Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Sep-2019

حزب الله يستعد للحرب القادمة مع إسرائيل

 الغد-سولومي أندرسون* – (فورين بوليسي) 4/9/2019

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
على الرغم من سيادة حالة من توقف الأعمال القتالية، يعتقد مقاتلو الميليشيات والخبراء أن حزب الله وإسرائيل ربما يسيران متعثِّرَين نحو أول صراع شامل بينهما منذ العام 2006.
 
* *
وادي البقاع، لبنان- مدَّ هلال ساقيه على كرسي بلاستيكي في الشرفة خارج منزله، بالقرب من قاعدة حزب الله العسكرية في الهرمل، لبنان. وحتى في أواخر الصيف، يتميز الهواء الليلي هنا بلذعة جافة، وتنقِّط النجوم صفحة السماء فوق التلال الحمراء التي تفصل البلد عن سورية المجاورة.
ولكن، على الرغم من وضعيته التي تبدو مريحة، فإن هلال، مثله مثل مقاتلي حزب الله الآخرين الذين قابلتهم مجلة “فورين بوليسي”، والذي طلَب تغيير اسمه، كان يشعر بأي شيء سوى الاسترخاء. وقد التمع مسدس بقبضة عاجيّة على وركِه. وأشار إلى حيث ترتفع قمم التلال في الأفق ليس بعيداً عن منزله.
“هل تستطيعون رؤية كل تلك الجبال؟” سأل. “كل هذه المنطقة مليئة بالصواريخ. إنها جميعاً في حالة استعداد. كل يوم، نأتي بها وننشرها هنا. تلقينا تعليمات بعدم انتظار أوامر (بالإطلاق). في أي دقيقة، أو مع أي رصاصة، الرجال لن ينتظروا”.
هلال، أحد مشغلي الصواريخ، هو واحد من العديد من مقاتلي حزب الله في شرق البقاع الذين أخبروا مجلة “فورين بوليسي” خلال رحلة قمنا بها مؤخراً إلى لبنان، أنهم يستعدون لاحتمال اندلاع أول حرب كبرى مع إسرائيل منذ 13 عاماً. ويأتي هذا في أعقاب القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤخراً بخرق اتفاق غير معلن على عدم ضرب حزب الله في بلده. وفي 25 آب (أغسطس)، بعد يوم من قيام إسرائيل بقتل عضوين من حزب الله في ضربة ضد أهداف في سورية، والتي زعمت الحكومة الإسرائيلية أنها مواقع تقوم فيها القوات المرتبطة بإيران بالتحضير لهجوم قاتل بالطائرات من دون طيار على الدولة اليهودية، تم عبور ذلك الخط الأحمر عندما انفجرت طائرة إسرائيلية مسيَّرة بالقرب من مكتب حزب الله الإعلامي في الضاحية، وهي حي مترامي الأطراف في الضواحي الجنوبية لبيروت، والذي تسيطر عليه المجموعة إلى حد كبير.
ويوم الثلاثاء، في بيان لوسائل الإعلام مصحوب بصور الأقمار الصناعية، اتهمت إسرائيل حزب الله ببناء مصانع للصواريخ دقيقة التوجيه في قرية ليست بعيدة عن منزل هلال.
مباشرة بعد انفجار المسيّرات في لبنان، قيل إن إسرائيل قتلت أيضاً قائداً لميليشيا تدعمها إيران في العراق. وفي اليوم التالي، أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الوطنية بأن طائرة إسرائيلية من دون طيار ضربت قاعدة تستخدمها ميليشيا فلسطينية متحالفة مع حزب الله في شرق البقاع، وهي ثاني غارة جوية تشنها مسيّرة داخل لبنان في غضون يومين. وبدا أن هذه الاستفزازات الرباعية تشير إلى حسابات جديدة في حرب الظل الطويلة التي شنتها إسرائيل على إيران والقوات العسكرية المدعومة من طهران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقال سيث جونز، مدير مشروع التهديدات العابرة للحدود في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وهو مؤسسة فكرية مقرها واشنطن: “يشكل هذا جزءاً من نمط متصاعد من الضربات التي يشنها الإسرائيليون ضد الأهداف والأنشطة (الإيرانية) في سورية والعراق، ولبنان أيضاً كما هو واضح”.
