الغد-معاريف
بقلم: يونتان مشعل
قمت بخدمة الاحتياط في سديه تيمان. حرست النخب ونظرت إليهم في العيون – كان هذا مغيظا.
فهل أثناء الحراسات الليلية طرأت على بالي أفكار عن ثأر منفلت العقال على نمط "ملاعين عديمي الشرف"؟ بالتأكيد. غير أن الحياة ليست فيلما هوليووديا والدولة لا تدار بالشعارات. دافيد بن غوريون لم يتردد حين أمر بتفكيك التنظيمات السرية، انطلاقا من فهم تاريخي عميق في عظمة اللحظة وفي جوهر دولة يهود سيادية وجيش نظامي مؤتمن على حمايتها.
عندما صعدنا للحراسة الأولى في المعتقل في بداية شهر آذار (مارس)، في ذروة المعركة في خان يونس قال لنا قائد السرية: "هذه وضعية مجنونة وقاسية، لكننا هنا كي يتمكن القتال في غزة من الاستمرار دون عراقيل. في النهاية فإن تحرير المخطوفين يمر أيضا بالطريق الذي يعالج فيه الحدث هنا وينظر إليه بعيون دولية".
أن يقف المرء هناك، على مسافة لمسة ممن ذبحوا إخواننا وأخواتنا، كان أمرا صعبا على الاحتمال. لكن ما يفهمه كل ذي عقل ارتدى البزة بحياته يرفض تسفي سوكوت أن يستوعبه، وهذا مضحك، لأنه على مدى عشرة أشهر هو ورفاقه يشرحون لنا أنه ببساطة "محظور إعطاء جائزة للسنوار" – تارة هذا ضد المظاهرات، تارة أخرى ضد صفقة المخطوفين وتارة ضد لجنة التحقيق.
إذن قولوا، اقتحام مغطى إعلاميا لنواب إسرائيليين إلى قاعدة عسكرية يفرح السنوار أم لا. هل انتقلتم إلى ذاك الجانب في الصهيونية الدينية؟
في هذه الأثناء، في كون موازٍ، المسؤول الجديد عن إعمار الشمال اللواء احتياط تشايني اعترف أول من أمس في نقاش للكنيست – انتبهوا – بان "لا توجد أي هيئة في دولة إسرائيل تعرف أين كل المخلين".
أين العلاقة؟ الجواب بسيط: إذا كان ثمة شيء ما يفترض به أن يخرج منتخبي الجمهور لدينا عن سكينتهم أول من أمس، فهذا هو التسيب الرهيب الذي يعيشه سكان الشمال وليس التنكيل في سديه تيمان.
إذ أحيانا، أحيانا فقط، الحقيقة أيضا هي خيار.
غير أن حكومة إسرائيل الحالية هي عجبة فيزيائية حقيقية. أناس من لحم ودم وزنهم الجاذبي هو صفر مطلق. حكومة فوق طبيعية، تحوم فوقنا وتنظر بلا ابالية إلى مواطنيها اليائسين، بينما هي عميقا في حملة سياسية، تهكمية وعديمة المسؤولية.
لو كانت هنا حكومة تعمل من أجل مواطنيها، فإن عبارة "سديه تومان" ما كانت على الإطلاق لتصعد إلى العناوين. فعلى مدى أكثر من سنة تجاهل الوزير بن غفير عددا لا يحصى من الإخطارات عن ضائقة الحبس – ما أسفر عن الكسوف الذي في إطاره، مع نشوب الحرب، مهام كان يفترض أن تنفذها مصلحة السجون كُلف بها رجال احتياط لم يتأهلوا على الإطلاق لحراسة سجناء.
لكن بن غفير ليس مذنبا، فهو ليس مؤهلا. فليأخذ أحد ما فقط المسؤولية ويطلع من ترك "الأمن القومي" سائبا في يديه.