Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2019

«الأطالِسَة» يغزون شمال سوريا.. أو اردوغان يَستنسِخ سيناريو «قُبرص» - محمد خروب

الراي - تُركيا ستّتولى "تشكيل المنطقة الآمنة" في شمال سوريا،هكذا أعلَن الرئيس التركي في زهو واستكبار,بعد ان منحه الرئيس الاميركي ترمب الضوء الأخضر لاحتلال المزيد من الأراضي السورية,بعد غزوتيه "درع الفرات" و"غصن الزيتون"،وتوكيله من قبل ثلاثي استانا،منطقة خفض التصعيد في إدلب,التي لم يلتزم فيها الوعود التي قطعها للرئيس بوتين,منذ اتفاق سوتشي بينهما في شأن المنطقة منزوعة السلاح في السابع عشر من ايلول الماضي,بل تواطأت أنقرة مع هيئة تحريرالشام/جبهة النصة لتصفية حلفائها في حركة تحرير الشام ونور الدين الزنكي ومنظمات ارهابية اخرى شغّلتها انقرة لحسابها،حتى دانت جميعها بالولاء لفيلق ابو محمد الجولاني(هيئة تحرير الشام)وحكومة "الإنقاذ" التي شكلها،في انتظار توظيفها "تُركِيّاً" لغزو الاراضي السورية,وتبييض صفحة مُنظمتِه الارهابية بعد إقناعه(لاحِقاً)فكّ ارتباطه بتنظيم القاعدة.

حماسة اردوغان لاستنساخ السيناريو القُبرِصي الذي طبقه رئيس الوزراء التركي الاسبق بولنت اجاويد في العام 1974,عندما دفع بجيشه لاحتلال شمال جزيرة قبرص بذريعة حماية الأتراك القبارصة,وقام بتقسيم الجزيرة مُحتلّاً اكثر من نصفها ومُهجِّراً سكانها القبارصة اليونانيين,مُقيماً فيه "جمهورية" كرتونية,لم يعترِف بها أحد في العالم سوى انقرة.ومع ذلك ما يزال الاحتلال التركي لقبرص مُتواصِلا,وتقوم حكومات أنقرة المتعاقِبة بتعطيل وعرقلة محاولات ايجاد حل سياسي يُعيد الجزيرة (العضو في الاتحاد الأوروبي)وحدتًها ويُخرِج الجيش التركي المُحتلّ من اراضيها.
يوهم اردوغان نفسه ان الضوء الاخضر الأميركي كفيل بمنحه "شيكاً مفتوحاً"لتجسيد حلمه العثماني بتوسيع حدود تركيا حتى خط حمص ـــ كركوك,الذي يزعم احفاد الطورانيين الجُدد,انها الحدود الطبيعية لتركيا,حيث تم اقتطاعها"من تركيا بعد الحرب العالمية الأولى وبخاصة في معاهدة لوزان الثانية (1923,(حتى بعد إبطال معاهدة سيفر (1920 .(وبخاصة بعد أن بات الأتراك مُطمئّنين الى ان لواء اسكندرون قد تم"تتريكه"وبات جزءا من تركيا يحمل اسم"محافظة هاتاي"الذي تنطلق منها جحافل جيش الاحتلال التركي نحو سوريا.
ما سرّبته وكالة "الأناضول" التركية عن "مَسح" اجرته في الشمال السوري على المنطقة "الآمنة",التي رسى العطاء الاميركي على تركيا لإقامتها،يكشف عن حجم وبشاعة وضراوة الحِقد التركي على سوريا,والرامي ضمن امور اخرى الى تقسيمها واحتلال طويل لأراضيها وصولا الى تتريكها,كما يحدث حاليا وبِتسارُع في المناطق التي يحتلّها الجيش التركي في شمال سوريا,بعد غزوتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون"حيث ستشمل المنطقة الآمنة المزعومة مُدناً وبلدات من ثلاث محافظات هي حلب والرقة والحسكة,وتمتد على طول (460(كيلو متراً على امتداد الحدود التركية السورية وبعمق 32كيلومترا (20ميلاً).
عودة الدفء الى علاقات الحليفين الأطلسيين(اذا ما تواصَل التفاهُم الاميركي التركي المستجّد,يؤشر الى بدء مرحلة جديدة قد تطيح كل المعادلات والتحالفات القائمة بما فيها تفاهمات استانا وسوتشي,حتى مع اقتراب موعد قمة ثلاثي استانا المُزمَع عقدها في الثالث والعشرين من الشهر الجاري في موسكو،ولن يكون بمقدور بوتين وروحاني مهما حاولا اللجوء الى لغة ومصطلحات دبلوماسية ناعمة وتطمينات كلامية،صرف النظر عن خطورة هذه الخطوة "الأطلسِية" الخبيثة,التي تنسِف كل المحاولات التي بُذلت لِـ"استرضاء" اردوغان,بهدف الإبقاء عليه في دائرة الدول الثلاث الضامنة.وبخاصة بعد ان منحه الرئيس بوتين المزيد من الوقت للايفاء بتعهداته في شأن إدلب والمنطقة منزوعة السلاح،إلاّ انه واصَل المراوَغة الى ان انتهى المشهد بسيطرة هيئة تحرير الشام/النصرة على كامل المحافظة (اكثر من 80%منها)وشرعَنة "حكومة الانقاذ" خاصتها.بل قال اردوغان في إحدى خطبه اليومية الصاخِبة والمُتغطرِسة: ان تركيا ستغزو شرق الفرات ثم منبج وأخيراً داعِش دون ان يأتي بذكر لـ"مُعضِلة"إدلب.
في السطر الأخير.. يُمكن معرِفة الأطماع التركِية المُعلنة في الشمال السوري,عبر التدقيق في ما تنطوي عليه تصريحات الرئيس التركي والناطق باسمه ابراهيم قالن:اذ يقول اردوغان في معرض استمالَته ومغازلتِه دول الاتحاد الاوروبي كي تؤيد مشروعاً خطيراً كهذا (المنطقة الآمنة):إن توفير الدعم "المالي"من قِبل شركائنا في"التحالف"يُمكّننا من انشاء هذه المنطقة الآمنة،وهذا من شأنِه ان "يُوقِفَ الهجرة").فيما ذهب ابراهيم قالن بعيداً في الزعم(اقرأ للكذب):ان اقامة المنطقة الآمنة "ليس من أجل تركيا,بل من أجل المُهاجرين".
وهنا ايضا يجدر التوقّف عند الموقف الذي أعلنته مصادر كُردية سورية (قوات قسد),والذي يتسّم بالمراوغة هو الآخر,عندما لم يرفضوا علناً المُقترح الأطلسي..الاميركي التركي,باقامة منطقة آمنة في شمال سوريا.بل هم (كُرد سوريا)"اشترطوا"الموافقَة عليها بوجود"قوات دولية مسؤولة عنها,تحت رعاية الأمم المتحدة"ما يثير الشكوك في صدقية هؤلاء إزاء حوارِهم"المُتقطِّع" الذي جرى مع دمشق.
kharroub@jpf.com.jo