يوم الأحد، رد حزب الله بإطلاق عدة صواريخ مضادة للدبابات على قاعدة عسكرية إسرائيلية ومركبات في شمال إسرائيل. وزعمت المجموعة أن العديد من الجنود الإسرائيليين قُتلوا أو أصيبوا في الهجوم، لكن إسرائيل نفت بشدة وقوع أي إصابات وردت بقصف المنطقة التي نشأ منها الهجوم في جنوب لبنان. وأظهرت اللقطات اللاحقة التي نشرتها محطة تلفزيون تابعة لحزب الله أنه إذا لم تقع إصابات إسرائيلية نتيجة الغارة، فمن المرجح أن لا يكون ذلك بسبب أي براعة عسكرية إسرائيلية خاصة، وإنما بسبب “الكثير من الحظ”، كما قال ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي في تصريحاتهم لوسائل الإعلام الإسرائيلية.
على الرغم مما يبدو توقفاً مؤقتاً في الهجمات والهجمات الانتقامية، فإن تقلبات الحظ يمكن أن تحدد أيضاً ما إذا كانت التوترات ستذهب إلى المزيد من التصاعد. ويقول هيكو ويمِن، مدير مشروع سورية والعراق ولبنان في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة غير حكومية تعمل على منع نشوب الصراعات العالمية، إنه على الرغم من أن إحدى النتائج المحتملة ستكون العودة إلى الوضع الراهن، فإن أي سوء تقدير يمكن أن يشعل فتيل حرب.
وأضاف ويمِن: “إنها أشبه بلعبة الانطلاق إلى التصادم وتفاديه في آخر لحظة، ولذلك إذا رمشتَ فإنك ستفقد وجهك. وإذا فقدت وجهك، فربما يمكن إصلاحه، لكنك إذا اغمضت عينيك كثيراً، فربما تفقد شيئاً ما فعلاً. وإذا لم ترمش حتى اللحظة الأخيرة، فإنك لن تتمكن من تجنب الصدام. ربما لا تكون راغباً في ذلك، ولكن في مرحلة ما لا يمكن التحكم في الأمور”.
هذا بالضبط هو السيناريو الذي يقلق آموس يادلين، الرئيس السابق لمديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من احتمال أن يؤدي هذا الواقع إلى اندلاع صراع شامل آخر. وقال يادلين: “الحرب القادمة ستكون مدمرة للجانبين، ولهذا السبب يريد الجانبان تجنبها. (ومع ذلك)، حتى من دون التخطيط لخوض حرب واسعة النطاق، فإننا يمكننا أن نجد أنفسنا هناك.”
حتى الآن، تركز الكثير من قوة حزب الله على القتال إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، وهو حليف آخر لإيران، في الحرب الأهلية السورية. ولكن، مع خفوت حدة ذلك الصراع وذهابه إلى نهاية، يشير مقاتلو حزب الله إلى أنهم أكثر من مستعدين لتجديد أعمالهم القتالية القديمة ضد الإسرائيليين المكروهين -حتى لو حدث ذلك عن طريق الصدفة.
وقال هلال وهو يطفئ سيجارته: “نحن دائماً في حالة حرب. لقد كنا في حالة حرب منذ العام 2006. وخلال هذا الوقت، كنا نحن نستعد، وكانوا هم يستعدون أيضاً”.
في هذا الجزء من البقاع، حيث لحزب الله تواجد كبير، ترفرف في معظم الشوارع الأعلام الصفراء التي تميز المجموعة المسلحة والحزب السياسي المدعوم من إيران، إلى جانب الملصقات المبتسمة لحسن نصر الله، زعيم حزب الله الذي يتمتع بالكثير من التوقير. وهذه المنطقة هي المكان الذي يحتفظ فيه حزب الله بالكثير من أسلحته الأكثر تطوراً، وهي ترسانة مذهلة من الصواريخ التي راكمتها المجموعة بعناية ودقة تحسباً لنشوب صراع آخر مع إسرائيل، التي تحدّ لبنان من الجنوب.
