Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Mar-2017

قاعدة عفرين «الروسِيّة».. بين النفي والتأكيد!! - محمد خروب
 
الراي - كأنهم كانوا في انتظار «الخبر», الذي تم تأويله على نحو يخدم رواية المنخرطين في لعبة «الروسيا فوبيا», والتشكيك بكل ما هو روسيّ, حتى لو كان محمولاًعلى جبال من حُسن النية والافعال الخيِّرة, ، ولهذا لم يكن غريبا او مفاجِئا، ان يحتل صدارة الاخبار، تصريح المُتحدث باسم قوات حماية الشعب – الكردية في غالبيتها – ريدور خليل، حول «اتفاق» تم توقيعه مع قيادة قاعدة حميميم، يقضي بتلقي قوات حماية الشعب «تدريبات على الحرب الحديثة, في اطار التعاون ضد الارهاب».
 
فتح الاعلام المُتأمرِك والمعادي لدور روسيا المحوري في لجم العدوان على سوريا ووضع حد للحرب الدائرة فيها وعليها، ابواقه ليتحدث عن قاعدة «ثالثة» لروسيا في منطقة عفرين, التي تُشكّل مع الحسكة (الجزيرة) وكوباني (عين العرب) منطقة غالبية الاكراد السوريين,حيث لا يُخفون رغبتهم في تنفيذ مشروع «فيدرالي» كانوا اعلنوا عنه سابقاً, ولم يجد طريقه الى التنفيذ لاسباب عديدة، لا مجال للحديث عنها هنا، عندما اعلنوا فيدرالية روج آفا (كما يطلق الاكراد على منطقة غرب كردستان التاريخية)، كي يتم ربط عفرين بالحسكة وكوباني,لتجسيد هذا «الحلم» عبر الربط الجغرافي والذي اتخذت منه تركيا في 24 آب الماضي, ذريعة لغزو الشمال التركي تحت اسم «درع الفرات»,ووضعت امامها مرتزقتها من السوريين الذين انتحلوا صفة «الجيش الحر», تلتها مسرحية تحرير جرابلس, عندما سلّمهم اياها داعش, منسحبا طواعية ودون قتال, ثم «دابق» التي قيل فيها «داعشياً» الكثير من المعلقات والرمزيات, لكنها سُلّمت ايضا, الى ان وصل الغزاة الاتراك ومرتزقتهم لمدينة «الباب», التي خسرت فيها تركيا الكثير من قواتها وعتادها وماء وجهها, بعد ان ظنّت انها ستكون سهلة وسريعة، الى ان واجهها الحائط المسدود في محيط مدينة «منبج», التي هي في طريقها الى ان تكون مقبرة الحلم التركي، بعد ان أُغلقت في وجهها الطرق, وقيل لها ان الطريق اليها – كما الى الرقة – غير سالكة, ودونها عقبات وتحالفات.
 
هنا تكمن «حكاية» تضخيم الحديث عن قاعدة روسية ثالثة ، رغم النفي الروسي القاطع ورغم ما ورد في تصريح الناطق باسم قوات حماية الشعب ريدور خليل, بأن المسألة لا تعدو كونها مجرد اتفاق للتدريب في سياق الحرب على الارهاب، لكنها «عنزة تطير» في نظر المتآمركين والمعجبين بأردوغان ومشغِّلي الجماعات الارهابية, الذين ظنوا انهم بمحاولاتهم اختراق شمال شرقي دمشق واطلاق معركة وهمية اسموها «يا عباد الرحمن اثبتوا» وبقيادة هيئة التحرير الشام/النصرة المصنفة ارهابيا، قادرون على إحداث اختراق ميداني حاسم او تأخير موعد هزيمتهم النهائية، فراحوا يُروّجون لهذه المزاعم ويغرقون في تحليلات قاصرة على اقناع احد، وخصوصاً رغبتهم في الظهور كضحية للروس، فيما هم صمتوا بل هللّوا للقاعدتين الجويتين الاميركيتين في المنطقة ذاتها, واحدة في منطقة «الرميلان» عندما حوّل الاميركيون مطارها الزراعي الى مطار عسكري وأخرى لا تبعد عنها كثيراً, ناهيك عن عديد المارينز الذين سيصل عددهم الى الف عنصر قريباً, ناهيك عن وجود قاعدة «المانِية» واخرى «فرنسية» قريبة من مدينة عين العرب (كوباني).
 
اذاً.. لا قاعدة عسكرية «ثالثة» روسية في شمال سوريا، ولا حاجة روسية لها وسط «غابة» القواعد والتواجد اللاشرعي لقوى اطلسية بما فيها تركيا, وليس ثمة «مزاحمة» روسية لأميركا في تدريب الاكراد، فالأكراد هم الذين ارادوها,فلبّت موسكو الطلب ما دام في اطار محاربة الارهاب, وخصوصاً باقتراب معركة تحرير الرقة، هذه المعركة التي ستُحدِّد الاحجام والاوزان, وتُضيء على الكيفية التي ستعالج فيها وواشنطن وموسكو, مقاربة الحل السياسي للأزمة السورية, بعد الانتهاء من دحر داعش وتزامناً مع نجاح الحيش العربي السوري في تحرير غوطة دمشق الشرقي وتنظيف ارياف دمشق كافة من الارهابيين.
 
لهذا يجدر بالمصابين بالـ»روسيا فوبيا» ان يُدقّقوا جيداً في ما قاله ناصر حاج مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية لصحيفة الشرق الاوسط اللندنية: هذه الخطوة تأتي نتيجة الواقع الذي تعيشه منطقة عفرين, والتي يجعلها عرضة للهجوم من داعش ومن فصائل «درع الفرات» كما الى غياب «البديل» عن الاكراد في محاربة الارهاب, والاتفاق سيحمي–على الأقل–في المرحلة الأولى، الاكراد من القصف الذي كانوا يتعرضون له من قِبل الاتراك, وقد يؤدي في المرحلة التالية الى وضع خطة لتحرير بعض المناطق الخاضعة لسيطرة «درع الفرات», او تلك الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي.
 
هكذا يقرأ اكراد سوريا المشهد, بل يذهب ناصر حاج الى ما هو أبعد من ذلك، عندما يقول في وضوح أكبر «.. قد يطرح البعض علامة استفهام حول تنسيقنا مع فريقين متناقضين هما روسيا واميركا، لكن مع تأكيدنا على اننا لسنا عساكر تحت الطلب، في النهاية نحن اصحاب مشروع كردي سوري بشكل عام وكردي بشكل خاص، يهدف الوصول الى حل سياسي للأزمة وحصولنا على حقوقنا، كأي مكون في أي دولة، وهذا ما توافقنا عليه مع كل من موسكو وواشنطن، اضافة الى موقفنا تجاه العدو المشترك المتمثل بداعش».
 
هل تضيء هذه «القراءة» على ما يحدث في الشمال السوري والسيناريوهات المطروحة، الواقعي منها وغير القابل للتنفيذ ايضاً؟ أم ان هناك من يرى الأمور من منظور محاربة كل ما هو روسي, من أجل توفير ظروف «مستحيلة» لإعادة عقارب الأزمة السورية... الى الوراء؟
 
.. عبثاُ يحاولون..
 
kharroub@jpf.com.jo