردننا العزيز لمبتغاه الحق الشريف في هذا الخضم العالمي المتلاطم، ووسط هذا الاقليم العربي الملتهب.
 
dfaisal77@hotmail.com