ويقال إن صواريخ حزب الله، التي يُقدر عددها في مكان ما بين 40.000 إلى 150.000، تفوق قدرات الأسلحة في معظم الدول ذات السيادة. وهي جزء من السبب وراء تطور المجموعة بنجاح من مجموعة فضفاضة من الميليشيات الشيعية اللبنانية المسلمة التي اندمجت خلال الثمانينيات بمساعدة إيران، في أعقاب واحدة من عدة غزوات إسرائيلية للبلد، لتصبح أقوى فاعل مفرد جيد التسليح من غير الدول في العالم. ومن خلال مزيج من القوة العسكرية والدهاء السياسي، تمكن حزب الله أيضاً من تأمين أغلبية في الحكومة اللبنانية، بحيث يؤثر على جزء كبير من السياسة الداخلية للبلاد.
لكن السياسة قد تحتل الآن مقعداً خلفياً لتعطي الصدارة للعسكرة المتجددة، والتي تحمل أصداءاً مقلقة لتموز (يوليو) 2006 -آخر مرة اندلعت فيها أعمال قتالية بين المجموعة والدولة العدوة في صراع مفتوح، والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 1.300 لبناني مقابل ما يقل عن 150 قتيلاً إسرائيلياً فقط.
لا يُنظر على نطاق واسع إلى حرب لبنان في العام 2006 على أنها كانت انتصاراً لإسرائيل، التي كانت قد أُجبرت أساساً على الانسحاب من جنوب البلد نتيجة لنجاح تكتيكات حزب الله الفدائية، وكذلك الآلاف من الصواريخ التي أطلقتها المجموعة الشيعة عبر الحدود. وقد أعلن حزب الله عن انتصاره وسوَّقه من دون توقف خلال السنوات التي تلت ذلك، في حين واصل بناء ترسانته من الصواريخ. وبعد اندلاع الحرب الأهلية السورية قبل ثماني سنوات، تم نقل الكثير من هذه الترسانة إلى لبنان عبر سورية.
في محاولة للتدخل من أجل تعطيل هذا التعزيز للقوة، ضربت إسرائيل قوافل الأسلحة والمواقع العسكرية التابعة لحزب الله في سورية عشرات المرات في السنوات الأخيرة، ولكن يبدو أن نتنياهو أصبح على استعداد الآن للتصعيد إلى لبنان المجاور. وقد تعهد نصر الله بالانتقام من إسرائيل بسبب هذه الاستفزازات في خطاب درامي ألقاه في أعقاب هجوم المسيّرات في الضاحية، وأوفى بهذا الوعد يوم الأحد، منشئاً أخطرَ تبادل لإطلاق النار بين الجانبين منذ كانون الثاني (يناير) 2015، عندما قتل حزب الله جنديين إسرائيليين بصاروخ مضاد للدبابات بعد مقتل العديد من قادة المجموعة في غارة إسرائيلية على سورية.
في أعقاب ضربة حزب الله الانتقامية يوم الأحد، قال نتنياهو، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع الإسرائيلي، إن بلده سينتظر الخطوة التالية لحزب الله قبل اتخاذ المزيد من الإجراءات. وقال في بيان: “سوف نبتّ بشأن الخطوات التالية في انتظار التطورات”.
وأجاب نصر الله بخطاب يوم الاثنين قائلا إن هذه الفورة قد انتهت، لكنه أعلن أن “مرحلة جديدة” من الصراع قد بدأت، حيث يسمح حزب الله للمقاتلين في الميدان باستهداف الطائرات الإسرائيلية المسيّرة التي تحلق فوق لبنان. وبدا أن التوترات ستهدأ مؤقتاً -حتى إعلان يوم الثلاثاء بشأن مصانع حزب الله المزعومة للصواريخ في البقاع، الذي أشار إلى أن المزيد من المواجهات ربما تكون قادمة على الطريق.
شكل ضبط النفس الظاهري لنتنياهو في أعقاب هجوم حزب الله الصاروخي خروجاً صارخاً عن سلسلة الإجراءات الإسرائيلية خلال الأسبوع السابق. وذكرت التغطية الإخبارية لضربة المسيَّرات في الضاحية، والتي نُسب مصدرها إلى مسؤولي الاستخبارات، أن إسرائيل كانت تستهدف عملية تصنيع صاروخ موجه بدقة هناك، لكنّ الهجوم الإسرائيلي بالمسيرات، بحسب ستة مصادر من حزب الله تحدثت إلى مجلة “فورين بوليسي”، كان محاولة اغتيال فاشلة ضد واحد أو أكثر من قادة حزب الله رفيعي المستوى.
