Saturday 27th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Nov-2017

الوضع الدولي وغياب الشرعية - غازي خالد الزعبي

 الراي - الحرب والسلام ظاهرة وجودية انسانية لا يخلو منها زمان ومكان, فلا حروب مستمرة ولا سلام دائم في ظل صراع بشري يتسم بتشابك المصالح وتعارض المواقف يدور في مجمله حول الارض والثروة, او لحالة ثقافية تاريخية تستلهم العصبية القومية والدينية, وفي غياب القيم الاخلاقية وحسن النوايا في العلاقات الدولية فإن السلام لن يتحقق الا عن طريق توازن القوى الذي يؤدي الى حالة ردع تهيء المناخ لعلاقات حضارية مستقرة على المستوى العالمي.

 
وعلى الصعيد الدولي كان عالم اليوم يتوقع نهاية مفترضة للحقبة الاستعمارية ليراها تطل من جديد على صعيد السياسات الدولية على شكل قرارات عدوانية أحادية الجانب تستخدم القوة المسلحة لفرض الامر الواقع والتهجير القسري مما حول الواقع العالمي الى مكان هش تعمه الفوضى, ويغيب عنه دور الامم المتحدة نتيجة لاجهاض القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن, والتلويح المستمر باستخدام اسلحة الدمار الشامل, وبث الذعر والرعب والارهاب الاعلامي, وتوسيع دائرة القتل والتدمير, واخماد اي حركة نهوض وطني تسعى لاستكمال مشروعها الحضاري الامر الذي زاد من معاناة الشعوب التي تعاني اصلاً من مشكلات قائمة تتعلق بالفقر والجوع والبيئة وغيرها.
 
وفي الوضع الاقليمي برزت مشاريع سياسات توسعية عدوانية لبعض دول المنطقة اوجدت عوامل اضافية لعدم الاستقرار عن طريق العبث بالحدود البينية, واذكاء الصراعات الطائفية والعرقية بايحاء من نظرة متطرفة اوجدت شرخاً عميقاً في علاقات حسن الجوار لا يمكن اصلاحها, والعودة بالاقليم الى حالة القرون الوسطى, كما ظل الصراع العربي الاسرائيلي مصدر قلق لحالة اللا سلم واللا حرب التي بقيت تراوح مكانها دون الوصول الى حل عادل وشامل يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني المتمسك بحقوقه حتى نهاية المطاف.
 
والدول الوطنية على مستوى العالم العربي الاسلامي وجدت نفسها في موقف حرج في ظل هذا التغول العالمي الجديد الذي سوف تفرض نتائجه عليها في نهاية المطاف بعد ان وقف منه موقف المتفرج, والتي دأبت على الدخول في معارك جانبية عبثية, وذهبت بعيداً في اقامة احلاف غير متوازنة بأوهام استراتيجية مضللة هي في الحقيقة علاقات انية موسمية لا يلبث ان ينفرط عقدها تبعاً لظروف ومصالح الدول الاخرى الامر الذي يحتم عليها عاجلاً ام اجلاً البحث عن فضاء وحدوي آمن يفعل الصيغ الامنية والعسكرية, ويعظم الجهد العلمي والعملي والتقني, ويستغل العناصر الاقتصادية المتاحة المؤثرة في توجهات العلاقات الدولية من اجل تحصين مواقعها في مواجهة الاحداث المتوقعة على وقع معطيات الحاضر المعقد.
 
كما ان الجبهات الداخلية لهذه الدول تحتاج الى مراجعة شاملة لتتخلص من حالة اللامبالاة, وطي صفحة الماضي التي تتسم بالمعاناة, واستدراك الاحطاء التي تعيق عملية الاصلاح الشامل, والتطلع الى المستقبل بروح ايجابية تفعل قيم التكافل والعدل الاجتماعي, وصيغ الديمقراطية والحرية, لتعود النخب المختلفة لممارسة دورها في الصمود والتصدي, وصنع وحدة داخلية قوية الروابط قادرة على تحمل المسؤولية الوطنية المشتركة التي تعتبر بحق بوصلة الانقاذ الجماعي.