Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-May-2017

حكاية حب - د. لانا مامكغ
 
الراي - كان مستغرقاً في متابعة أغنية « بتلوموني ليه «... ومشدوداً لأحداث الفيلم الذي يدور حول « حكاية حب « بين حليم والفاتنة التي أحبّها بصمت حتى التفت لمشاعره فأحبته ثمّ تعقدّت الأحداث بينهما وكادا يفترقان... كان مستمعاً بالمتابعة حين أقبلوا... فعمّ المكان فجأة بالصّخب والثرثرة والضّحكات.
 
قفزت الصّغيرة إلى حِجره، في حين جلسَ أخواها قربَه ليسألَ أحدُهما وهو يرقب النّهاية السّعيدة للفيلم القديم: « جدّو، زمان كانت حياتكم بالأبيض والأسود... متى تلوّنت ؟ «
 
أجاب وهو يربّت على رأسه بحنو: « تلوّنت لمّا صرتُ جدّاً لكم!«
 
أضافَ الآخر: « أكيد مدارسُكم كان لونها أسود ! « فقاطعته الصّغيرة لتقول: « ما كان في مدارس... عشان الشّوارع كان فيها ديناصورات !«
 
فقال هو: « مدارسنا لم تكن ملوّنة، لكنّها كانت جميلة، رغم أنّنا كنّا نتعبُ كثيراً للوصول إليها خاصّة في أيّام الشّتاء حين كانت المياهُ تغمرنا تماماً، فنصلُ مبتلين، مع ذلك كان اليوم الدّراسي يمرّ عادّياً. أما بعد الظهر فكنّا نقضي الوقت باللعب في الحاكورة لعبة السّبع حجار أو بكرات قماش كنا نصنعها بأيدينا، ولمّا نجوع كنّا نهرع نحو البيوت لإحضار سندويتشات محشوة بالزّعتر أو بالسّمنة والسّكر، أو نكتفي برغيف مع حبّة من البندورة.
 
وتابع ضاحكاً دون أن يقرأ الذّهول على ملامحهم: « كنّا نتعثّر ونقع كثيراً، ولا أذكر ركبتيّ إلا وعليهما آثارُ جروح وكدمات لا تكاد تُشفى إلا وأقع من جديد لأجرحَ نفسي مرّة أخرى... وما كان يزعجني شيء إلا حين تنادي علي أمّي لتطلبَ مني الذّهاب إلى الدّكانة، وكانت مصيبة حين لا يتوفّر في دكّانة الحارة ما طلبت، فأضطر للتوّجه إلى دكّانة الحيّ الآخر لإحضار المطلوب بسرعة البرق حتى أكملَ اللعب مع الرّفاق قبلَ حلول المساء، لأنّنا كنّا ننامُ باكراً حتى نصحوَ في الفجر ونذهب إلى المدرسة، فقد كانت بعيدة، وكنّا نذهبُ إليها مشياً.
 
همسَ أحدهما لأخيه: « شو يعني حاكورة ودكّانة ؟ « فلم يتلقّ إجابة منه، إذ بدا مطرقاً ساهماً
 
أفاقَ الجّدّ من تداعياته على الصّغيرة تحتضنه فجأة وتمضي ثمّ ليتبعها أخواها بصمت...
 
تعلّقت عيناه بهم وهم يغادرون، وتلاشت البهجة التي أثارتها الذّكريات ليهمسَ في سرّه: « كان الله في عونكم يا أحبّائي على زمنكم هذا... كم من الفرح الجميل الذي لم يتسنَّ لجيلكم تذوّقه أنتم أطفال الشّقق المغلقة الضّيقة الخانقة والألعاب الالكترونية الباردة... إلهي كم أحبّكم وكم أتمنّى لو أهديكم بعضاً من الفرح المفقود في زمنكم البليد البخيل هذا... إلهي ما أقسى أيّامكم ! « في تلك اللحظة، كان الولدان يتحدّثان بحزن عن معاناة جدّهما الذي قضى طفولته وهو يلعبُ بالحجارة ويقع ويجرح قدميه وتبلُله الأمطار ويأكلُ مثل تلك الأشياء.
 
أما الصّغيرة، فقد كانت مستلقية في فراشها تتمتم: « يا حرام... ثمّ أجهشت بالبكاء وهي تقول: « لكن شكراً لك يا ربّي أنّك أنقذتَ جدّو حبيبي من الدّيناصورات ! «