في الضاحية، وصف علي، وهو قائد وحدة من القوات الخاصة التابعة لحزب الله والناشطة في سورية، ما عرفه عن الهجوم، متجاهلاً طبَق الطعام الذي تم إعداده على عجل ووُضعَ أمامه.
قال علي: “كان هناك غرضان (من هجوم الطائرات من دون طيار). الأول هو اختبار المياه، لكن (الإسرائيليين) كانوا يحاولون النيل من شخص مهم للغاية في حزب الله، وأنا أعلم هذا كحقيقة”. وسخر من التقارير التي تفيد بأن هدف إسرائيل من الضربة كان استهداف موقع لصناعة الصواريخ الموجهة الدقيقة. وقال: “حسناً، نستطيع مشاهدة توم وجيري ونقول إنها قصة حقيقية. نحن تحت النار؛ وقد ضربَنا الإسرائيليون في منزلنا، في الضاحية. والآن، سوف نقوم بالرد”.
وأضاف، بابتسامة قاتمة: “نحب أن نكون شهداء وأن نلاقي الله. عندما نموت، نؤمن بأنه سيتم تقييمنا من خلال أفعالنا، وإذا كنا جيدين، فإننا سوف نعيش إلى الأبد. هناك فرق بين الإسرائيليين الذين ينتظرون خائفين من الموت، وبيننا نحن الذين نركض نحوه”.
كما وصف العديد من مصادر حزب الله الهجوم الإسرائيلي بأنه محاولة اغتيال فاشلة. وسأل مسؤول محلي في حزب الله في منزله في بلدة بالقرب من الحدود الإسرائيلية: “لماذا يكذب الإسرائيليون الآن، ويقولون إنهم كانوا يضربون مصنعاً للصواريخ عالية الدقة؟ لقد حاولوا استهداف اجتماع رفيع المستوى، ولو أن (هدفهم) قُتِل، لكانت الحرب قد بدأت على الفور”.
لكن حنين غدار، الزميلة الزائرة بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهي مؤسسة بحثية أخرى مقرها واشنطن، قالت إن إسرائيل أصبحت قلقة بشكل متزايد من تطوير حزب الله صواريخ عالية الدقة خلال السنوات القليلة الماضية، وهذا القلق يتناسب مع ادعاءات استهداف مثل هذا المرفق في الضاحية.
وقالت غدار: “كان (حزب الله) ينقل الكثير من مصانع الصواريخ الدقيقة إلى لبنان. إسرائيل لا تريد أن تبدأ حرباً مع حزب الله في لبنان. وهو شيء يحاولون هُم (حزب الله) تجنبه أيضاً… لكن حزب الله يواصل نقل مجموعات من أجهزة تحديد الموقع الجغرافي، GPS، إلى لبنان ويعمل على بناء هذه المنشآت، لذلك وسع (الإسرائيليون) استراتيجيتهم السورية إلى العراق… وفي لبنان، شنوا هذا الهجوم الواحد فقط، وكان ضد شاحنة تحمل الكثير من هذه المعدات والمواد”.
وبحسب رندة سليم، الزميلة الرفيعة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، فإن هجوم الضاحية، بغض النظر عن غرض إسرائيل منه، يشكل بالنسبة لحزب الله انتهاكاً خطيراً لقواعد الاشتباك.
وقالت سليم: “بالقدر الذي يهم حزب الله، فإن إسرائيل ظلت تفلت بالكثير من الأفعال لفترة طويلة. وعند نقطة ما، اضطروا إلى اتخاذ قرار بالرد… أعتقد أنهم يشعرون بأنهم إذا لم يرفعوا كلفة هذه الأفعال على إسرائيل، فإن إسرائيل لن تتوقف وستشعر بعدم وجود شيء يردعها عن التوسع أكثر والتسبب بالمزيد من الضرر لمصالحهم”. وأضافت سليم: “حتى الآن، كان (حزب الله) يفكر دائماً في عوائد الانتقام مقابل تكلفة الانتقام. وقبل ذلك، كانت الفوائد أقل بكثير من التكلفة، بالنظر إلى كل ما كانوا منخرطين فيه، وخاصة في سورية. ولكن، مع انتهاء الحرب في سورية، أعتقد أن تلك الحسابات قد تغيرت”.
