Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Nov-2017

كتاب «ظلال بلفور.. مائة عام من الدعم البريطاني لإسرائيل والصهيونية» - د. سمير مطاوع

 الراي - في رحلتي الأخيرة إلى بريطانيا تمكنت من الحصول على نسخة من كتاب جديد يصدر في الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم عنوانه « ظلال بلفور.. مائة عام من الدعم البريطاني للصهيونية وإسرائيل» من تأليف ديفيد كرونين ونشرته دار نشر «بلوتو برس» 2017.

كان عنوان الكتاب مثيرا للإهتمام، ولكن بعد قراءته وجدت أن المضمون أكثر إثارة للإهتمام من عنوانه في ضوء ندرة الكتب التي تتناول الصراع العربي الإسرائيلي من منظور غير إسرائيلي. ناهيك عن دور الدول الغربية الكبرى في إقامة ودعم دولة إسرائيل في قلب الشرق العربي.
 
يبدأ الكتاب بالإشارة إلى أن كثيرين يعتبرون أن وعد بلفور يوفر الأساس القانوني لدولة إسرائيل. ولكن المؤلف لا يرى ذلك ويعتبر أن الرسالة هي مجرد «رسالة نوايا» ولا شيء أكثر من ذلك. أي عبارة عن إعلان نوايا سياسية من وزير في الحكومة البريطانية حوّلوها إلى سياسة حكومة ودولة كبرى ما زالت تأثيراتها السلبية مستمرة حتى اليوم.
 
لا بدّ من التشديد – بداية – على أن كتاب «ظلال بلفور» يتولى بصورة محكمة ودقيقة سرد تاريخ الأحداث التي تلت تلك الرسالة ويشرح أوجه السياسة البريطانية المؤيدة لإسرائيل منذ ذلك الوقت وحتى الآن. وإذ يبدأ بموضوع رسالة بلفور يقول بعكس ما تصور كثيرون بأن الرسالة لم تكن في الأصل رسالة «نوايا طيبة».. ذلك أن بلفور كان معاديا للسامية على الرغم من أن رسالته وفرت كل الدعم للصهيونية من أحل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين حيث – من وجهة نظر المؤلف – أن الهدف الحقيقي لبلفور مثل كثيرين غيره في بريطانيا وغيرها من دول الغرب الإستعمارية كان التخلص من اليهود في المجتمعات الغربية.
 
ويضيف أن ثمة عوامل أخرى كثيرة ساهمت في إصدار هذا الوعد. أولها رغبة بريطانيا في استغلال النفوذ اليهودي في الولايات المتجدة لدعم مجهود بريطانيا الحربي في الحرب العالمية الأولى التي كانت قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة بل وفي دفع الولايات المتحدة لاحقا لدخول الحرب إلى جانب بريطانيا وحلفائها.
 
وفي نقطة ملفته كان يقال دائما أن العرب فقط هم الذين روّجوا لها وهي أن بريطانيا الإستعمارية كانت أيضا تسعى لحماية مصالحها في قناة السويس والمناطق إلى الشرق من السويس بما فيها الطريق الوحيد إلى الهند وجنوب شرق آسيا فضلا عن السيطرة على الموارد النفطية العربية التي كانت شركاتها تسيطر بشكل شبه كامل عليها في حينه. لذلك وجدت – كما يقول المؤلف – «أن صيانة مصالحها الإستعمارية الآنفة في المنطقة تتم بإقامة مركز استعماري متقدم يسهل لها السيطرة على المنطقة في مواجهة الطموحات الإستقلالية التحررية في المنطقة العربية».
 
ينتقل المؤلف لاحقا إلى سرد العوامل التي مكنت من تشابك المصالح البريطانية مع الصهيونية واليهود ويدخل في تفاصيل هذه العوامل في فترة الإنتداب البريطاني على فلسطين. وعلى الرغم من أن التفصيلات تحتم القراءة المستفيضة لكن لا بدّ من الإشارة إلى أن المؤلف يركّز على الحجة الأهم وهي «أن سياسة بريطانيا في فلسطين في حقبة الإنتداب وضعت أسس التطهير العرقي الذي مارسته إسرائيل فيما بعد ضدّ الشعب الفلسطيني».
 
ومع أنه يورد بالتفصيل الوسائل الكثيرة التي مارستها بريطانيا في توفير البيئة المؤدية إلى تسهيل انتزاع ملكيات الأراضي من الفلسطينيين ، ومنها السياسات الضريبية القاسية على الفلاحين الذين كانوا يشكلون أكثر من نصف السكان العرب ، وفي المقابل تسهيل تملّك المستوطنين المهاجرين اليهود لهذه الأراضي..
 
مع ذلك فإن كرونين يورد وبالتفصيل العمليات الإرهابية التي قامت بها العصابات الإرهابية اليهودية مثل شتيرن والأرغن ضد السلطات الإنتدابية البريطانية لمجرد أنها وعدت في كتابها الأبيض الذي أصدرته بعد الثورة الفلسطينية عام 1939 ..وعدت العرب بتخفيض أعداد المهاجرين اليهود المسموح لهم بالقدوم إلى فلسطين. ويضرب مثلا نسف فندق الملك داود الذي كان مقر إقامة السلطات الإنتدابية البريطانية العسكرية والإدارية عام 1946 إلا أن ذلك لم يمنعها عن تسليم المناطق الحساسة لليهود قبل الجلاء عن فلسطين.
 
وفي الأجزاء النهائية من الكتاب يذكّر المؤلف القرّاء بأن بريطانيا استمرت حتى بعد النكبة بدعم إسرائيل وتزويدها بالسلاح والمعدات من الدبابة إلى الأنظمة النووية قبل أن تتولى هذه المهمة عنها الولايات المتحدة الأميركية.
 
وبعد أن ينتقد المؤلف رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير الذي يفترض أنه يمثل اللجنة الرباعية ( المؤلفة من الولايات المتحدة وروسيا والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ) لوضع حلول سلمية لقضية الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين ويتهمه بأنه منحاز تماما للموقف الأمريكي المنحاز أصلا لإسرائيل.
 
من المثير للإهتمام أن مؤلف كتاب « ظلآل بلفور» ديفيد كرونين يصر على أن بريطانيا ما زالت حتى اليوم من أكبر المؤيدين لسياسة الإستعمار – الإستيطاني الإسرائيلي لفلسطين (كلمات المؤلف) وهي بذلك بدلا أن تكفر عن خطيئتها التاريخية تدعم إسرائيل التي تمارس جرائم القمع والتمييز العنصري والتطهير العرقي ضدّ الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية .