Saturday 16th of August 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Aug-2025

لبنان أمام باب الحرب الأهلية ونافذة التفاوض
 المدن
 
وصل لبنان إلى أخطر مراحله السياسية والأمنية. هو عملياً الآن في قلب لعبة المحاور، وينتظر المزيد من التصعيد السياسي على وقع ما ستؤول إليه التطورات الإيرانية- الأميركية، على أبواب السعي لتجديد المفاوضات. ما يعني أن طهران اختارت أن تضع ملف لبنان على طاولة التفاوض، هذا البلد الذي اعتاد أن يكون ساحة لتجاذبات إقليمية ودولية، ومكاناً لتصفية الحسابات، حيث اختبر كثيراً عمليات التفاوض بالدم. وهو ما يخشاه اللبنانيون اليوم عندما وصل الأمر إلى حدود التلويح أو التخويف بالحرب الأهلية. 
 
ينقسم لبنان بين رؤيتين، الأولى مدعومة بقرار دولي وإقليمي كبير يشير إلى ضرورة تطبيق حصرية السلاح في يد الدولة. والثانية موقف حزب الله ومن خلفه إيران، وقد أضيف إليه موقف عبد الملك الحوثي وحزب الله العراقي، في الإعلان عن رفض تسليم السلاح والهجوم على قرارات الدولة اللبنانية. 
 
الظروف المتغيرة
 
يمكن تشبيه الوقائع الحالية بالكثير من المحطات السابقة، ولكن عملياً كل الظروف قد تغيرت. لذا لا يمكن التنبؤ بما سيجري أو ما ستحمله الأيام. يذهب البعض إلى تشبيه الوضع الحالي بما جرى في أيار 2008 عندما اتخذت الحكومة قراراً بتفكيك شبكة اتصالات حزب الله وسلاح الإشارة. رد فعل الحزب حينها، كان اجتياحاً لبيروت والجبل. وهو ما لم يحصل اليوم، بل شهدت المناطق بعض التظاهرات المعترضة على قرار الحكومة، ليعلن بالأمس أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أنه تقرر تأجيل التحركات، للإفساح في المجال أمام المزيد من النقاش ومراجعة القرار والتعديل عليه. 
 
في تلك الفترة كان هناك إصرار على سحب سلاح حزب الله، وكان لبنان قد خرج قبلها بسنتين من حرب تموز الشهيرة. لم تنجح كل الضغوط والظروف في حينها بسحب سلاح الحزب، لا بل تمكن الحزب من تنفيذ انقلابات متعددة، عزز بموجبها نفوذه السياسي والأمني والعسكري والمالي في لبنان. وهو ما بدأ بالتراجع بعد الضربات التي تلقاها إثر الحرب الإسرائيلية الأخيرة. يأتي ذلك على  وقع التحولات التي تشهدها المنطقة والإصرار الأميركي الإسرائيلي على تغيير كل الوقائع، وإعادة فتح الباب أمام الاتفاقات الابراهيمية أو اتفاقات السلام والتطبيع، أو اتفاقات الترتيبات الأمنية. وهو ما يُراد له أن ينسحب على لبنان بفعل الضغوط السياسية والعسكرية. 
 
هذه الوقائع، يستعيد معها بعض اللبنانيين تجربة العام 1982 والاجتياح الإسرائيلي وما بعده، وصولاً إلى توقيع اتفاق 17 أيار مع إسرائيل، وفيما بعد الاطاحة بهذا الاتفاق من قبل القوى المعارضة في انتفاضة 6 شباط. هناك كثر يريدون استعادة تلك التجربة أيضاً، مع اختلاف الظروف والوقائع بشكل جذري، لا سيما أنه في تلك الفترة كانت كل القوى مسلحة ولديها خطوط إمداد، وكان هناك الاتحاد السوفييتي والقوى الفلسطينية التي تتمتع بفعالية سياسية وعسكرية، وكانت الثورة الإيرانية في أوجّهاا، كما أن سوريا لعبت دوراً أساسياً في كل الوقائع. اليوم هناك انقلاب جذري على كل تلك الظروف بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة على المنطقة، ولذلك لا يمكن الارتكاز إلى أي تجارب سابقة أو إسقاطات تاريخية.
 
وضوح وتصعيد
 
الأكيد أن لبنان وصل إلى مرحلة دقيقة جداً، بلغ فيها موقف الحكومة اللبنانية درجة عالية من الوضوح، فيما بلغ موقف حزب الله مرحلة متقدمة جداً في التصعيد. لذا لا يمكن التنبوء بما ستحمله التطورات، بينما الجميع يراهن على ما سيقره الجيش اللبناني في خطته، وسط محاولات من قبل حزب الله للتعديل عليها، ولتكون واقعية وتتماشى مع بعض متطلباته، لجهة الحديث عن استراتيجية دفاعية، وعدم الالتزام بمهل زمنية. لكن ذلك سيقابله المزيد من الضغط الخارجي على لبنان لمواصلة تطبيق الخطة بحذافيرها. وهو ما قد يضع البلاد على فوهة انفجار. من هنا فإن الرهان الآخر هو على نافذة يمكن أن تفتحها المفاوضات الإيرانية الأميركية. 
 
صحيح أن نعيم قاسم ترك الباب مفتوحاً أمام التفاوض، ولكن من البديهي بالنسبة إلى حزب الله أن ينطلق في تفاوضه من سقف مرتفع، وقد يصل ذلك إلى النقاش في اتفاق الطائف او تعديله. 
 
ما لا يمكن إغفاله في هذا المجال أيضاً، هو الإصرار الإسرائيلي على استفزاز لبنان يومياً، إما من خلال زيادة التصعيد العسكري، او توسيع نقاط التمركز في جنوب لبنان وتوسعة المواقع التي يحتلها الإسرائيليون، وإقامة ما يشبه مدرج مطار في تلة الحمامص، بالإضافة إلى الزيارات المتكررة لقادة عسكريين إلى جنوب لبنان. وهو ما يشير إلى أن تل أبيب لا تزال في مكان بعيد عن المسار الذي تحاول واشنطن أن تكرسه انطلاقاً من التعاون مع الحكومة اللبنانية، خصوصاً عندما يتحدث الإسرائيليون عن رفض دخول الجيش اللبناني إلى النقاط التي يحتلونها بعد انسحابهم، أو الكلام العلني عن الإصرار في  المضي قدماً لمنع حزب الله من إعادة بناء قوته.