قد تلعب سياسة الولايات المتحدة تجاه حزب الله -الذي تعتبره الحكومة الأميركية جماعة إرهابية- دوراً في هذه الحسابات المتغيرة أيضاً. ويقال إن العقوبات القاسية التي فرضتها إدارة ترامب على النظام المصرفي اللبناني ألحقت الضرر بتمويلات المجموعة، وربما دفعتها إلى زاوية يُرجح أن تصعِّد الصراع منها. ووفقاً لهلال، مشغِّل الصواريخ في سهل البقاع، فإن التفكير في صفوف حزب الله هو أنه إذا اندلعت الحرب، فإن راعية الحزب، إيران -على الرغم من مواجهتها عقوبات شديدة أيضاً- سوف تنبش أعمق قليلاً في جيوبها من أجل المجموعة.
وقال هلال: “عندما تندلع الحرب، يتغير الوضع لصالحنا. المال سيأتي من كل مكان، من جميع حلفائنا”.
لكن مقاتلي حزب الله الآخرين يرفضون فكرة أن العقوبات الأميركية تؤثر على القرارات العسكرية للمجموعة. وقال هشام، وهو قائد كتيبة دبابات تابعة لحزب الله، والذي تقاسم مع فريق “فورين بوليسي” لقطات قتالية من سورية قبل الانتقال إلى عرض صور حديقة في منزله في الجبال، وأرانا بفخر صوراً لطاولته الخارجية المصنوعة يدوياً والفواكه والخضروات الطازجة التي يزرعها: “يعتقد الأميركيون أن حزب الله لا يُبلي حسناً من الناحية المالية، لكن حزب الله بخير”.
وقال ضاحكاً: “إيران ستعتني بنا دائماً وتتعهدنا بنفس الطريقة التي أتعهد بها حديقتي”.
يعتقد جونز من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بأنه على الرغم من أن العقوبات الأميركية قد أثرت على حزب الله، إلا أن احتمال كونها قد حدّت من قدرات المجموعة بشدة يظل ضئيلاً. ويقول: “على المدى القصير، لا أعتقد أن العقوبات كان لها تأثير ملحوظ على قدرة (حزب الله) على العمل. أعتقد أن الحرب ستؤدي بالتأكيد إلى زيادة العقوبات، والتي يمكن أن تضر بموقفهم أكثر من أي شيء آخر”.
في الواقع، باستثناء الاستمرار في معاقبة المجموعة، ليس من الواضح تماماً أين ستقف الولايات المتحدة في حالة نشوب حرب مباشرة بين إسرائيل وحزب الله. من المؤكد أن الولايات المتحدة ستكون قلقة من احتمال نشوب صراع مفتوح بين إسرائيل، الحليف الوثيق، وإيران، التي كانت في مركز الخطاب العدائي المتزايد لإدارة ترامب في الأشهر الأخيرة، بينما تندلع التوترات بشكل دوري في الخليج الفارسي.
يقول جونز: “هناك علاقة بين الولايات المتحدة والأجهزة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، ولذلك، من المؤكد أن الولايات المتحدة ستوفر بعض المساعدة للإسرائيليين، بما في ذلك تحديد مجموعات الأهداف”. لكنه أضاف أن كلاً من الإدارة والكابيتول هيل سيضغطان بقوة من أجل حل أي صراع. وقال: “أظن أنها ستكون هناك ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة على كل من الكابيتول هيل والبعض في البيت الأبيض، ربما بمن فيهم الرئيس، الذي أظهر حتى الآن أنه غير مهتم حقاً بخوض حرب، خاصة مع إيران”.
لم يذهب اتجاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تجنب نشوب صراع أوسع من دون أن يلاحظه أعضاء حزب الله. وفي منزل آخر بالقرب من قاعدة المجموعة في الهرمل، جلس مجموعة من مشاة حزب الله أثناء استراحتهم لاحتساء الشاي وتدخين النرجيلة ووجوههم مغطاة بالأقنعة والرشاشات على جنوبهم. وتحدث أحد المقاتلين، وهو ملتحٍ بوشم معقد يتلوى على ذراعه، بإنجليزية طليقة وتولى معظم الحديث.
وقال المقاتل: “الأميركيون سيلعبون دورهم تحت الطاولة. ترامب أحمق. لا أحد يعرف ماذا سيفعل. سوف تقف أميركا خلف إسرائيل، لكنني لا أعتقد أنه سيتدخل في لبنان، لأن إيران يمكن أن تتدخل، وهو لا يريد الحرب مع إيران”.
في أعقاب الهجوم الصاروخي الذي شنه حزب الله على الموقع العسكري الإسرائيلي يوم الأحد ورد فعل إسرائيل المخفف نسبياً عليه، ثمة فرصة لتوقف هذه الجولة من الأعمال القتالية الآن، على الرغم من أن إعلان إسرائيل يوم الثلاثاء بشأن عمليات تصنيع الصواريخ الدقيقة في البقاع يشكل علامة على أن الصراع بعيد عن الحل. ووفقاً لمسؤول حزب الله المحلي في جنوب لبنان، فإنه يتوقع أن يستقر الوضع في الوقت الحالي.
وقال المسؤول الذي كان يتحدث بينما تجلس ابنته البالغة من العمر خمس سنوات في حضنه: “سوف يكون هجوم حزب الله مكافئاً للهجوم الإسرائيلي. سوف يوجه حزب الله ضربة محسوبة… ليس من مصلحتنا الدخول في حرب مع الإسرائيليين الآن، لكننا نستعد للأسوأ. ليس هناك حتى جندي واحد في حزب الله لا يتواجد في موقعه العسكري في الوقت الحالي”.
إذا اندلعت حرب، يقول المحللون إنه من غير المرجح إلى حد كبير أن يتم احتواء الصراع ليقتصر على لبنان وحده -بالنظر إلى وجود المجموعات الإيرانية بالوكالة في كل من سورية والعراق واليمن -مما يزيد من المخاطر بالنسبة لجميع المعنيين.
وقال جونز: “إذا قارنت هذا الوضع بالصراع الأخير، فإن من شبه المؤكد أن يكون هذا الصراع أكثر تدميراً وأوسع نطاقاً. أنا أجد صعوبة في تصديق أن هذا الصراع الجديد سيكون مقصوراً على إسرائيل ولبنان… هذا وضع أكثر خطورة بكثير مما أعتقد أننا رأيناه في أي وقت مضى على الحدود الإسرائيلية اللبنانية”.
في استراحة شرب الشاي في الهرمل، وافقت مجموعة المقاتلين من حزب الله على هذا التقييم.
وقال المقاتل الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة: “هذه الحرب لن تكون فقط بين إسرائيل وحزب الله، سيكون لبنان وسورية في المنطقة الحمراء، لكن هناك الحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق. بالتأكيد ستنتشر هذه الحرب، لكن (الإسرائيليين) ما كانوا ليفعلوا ما يفعلونه لو أنهم لم يكونوا يريدون رد فعل. ما كانوا ليهاجموا الضاحية بالمسيّرات إذا لم يكونوا يريدون الحرب. إنهم يريدون حرباً، ونحن جاهزون لها… إننا معتادون على المعاناة هنا، لكننا سنجعلهم يعانون الآن”.
عندئذٍ، تدخل في الحديث مقاتل صبياني المظهر، ذو شعر بني فاتح مجعد يطل من تحت القناع الذي يغطي وجهه.
قال: “(الإسرائيليون) لم يخوضوا حرباً حقيقية منذ 2006. ونحن نقاتل في سورية كل يوم. لدينا التدريب والخبرة. وقد تدرَّب الإسرائيليون، لكنهم يفتقرون إلى الجلد والرغبة للحرب”.
*أسهمت آنا آرونهايم في إعداد هذا التقرير.
*نُشر هذا التقرير تحت عنوان: Hezbollah Readies for Next War Against Israel